العراق يحتفي بمئوية نازك الملائكة

  • 5/30/2023
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

في سابقة ثقافية وابداعية نادرة وفريدة تحصل للمرة الأولى في العراق بدلالاته ومؤشراتها الباغة الأهمية، تنفرد صحيفة "المواطن"، بنشر وقائع احتفال العراق بمئوية بمئوية رائدة الشعر العربي الحديث الشاعرة نازك الملائكة التي اقيمت بحضور رئيس الوزراء المهندس محمد شياع السوداني، وجمع غفير من أدباء ومثقفي العراق والوطن العربي، إذ احتضن مسرح الرشيد في العاصمة بغداد، يوم الثلاثاء الرابع والعشرين من آيار/يونيو 2023، فعاليات الاحتفال المركزي بمئوية رائدة الشعر الحر في العراق والوطن العربي الشاعرة العراقية نازك الملائكة، وابتدأ الاحتفال بعزف فرقة سومريات النشيد الوطني، وأغنية "بغداد والشعراء والصور" للفنانة اللبنانية الكبيرة فيروز، وتولى عرافة الاحتفال الذي تضمن فعاليات عدة امتدت ثلاثة أيام الشاعر حسن مجيد، الذي رحب بضيوف العراق، ثم عرج لسرد السيرة الإبداعية والحياتية لنازك الملائكة أم الشعر العربي الحديث، التي كسرت القالب التقليدي للقصيدة العربية مع الرائدين الخالدين بدر شاكر السياب وعبد الوهاب البياتي، مع عدد آخر من الشعراء المجايلين لهم، فحقق هذا الثلاثي العراقي المبدع نهضة ثقافية اقترنت بها تحوّلات عدة في الثقافة والفكر والأدب. وفق المنهاج الرسمي شهد الاحتفال القاء كلمات عدة استعرضت مكانة وأهمية وعطاءات المحتفى بها، حيث ألقى رئيس اللجنة المنظمة للاحتفال المركزي مستشار رئيس الوزراء للشؤون الثقافية الشاعر الدكتور عارف الساعدي كلمة قال فيها:" لم يكن يتوقع السيد صادق الملائكة أن ابنته التي ولدت في عام 1923 ستمر مئة عام ويحتفل العراق كله والعالم العربي بتلك اللحظة لحظة الولادة، لن يصدق أبداً ولن يتخيل هذا الحدث اطلاقاً ولكننا نقول له نم قرير العين إن تلك القصائد التي كنت تسخر منها حين تكتبها ابنتك الصغيرة قد أصبحت قبلة يحج لها المثقفون وعالماً يطوف حوله المريدون، تلك القصائد التي كتبت في بيت من بيوت أزقة الكرادة قد دخلت بعد سنوات لكل بيوت العالم العربي، فلم يبق طالب من طلاب عالمنا العربي إلا ومر عليه اسم نازك الملائكة، ولم يبق واحد منا إلا وحفظ قصيدة "الكوليرا" وعرف ماذا تعني هذه المرأة الشاعرة والمفكرة. تلك المرأة التي كسرت مقولة العرب حين كانوا يقولون "إذا صاحت الدجاجة صياح الديك فاذبحوها" لهذا نحتفي اليوم ونحتفل ونراجع ونفحص منجز الراحلة الكبيرة نازك الملائكة، وهذا يحدث كما أظن للمرة الاولى أن تحتفي الدولة العراقية من أعلى هرم في السلطة حتى طلاب الصف الأول الابتدائي بشخصية عراقية مؤثرة في المجتمع كنازك الملائكة. نازك أم الشعر العربي ورفيقته وفاتحة حداثتنا وتحولاتها، بها وبرفاقها افتتح الشعر العربي أوسع نوافذه وبتمردهم ولدت بلاغات جديدة ونبت أفق مغاير للتفكير السائد..