تبدو مباراة إشبيلية الإسباني وروما الإيطالي متكافئة على الورق في نهائي الدوري الأوروبي لكرة القدم (يوروبا ليغ)، لكن علاقة حب الأندلسيين بالمسابقة قد تمنحهم الأفضلية في بودابست. هم الأبطال القياسيون بستة ألقاب، متفوّقين على أقرب المنافسين، إنتر ويوفنتوس الإيطاليين وليفربول الإنجليزي وأتلتيكو مدريد الإسباني مع ثلاثة ألقاب لكل منها. ورغم موسمه المخيّب للآمال في الدوري الإسباني، كان مسار إشبيلية ثابتا في يوروبا ليغ، حيث انتصر على مانشستر يونايتد الإنجليزي ثم يوفنتوس ليبلغ النهائي السابع له في المسابقة. في النهائيات الستة السابقة خرج إشبيلية مظفرا باللقب، وقال قائده خيسوس نافاس إن فريقه انطلق محلّقا منذ بداية المنافسة. وأوضح في حديث لموقع الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (ويفا) الأسبوع الماضي “نحن نتبدّل ‘في يوروبا ليغ’ ومن المذهل كيف نخرج في كل مباراة”. وأضاف “إنها مسابقة أعطتنا الكثير، والفرحة التي توفرها لنا في كل مرة نشارك فيها تدفعنا إلى الذهاب أبعد ما يمكن”. الهدف الإضافي هذا الموسم هو ردّ الجميل للجماهير على دعمها، بعد واحد من أسوأ مواسم إشبيلية في الدوري الإسباني في الذاكرة الحديثة. فمنذ صعود الفريق إلى الدرجة الأولى في العام 2001، لم ينه أي موسم أبدا في النصف الأدنى من جدول الترتيب، لكنه حاليا يقبع في المركز الحادي عشر، مع بقاء مرحلة واحدة من الموسم. وكان ممكنا أن يكون الوضع أسوأ بكثير. فقد انصبت مساعيهم في معظم فترات الموسم في الابتعاد عن منطقة الهبوط، فأقالوا المدربين خولن لوبيتيغي والأرجنتيني خورخي سامباولي، قبل أن يعيد خوسيه لويس منديليبار السفينة إلى ثباتها. وقال مهاجم الفريق رافا مير “نحن عائلة، لقد أظهرنا ذلك، لقد مررنا ببعض اللحظات السيئة للغاية، لكن الربع الأخير من الموسم كان مذهلا”. وأضاف “الآن لدينا جائزة النهائي، نريد العودة إلى هنا بالكأس”. فاز إشبيلية بالمسابقة للمرة الأولى في العام 2006، حيث شارك نافاس البالغ الآن 37 عاما، وهو يبلغ حينها 20 عاما عندما اكتسح الفريق حيث سحق فريق ميدلزبره الإنجليزي الذي كان يدربه ستيف مكلارين، برباعية نظيفة في النهائي. كان ذلك لقبهم الأوروبي الأول، وكأسهم الأولى منذ 57 عاما. سجّل اللاعب الراحل أنتونيو بويرتا في الوقت الإضافي ليساعد فريق المدرب خواندي راموس على تخطّي شالكه الألماني في نصف النهائي، وهو الهدف الذي لا يزال في ذاكرة الإشبيليين حتى اليوم. وأحرز بويرتا هدفا من ركلة جزاء في العام التالي في المباراة النهائية، عندما تغلب إشبيلية على غريمه إسبانيول في غلاسكو بركلات الترجيح، ليرفع الكأس مرة أخرى. بعد بضعة أشهر فقط، توفي بويرتا إثر إصابته بنوبة قلبية أثناء اللعب مع ناديه في الدوري الإسباني. احتاج الأندلسيون لركلات الترجيح مرة أخرى لينتصروا في العام 2014 مع أوناي إيمري مدربا، حيث تغلبوا على بنفيكا البرتغالي ليحرزوا البطولة للمرة الثالثة، عندما لعب الكرواتي إيفان راكيتيتش