تحليل إخباري: تطبيع العلاقات بين مصر وتركيا يعزز الاستقرار في الشرق الأوسط

  • 5/31/2023
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

رأى خبراء مصريون أن قرار مصر وتركيا تطبيع العلاقات الثنائية يعزز الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، وتوقعوا أن تساعد هذه الخطوة في حلحلة القضايا الخلافية في المنطقة. وقرر الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ونظيره التركي رجب طيب أردوغان مساء (الاثنين) الماضي البدء الفوري في ترفيع العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين وتبادل السفراء، وذلك خلال اتصال هاتفي أجراه الأول لتهنئة أردوغان بمناسبة فوزه بالانتخابات الرئاسية التركية، وفقا لبيان للرئاسة المصرية. وتعد هذه الخطوة تتويجا للمحادثات الدبلوماسية الاستكشافية التي أطلقها البلدان على المستوى دون الوزاري في مايو 2021، والتي تحولت إلى مشاورات على مستوى وزيري خارجية البلدين في مارس الماضي. وكانت العلاقات بين مصر وتركيا قد شهدت توترا منذ الإطاحة بالرئيس المصري الأسبق محمد مرسي في العام 2013، والذي كانت أنقرة تؤيده. وقال السفير عزت سعد مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق إن قرار تطبيع العلاقات بين مصر وتركيا يمثل تطورا مهما في العلاقات بين البلدين. وأضاف سعد، وهو رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية السابق، لوكالة أنباء ((شينخوا)) "لاحظنا أن هذا القرار حدث بعد انتهاء انتخابات الرئاسية التركية لأنه كان هناك حرص من جانب مصر على ألا يبدو هذا التطور تأييدا لطرف بعينه، وهذا التطور المهم جاء في أعقاب جولات تفاوضية بين الجانبين تم خلالها التفاهم على ترتيبات كثيرة في مجال العلاقات الثنائية والأوضاع الإقليمية". وأشار إلى أن هذه المفاوضات سواء الاستكشافية أو لقاءات وزيري خارجية البلدين مهدت أرضية مناسبة قادت إلى قرار التطبيع. وتابع الخبير المصري أنه لا يجب النظر إلى تطبيع العلاقات المصرية التركية بمعزل عن التطورات التي تحدث في المنطقة والتغيرات التي طرأت على البيئة الإقليمية سواء بسبب تداعيات الحرب الأوكرانية الروسية وأيضا التحديات المشتركة التي تواجه دول المنطقة والتي فرضت على هذه الدول أن تجد طرقا للتغلب على المشكلات في العلاقات الثنائية بما يضمن مواجهة هذه التحديات بشكل مشترك، وهناك مصالح مشتركة لجميع الأطراف الإقليمية فرضت هذا التوجه سواء بالنسبة للسعودية وإيران أو مصر وتركيا أو مصر وقطر. وعبر سعد عن أمله في أن تعود العلاقات التركية المصرية إلى ما قبل العام 2013، وأشار إلى أن الإعلان عن استئناف العلاقات الدبلوماسية بشكل كامل وتعيين سفراء يعني أن هناك إرادة سياسية قوية من البلدين لدفع العلاقات الثنائية في كافة المجالات بما يعيد الزخم الذي كانت عليه قبل ذلك. وتوقع أن يؤدي تطبيع العلاقات بين مصر وتركيا إلى تعزيز الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط وحدوث تفاهم بين البلدين إزاء مختلف القضايا مثل التطورات في شرق المتوسط سواء فيما يتعلق بتحديد الحدود البحرية أو السياسات الخاصة باستغلال الغاز والنفط. بدوره، اعتبر الدكتور بشير عبد الفتاح الخبير بمركز (الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية) أن قرار رفع مستوى العلاقات وتبادل السفراء بين مصر وتركيا "قرار موفق من جانب الزعيمين السيسي وأردوغان"، ويأتي في سياق حرصهما على طي صفحة خلافات الماضي والارتقاء بالعلاقات إلى مستوى يعود بالنفع على الدولتين. وأضاف