فشكراً يا نازك،أمنا التي ربتنا قصائدها وعلمتنا كتبها وأهدت بصيرتنا مواقفها. شكرا أيتها النخلة العراقية التي ولدت ورحلت والأضواء تلاحقها وهي تختفي عنها بصمت، انها بلاغة الصمت العظيم تلك البلاغة التي لا يجيدها إلا العظماء المتعالون على الضوء والضجيج.. شكرا دولة الرئيس وأنت ترعى هذا الحفل وتصر على حضورك بنفسك ولا تترك هذه المناسبة إلا ولك كلمة فيها وبصمة هي في وجدان الثقافة العراقية. شكراً ضيوفنا الكبار العرب الذين شاركونا احتفالنا بهذه المئوية.. شكراً أدباء ومثقفو العراق الذي حجوا لدار السلام من كل محافظات الوطن العزيز.. شكراً اتحاد الادباء والكتاب في العراق ذراع الثقافة المهم الذين لم يبخلوا معنا بجهد ومتابعة..شكراً وزارة الثقافة العراقية بدوائرها وكوادرها كافة..شكراً مدير عام دائرة السينما والمسرح أخي الدكتور أحمد حسن موسى وهو يعمل بيده حتى فجر هذا اليوم لإنجاح الفعالية.. شكراً فرقة سومريات وقائدها علاء مجيد.. شكراً الفنانتين شذى سالم وهند كامل..شكراً مدينة الفن لإنتاجها الفيلم الخاص بنازك الملائكة..شكراً شركة إيرثلنك الذين رعوا هذه الفعالية بجد وإخلاص ومحبة.. شكراً قناة العراقية على متابعتها وتغطيتها.. شكراً لكل وسائل الاعلام العراقي والعربي على جهودهم معنا.. شكر خاص لمكتب رئيس الوزراء ومراسم الرئاسة على الحرص والدقة والتفاني بانجاح العمل. كلمة العائلة وألقى كلمة عائلة الشاعرة الكبيرة نازك الملائكة ابن شقيقتها الأستاذ سؤدد عوني المفتي قال فيها: محدثكم نجل شقيقة الشاعرة نازك الملائكة سؤدد عوني المفتي، أحضر وشقيقتي د. ديار عوني المفتي هذا الحفلَ الكريم ممثلينِ عن والدتنا الأديبة السيدة سها الملائكة صغرى أشقاء الشاعرة نازك الملائكة، إذ أعاقها المرض عن الحضور. جدير بالذكر أن والدتي السيدة سها الملائكة كانت قد أقامت مع الشاعرة نازك الملائكة طوال ثلاثين عاماً في دار واحدة في شارع أبو قلام في الكرادة الشرقية وهي الدار التي انطلقت منها أول قصيدة في الشعر الحر وهي قصيدة "الكوليرا" وقد تعهدت الشاعرة نازك بتربية والدتي وتوجيهها أدبيا وشعرياً وفنياً وموسيقياً طوال تلك الفترة، وأرخت لذلك بكتيب صغير أطلقت عليه اسم "سها.. طفولة تتفتح" أشبه ما يكون بدفتر مذكرات كتبتها الشاعرة بخط يدها، يحتفظ بنسخة منه حالياً البروفيسور الدكتور عبد الرضا علي في درج من أدراج مكتبته العامرة.. وقد حرَصت والدتي السيدة سها على توثيق تلك المذكرات بكراس مطبوع يسرُّني أن أضع بعضَها بين أيدي السادة الحضور. ولرُبّ سائل يسألْ عن طبيعة نازك الملائكة الإنسانة لا الشاعرة.. فشعرُها متداول من خلال دواوينها الشعرية المطبوعة وليس صعبا الحصولُ عليه.. أما نازك الإنسانة فلا أحد يعرف عنها شيئاً. وقد حدثتنا والدتي السيدة سها عن خالتي وعن أسلوبها في الحياة، ويسرني أن أفصّل ذلك بالقول : كانت نازك تملك حساً مرهفاً لدرجة أنها وصفت "بالبكّاءة" لسرعة انفعالها وتفاعلها مع الأحداث، كما كان حديثها غايةً في الرقة، على الرغم من صمتها الذي عُرفت به. كما كانت تختزن ذكريات عن طفولة عاشتها في بيت كئيب بالغ في القدم تُوحي بالإنطواء والانكفاء على الذات، ولم تكن تبتسم إلا قليلاً حتى أنها كانت تبدو للناظر وكأنها تختزن عقوداً من الهموم. وكانت عاشقةً لليل البهيم، ولم تكن تحب النهار. كما كانت كثيرةَ التغني ببغدادَ ودجلةَ العذبِ في شعرها.