دورا رئيسيا قبل انتقاله إلى برشلونة. واصل إشبيلية الفوز بيوروبا ليغ لعامين تاليين، إذ تغلب أولا على دنيبرو الأوكراني 3 – 2 في مواجهة مثيرة في العام 2015، حيث سجل المهاجم الكولومبي كارلوس باكا هدفين. وفي الموسم التالي، تغلّب على ليفربول بقيادة الألماني يورغن كلوب 3 – 1، وهذه المرة سجل الظهير كوكي هدفين. كان من الممكن أن يكون أول لقب للمدرب الألماني مع النادي الإنجليزي. وقال كلوب قبل المباراة “إذا فزت بها العام الماضي، فماذا يعني ذلك؟ إذا فزت بها قبل عامين، فماذا يعني ذلك؟ لا شيء فعليا، إذا هي مباراة أخرى”. لكن إشبيلية أثبت أنه مخطئ وحقق لقبه الثالث تواليا في المسابقة. انتزع إشبيلية لقبه السادس تحت قيادة لوبيتيغي أمام إنتر في فوز مثير آخر بنتيجة 3 – 2، وإن كان ذلك في ملعب فارغ بسبب جائحة كوفيد – 19. حسم الهدف العكسي للبلجيكي روميلو لوكاكو المباراة، وضمن أن يحافظ إشبيلية على نسبه الـ100 في المئة القياسية في نهائيات الدوري الأوروبي. وفي النهائي الجديد أمام روما، قد يكون البرتغالي جوزيه مورينيو أحد أكثر المدربين ثقة في كرة القدم العالمية، لكنه قد يشعر بالذهول من هيمنة إشبيلية على يوروبا ليغ. لم يخسر البرتغالي جوزيه مورينيو مدرب روما الإيطالي في نهائي أوروبي قط، لكن غريمه إشبيلية حقق العلامة الكاملة بفوزه في ست من ست نهائيات بلغها في يوروبا ليغ أيضا. لذا، فإن المباراة النهائية ستشهد تنازلا عن الكمال من أحد الطرفين. يمتلك مورينيو في خزائنه خمسة ألقاب قارية كبيرة باسمه، مع لقبين في دوري أبطال أوروبا وآخرين في يوروبا ليغ، والظفر العام الماضي بأول ألقاب البطولة القارية الثالثة من حيث الأهمية كونفرنس ليغ مع نادي العاصمة الإيطالية. أعلن المدرب البالغ 60 عاما عن نفسه على المسرح الكبير في العام 2003، عندما قاد بورتو للفوز بكأس الاتحاد الأوروبي (مسمى البطولة قبل أن تتحول إلى يوروبا ليغ)، وحقق في العام التالي دوري أبطال أوروبا. أصبح إنتر الإيطالي بطلا لأوروبا تحت قيادته للمرة الأولى منذ 45 عاما في العام 2010، واحتفل بكأسه القارية الرابعة خلال فترته مع مانشستر يونايتد الإنجليزي في العام 2017، عندما فاز بيوروبا ليغ. بعد عشرين عاما، يتحدى مورينيو المنتقدين الذين قالوا إن مسيرته بدأت بالأفول بعد فترة مخيّبة في توتنهام الإنجليزي. وإذا ما رفع روما الكأس في المجر، فإن مورينيو سيعادل رقم المدرب الإيطالي جوفاني تراباتوني الذي فاز أيضا بخمسة ألقاب أوروبية كبرى في مسيرته التدريبية. ولا شك أن مورينيو الذي تنقّل كثيرا يتحسّن مع تقدم العمر والخبرة. من أجل تحقيق هدفه، يجب أن يتخطى مورينيو إشبيلية، ملك ثاني المسابقات الأوروبية تراتبيّة، مع ستة ألقاب، وهو ضعف ما حققه إنتر ويوفنتوس الإيطاليان وليفربول الإنجليزي وأتلتيكو مدريد الإسباني. يطمح الظهير المخضرم قائد الفريق خيسوس نافاس إلى الفوز بلقب الدوري الأوروبي للمرة الرابعة له، بعد شهرين فقط من تولي منديليبار المسؤولية.
مشاركة :