ولم تكن الشاعرة ممن يهتمون بمظهرهم، بل كانت غايةً في البساطة: ثوب بسيط، لكنه عصري أنيق، وحذاء أجلكم الله بغير كعب.. رفيقٌ بالأرض التي يمشي عليها، وكانت تطلق كلماتِها بعفَوية تامة ومن غير تكلف.. ولعل ريادتَها في الشعر كانت الصفةَ الأبرز التي تميزها، فقد عُرف عنها أنها ضاقت بالقيود الكلاسيكية للقصيدة، وتمردت على البحر الواحد الذي كان من أبرز سمات الشعر المسموع في عهد الخليل بن أحمد الفراهيدي، فجددت شكلَ القصيدة وتخلت عن التفعيلة الواحدة واعتمدت كثرة التفعيلات في الشطر الواحد من القصيدة بدلاً من التفعيلة الواحدة في الشعر العموديّ.. وقد كان الشعرُ في حياة الشاعرة قضيةً ومبدأً قبل أن يكون إبداعاً، لذا فقد رفضت أن تبذل كلماتها في مدح الحكام .. وبعد، فيجدر بي في هذا الحفل الكريم أن أشيدَ بالموقف العظيم لدولة رئيس الوزراء الأستاذ محمد شياع السوداني الذي أصدر توجيهاته الكريمة بإقامة مئوية ولادة عاشقة الليل في جميع مدارس العراق، وهي بادرة رائدة لم يسبقه إليها أحد. ولعلّي في غنىً عن التذكير بأنها نالت مؤخراً صفةَ أبرز شخصية لعام 2023 من المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم "الأليكسو" ناهيك عن كونها كانت الشاعرةَ الوحيدة بين الشعراء العرب الذين ورد اسمهم في "الانسكلوبيديا" البريطانية، ويكفيها هذا فخراً وعرفانا بمسيرتها الشعرية والتنظيرية التي فاقت كل تصور.. كلمة الاتحاد العام للأدباء والكتّاب في العراق وألقى الشاعر عمر السراي/الأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق فيما يأتي نصها: إنّه لشرفٌ كبيرٌ اليوم، أن أقف بين أيديكم متحدّثاً باسم أرباب الكلمة الحرّة والأصيلة، الذين جادوا بعملهم من أجل مسيرة ثقافية مهنية ومثابرة، تخدم الوطن وتُعلي شأنه. فأن نكون في بغداد محتفلين، هذا أمرٌ يعني الكثير، إذ ليس كمثلها أمٌّ تحتضن القادمين إليها، وليس كمثلها حضنٌ رؤومٌ يحتفي بالجميع، وأن نكون مجتمعين من أجل نازك الملائكة، رائدةِ الشعر العربي الحديث، فإن مساحاتِ البهجةِ تعلو لتعانق السماء، فبلدٌ أنجب نازكاً؛ ظل قوياً بوجه كل عواتي الدهر، وبلدٌ أنجب الملائكة؛ ظل عصياً على الشياطين التي تحاول ان تثنيَ لواءه. وهذا اللقاءُ المباركُ دليلٌ حيٌّ على عودة الروح إلى نصاب جسدها، إذ لا نهوض للأدب العربي إلا والعراقُ هو الرائدً القائد، واليوم، وانطلاقاً من هذا الحدث المهم، يعود وطنُنا ليعلنَ عن وجوده الدائمِ أعلى قممِ الدول المتقدّمةِ في ثقافتها، والجاذبةِ لكل العقول في رحابها. لقد ولّى زمنُ الظلام بصبرِكم، فاستقبلوا الضياءَ الذي صنعتُموه بمشاعلكم، لتوقدوا القلوبَ كلَّها، فأنتم الجذوةُ وأنتم النور، ولقد كان السلاحُ الأمضى الذي دحر به العراقُ كل الخراب، هو السلاح الثقافي الذي أنتم أهلُه.لقد بادرت القصيدةُ لتكون درعاً ضدّ السهام، وعلا السردُ ليدوّنَ البطولات، وسما النقدُ ليرسمَ الطريقَ للباصرين، واحتفالُكم اليوم هو احتفالٌ بالحداثة والتغيير والولادة، والموازنة بين أصالة التراث، وبين جموح التطور،إذ ليس كتجربة الرواد وعلى رأسهم نازكُ الملائكة مثالٌ لهذه الموازنة المطلوبة. وها نحن اليوم بعد مائة عام من ولادتها، نقفُ وقفةَ وفاء لها، وهي تضعُ ابتسامتَها ملاذاً ضدَّ الأفول، وبلسماً للجراح، وهذه هي عادةُ الأممِ الحيّة، أن تقدّر رموزَها لتستمدَ الطاقةَ نحو المُضيِّ قُدماً للمجد. لقد وعد مثقّفو الوطن، وأوفوا وعودَهم بأن يكونوا موازينَ للحقِّ والعدل، وأسفر حصادُ ما قدّموه نجاحاً عمّ البلاد، وفكّروا واستمرّوا وثابروا وآن زمنُهم في البناء الذي لم يغادروه. فشكراً لهم عراقيين أصلاء، ومواطنين صالحين. يا أدباء بلد الحضارة والشموخ.. نزفُّ لكم بشرى وردت إلى اتحادكم أمسِ، وهي كتابٌ من من مكتب دولة رئيس الوزراء المحترم، بأن نرسل لدولته خطّة الاتحاد فيما يخصّ المهرجانات في كل مدن الوطن، لتبادر الحكومةُ بدعمها، اللهمّ اشهد، إنها المرةُ الأولى التي نشعرُ فيها بهذا الاهتمام، فقريباً ستتحقق أمنياتُكم بأن تكون لكم مهرجاناتكم التي طالما حلمتُم بأن تجد لها ثباتاً مستمراً، ووجوداً مدعوماً، والشكر كله لدولة رئيس الوزراء وهو يُعنى كل العناية بأدب الأمة، ويفتح بوابات الدعم لصناعة المواقف واستلهامها من أفكار المثقفين، فقد بانت الملامح لخطة ثقافية كبيرة من شأنها أن تضع شريحة الأدباء في موقعها السامي، فشكرا ألف شكر، وطوبى لمن حقق أمنيات الكتّاب عبر منحهم ما يستحقون من حياة كريمة، ومنافذ تغذّي وعيهم، وكلنا ثقةٌ بأنَّ عملكم السامي سيثمر عن دعم أكبر لكم، فأنتم خيرُ أبناءٍ لخير آباء. والشكر للشاعر د. عارف الساعدي، المستشار الثقافي لدولة رئيس الوزراء، فلولا روحه الدؤوبة لما تحقق هذا العلوُّ الثقافيُّ الذي يبشّر بمقبل ناصع، فبتفانيه وقُربِه من الأوساط الثقافية كلها صنع الفارقَ، وجلب الاستثناء، فهو ابن الاتحاد البار، والمختارُ لكلِّ مأثرةٍ، ويدُ الاتحاد معه أينما حلَّ تعاوناً وجهداً، كما وهبَ صافيَ أنفاسه للمثقفين. والشكر لكم أيها الأدباء، يا من تحدّيتم ومازلتم فاعلين عاملين من أجل وطنكم وأهلكم وناسكم ومن أجل الإنسانية جمعاء. اشحنوا أقلامكم فدوركم ريادي في مرحلة البناء التي ابتدأت، والوعد أن يظل إتحادكم مساندا ومعاضدا ومبادرا، وأن يظل معكم وبكم خير داعم لمسيرة الارتقاء. أغمضوا أعينكم لمحةً، وافتحوها سريعاً، ما هو إلا وقتٌ قصيرٌ وسترون ثمار إبداعكم، وافخروا فأنتم اليوم خير ممثلين للحضارة التي تفجّر على هذه الأرض.أيها الأحبة.. من نازك الملائكة مبتدانا، ولها القول دائما وابدا، إذ لا أروع من جمعكم هذا في رحاب خلودها المستمر. كلمة دولة رئيس الوزراء وتتوجت هذ الكلمات بكلمة دولة رئيس الوزراء المهندس محمد شياع السوداني فيما يأتي نصها:الأخوات العزيزات، الأخوةُ الاعزاء، يأتي احتفالُ العراق بنازكِ الملائكةِ هذه المرةَ مختلفاً ومغايراً، فقد وجهنا قبلَ أكثر من شهرين كلَّ مدارسِ العراق في أن تكونَ كلمةُ يومِ الخميس صباحاً موحدةً عن نازك الملائكة، ودورِ المرأةِ في بناءِ المجتمع، وذلك بمناسبةِ مرورِ مائةِ عامٍ على ولادتِها، كما نودُّ أن نعلنَ لكم الآن عن تكليفِنا احدِ النحاتين العراقيين بعملِ تمثالٍ كبيرٍ لنازك الملائكة سيُنصبُ في إحدى ساحاتِ بغداد، قبل نهاية هذا العام إن شاء الله ..ووجهنا دائرةَ البريدِ بعملِ طابعٍ بريديٍ عليه صورةُ نازكِ الملائكةِ وذكرى مئويتِها، ثم تكللتْ احتفالاتنُا بنازك بحضورِكم هذا اليوم، حيث نجتمعُ لنعلنَ للعالمِ أن هذه البلادَ لن تكفَّ عن ولادةِ العظماءِ والمفكرين والأدباءِ وإن ثروتَنا الحقيقيةَ ونفطَنا الذي لا ينضب هم هؤلاء الناس بنبضِهم وابداعِهم، فأهلاً ومرحباً بكم مرةً اخرى، وهنا نعلنُ لكم عن دعمِنا المستمرِ للفعلِ الثقافي في العراق، وأن جزءاً كبيراً من وقتِ الحكومةِ وبرنامجِها ملتفتٌ للشأنِ الثقافي، حيثُ المتابعةُ شبهُ اليوميةِ للأدباءِ والفنانين والكتَّاب، واللقاءات بهم عن قرب، وقريباً ستنطلق مبادرتُنا لدعمِ السينما والدراما والمسرحِ وطباعة الكتاب، وأدب الطفل،والموسيقى والنشاطات الأدبية والفنية.. أتمنى لكم إقامةً طيبةً في بغداد السلام، وأياماً تبقى في ذاكرتِكم وفي وجدان الأدب والفن.. كما تمّ عرض فيلم وثائقي جديد استعرض حياة الملائكة منذ طفولتها، وتسميتها نازك تيمناً بالثائرة السورية نازك العابد، تحدّثَ عبره العديد من النقاد والأكاديميين العراقيين. ثم ألقت الفنانة القديرة د. شذى سالم عدداً من قصائد الشاعرة نازك الملائكة، ثم تبعتها مجموعة من القراءات الشعرية لكل من الشاعر العراقي كاظم الحجاج، والشاعر البحريني علوي الهاشمي، والشاعرة العراقية فائدة آل ياسين، والشاعر الإماراتي محمد البريكي، والشاعر العراقي عامر عاصي. وعادت فرقة سومريات لتقدم مجموعة من الأغاني العراقية التراثية، بينها رائعة الفنان سعدون جابر أغنية "بوية عيوني" التي لحنها الراحل محسن فرحان، فضلاً عن أغنية من روائع الفنان العندليب عبد الحليم حافظ، ومجموعة من أغاني كوكب الشرق أم كلثوم، لتختتم الفرقة مشاركتها بأغنية "سلم بعيونك الحلوات" وهي من روائع الفنانة العراقية أمل خضير. كما نُظِّمت ضمن الاحتفالية جلسات نقدية، كانت أولاها عن التجربة الأدبية للملائكة، أدارها الناقد والمفكر عبد الله إبراهيم، وشارك فيها كلُّ من فاضل ثامر، شوقي بزيع، سعيدة بنت خاطر الفارسي، عبد الزهرة زكي، وعبد العظيم السلطاني. ونوقش فيها عددٌ من الدراسات والبحوث النقدية التي تناولت حياة الشاعرة، كونها تُعَدّ ظاهرة متفرّدة في الشعر العربي، ورمزاً من رموز الثقافة العراقية، وتناولت الجلسة الثانية، التي أدارها عبد الستار جبر، "حضور الحداثة الشعرية عند نازك الملائكة"، وشارك فيها كلٌّ من النُّقّاد محمد صابر عبيد، يوسف وغليسي، فائز الشرع، وجوهر ولاد حمودة. وشهد مسرح الرشيد في اليوم الثاني والأخير الجلسة الشعرية الختامية التي تولى الشاعر معن غالب سباح إدارتها، بقراءة إحدى قصائد نازك الملائكة ثم قدمت فرقة أوركسترا السلام بقيادة المايسترو مصطفى زاير، قطعة موسيقية بعنوان "ثلاث أمنيات" تفاعل معها الجمهور الحاضر بالتصفيق الحار. ثم ابتدأ الشاعر اللبناني شوقي بزيع القراءات الشعرية بعد 34 عاماً من الغياب عن القراءة في العراق، بقصيدة طويلة بعنوان "مريم" ثم تلاه الشاعر العراقي حميد قاسم بقصيدة حملت عنوان "رميم ايمين"، والشاعر التونسي آدم فتحي، الذي قال إن في العراق الكثير من جذورنا والكثير من أجنحتنا إذ علمتنا نازك الملائكة الطيران، تبعه الشاعر العراقي أجود مجبل بنص حمل عنوان "عن نازك الملائكة وأبنائها" ضمن فيه كبار شعراء العراق، ثم الشعراء هناء أحمد، وأحمد عبد الحسين، ومخلص الصغير، وهاشم الجحدلي، لتختتم الجلسة بالشاعر أحمد جار الله ياسين. لتعود فرقة أوركستر السلام، مرة أخرى لخشبة المسرح معلنة عن تقديم ثلاث قطع موسيقية من تأليف الفنان مصطفى زاير، كما شهد حفل الختام تكريم الشعراء المشاركين بجلسة الختام بتمثال نازك الملائكة، فضلاً عن تكريم متحف الأدباء، وتكريم الهيئات الإدارية لاتحادات أدباء المحافظات. وبالتزامن مع هذه المناسبة المئوية بما انطوت عليه من دلالات مهمة، أعادت دار الشؤون الثقافية العامة طبع أعمال نازك الملائكة الكاملة في مجلّدين.  الجدير بالذكر أن نازك الملائكة ولدت في بغداد لأسرة مثقفة، وحيث كانت والدتها سلمى الملائكة تنشر الشعر في المجلات والصحف العراقية باسم أدبي هو "أم نزار الملائكة" وكانت تحبب إليها الشعر ولها أثر كبير في تنمية موهبتها وكانت تحفظها الأوزان الشعرية المشهورة "التي حددها علم العروض"، أما أبوها صادق الملائكة فترك مؤلفات أهمها موسوعة "دائرة معارف الناس" في عشرين مجلداً. وقد اختار والدها اسم نازك تيمناً بالثائرة السورية نازك العابد، التي قادت الثوار السوريين في مواجهة جيش الاحتلال الفرنسي في العام الذي ولدت فيه الشاعرة. وجدتها "أم أمها" شاعرة هي الحاجة هداية كبة ابنة العلامة والشاعر الحاج محمد حسن كبة، وخالاها جميل الملائكة وعبد الصاحب الملائكة شاعران معروفان وخال أمها الشيخ محمدمهدي كبة شاعر وله ترجمة رباعيات الخيام نظماً. درست نازك الملائكة اللغة العربية وتخرجت عام 1944، ثم انتقلت إلى دراسة الموسيقى ثم درست اللغات اللاتينية والإنكليزية والفرنسية في الولايات المتحدة الأميركية، ثم انتقلت للتدريس في جامعة بغداد بغداد ثم جامعة البصرة ثم  جامعة الكويت. وانتقلت للعيش في بيروت لمدة عام واحد ثم سافرت عام 1990 على خلفية حرب الخليج الأولى الى القاهرة حيث توفيت، وحصلت نازك على جائزة البابطين عام 1996، كما أقام تدار الأوبرا المصرية يوم 26 مايو/أيار 1999 احتفالاً لتكريمها بمناسبة مرور نصف قرن على انطلاقة الشعر الحر  في الوطن العربي والذي لم تحضره بسبب المرض وحضر عوضاً عنها زوجها الدكتور عبد الهادي محبوبة، ولها ابن واحد هو البراق عبد الهادي محبوبة، وتوفيت في صيف عام 2007م، ومجموعاتها الشعرية هي:"عاشقة الليل" (1947)، نشر في بغداد، وهو أول أعمالها التي نشرت، "شظايا ورماد" (1949) - عدة طبعات، "قرارة الموجة" (1957)،"شجرة القمر" (1968)، "يغير ألوانه البحر" (1977)، "مأساة الحياة وأغنية الإنسان" (1977)،"الصلاة والثورة" (1978)، قصيدة الشهيد، ديوان "نازك الملائكة" (الأعمال الشعرية الكاملة) -  طبعات عدة، المختار من شعر نازك الملائكة .أما مؤلفاتها فهي "قضايا الشعر المعاصر" (1962) - طبعات عدة،التجزيئية في المجتمع العربي (1974)، وهي دراسة في علم الاجتماع، سايكولوجية الشعر (1992)،"الصومعة والشرفة الحمراء" (1965)، مآخذ اجتماعية على حياة المرأة العربية، ولديها مجموعة قصصية واحدة بعنوان "الشمس التي وراء القمة" (1997). صدرت في القاهرة. وصدرت كتب ودراسات عدة عنها: "حياة وشعر وأفكار"، نازك الملائكة - لا للكعب العالي! لا لأفلام العصابات" - كاتيا شهاب،" الموروث الأسطوري في شعر نازك الملائكة" - محمد رجب النجار، "موجز الشعر العربي" للشاعر العراقي فالح الحجية، "صفحات من حياة نازك الملائكة" - الدكتورة حياة شرارة، نشر دار رياض الريس، الطبعة الأولى يناير/كانون الثاني 1994، "السيرة والعنف الثقافي"؛ دراسة في مذكرات شعراء الحداثة بالعراق، الكاتب محمد غازي الأخرس.

مشاركة :