عبد الفتاح لـ((شينخوا)) أن الوضع الطبيعي للعلاقات المصرية التركية هو التطبيع لأن أنقرة والقاهرة بلدين مهمين في المنطقة ولديهما تاريخ ومصالح مشتركة كبيرة، والقطيعة تسببت في خسائر لهما واستئناف العلاقات يشكل مكسبا لكلتا الدولتين على الصعيدين الاستراتيجي والاقتصادي. ورأى أن القرار يعكس إصرار السيسي وأردوغان على تحسين العلاقات، وتوقع أن يقوم الرئيسان بزيارات متبادلة للقاهرة وأنقرة من أجل التأكيد على طي صفحة الماضي. وأشار إلى أن التقارب المصري التركي ليس ببعيد عن موجة المصالحات التي تشهدها المنطقة، والتي تسعي من خلالها دول المنطقة إلى تجاوز الخلافات وتعميق التعاون فيما بينها. وتوصلت السعودية وإيران أخيرا بوساطة صينية إلى اتفاق لاستئناف العلاقات الدبلوماسية المقطوعة منذ أكثر من سبع سنوات. بينما استعادت سوريا مقعدها في جامعة الدول العربية بعد غياب 12 عاما، وشارك رئيسها بشار الأسد في القمة العربية الأخيرة بالسعودية. فيما أعلنت قطر والبحرين إعادة العلاقات الدبلوماسية بينهما، بعد نحو عامين من توقيع السعودية ومصر والإمارات والبحرين على اتفاق العلا للمصالحة مع قطر. وأكد الخبير المصري أن التقارب بين مصر وتركيا سوف يساعد علي حلحلة القضايا الخلافية بما فيها ليبيا وسوريا والعراق وملفي شرق المتوسط وجماعة الإخوان المسلمين، مشيرا إلى أن حل هذه الملفات سوف يكون أسهل بكثير من أي وقت ماضي. وشدد على أن تطبيع العلاقات بين مصر وتركيا سيؤدي إلى تعزيز الاستقرار والأمن في منطقة الشرق الأوسط، وسوف نشهد تقاربا في كثير من الملفات بينهما بشأن قضايا المنطقة. فيما عزا الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة قرار مصر وتركيا بتطبيع العلاقات إلى وجود "مصالح مشتركة دفعت البلدين بقوة إلى الانتقال من مرحلة الجمود والاستكشاف إلى تحقيق نقلة نوعية" في العلاقات. وأشار فهمي إلى مصافحة السيسي وأردوغان في الدوحة وما تلاها من اتصالات مباشرة وزيارات متبادلة على مستوى وزيري الخارجية. وكان السيسي وأردوغان قد تصافحا في نوفمبر الماضي على هامش افتتاح مونديال قطر 2022، في لقاء هو الأول من نوعه على الإطلاق بين الرئيسين المصري والتركي. وبعد عدة شهور من اللقاء، زار وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو القاهرة في مارس 2023، وهي أول زيارة لوزير خارجية تركي لمصر منذ 10 سنوات. وفي الشهر التالي، زار وزير الخارجية المصري سامح شكري أنقرة، وقال خلال مؤتمر صحفي مع نظيره التركي "اتفقنا على إطار زمني محدد بشأن الارتقاء بمستوى العلاقات الدبلوماسية والتحضير لقمة على مستوى رئيسي البلدين". وأضاف فهمي لـ((شينخوا)) أن هناك ضرورة لتطوير العلاقات بين مصر وتركيا في ظل ما يجري في منظومة العلاقات الحالية، وفي تقديري أن حالة السيولة في الإقليم تسمح بذلك خصوصا أن المعادلات الكبرى تشكلها الدول الرئيسة في الإقليم مثل مصر والسعودية وتركيا وإيران، وحدث تطور في مسار العلاقات الإيرانية السعودية بتطبيع العلاقات وأيضا بالنسبة لمصر وتركيا وهذا أمر مهم جدا للمنطقة. ووصف قرار تطبيع العلاقات بين مصر وتركيا بأنه أمر عاجل في ظل التطورات الإيجابية في مسار العلاقات الثنائية، مشيرا إلى أن مصر حريصة على استئناف العلاقات مع تركيا كما أن أنقرة أبدت نوايا إيجابية للتعامل مع مصر وهذا أمر مهم ستبنى عليه دوائر جديدة للسياسة المصرية تجاه تركيا والعكس أيضا، سواء كان في إقليم شرق المتوسط أو القضايا المشتركة الخاصة بالعراق وسوريا وليبيا وغيرها. وتابع أن تسمية السفراء سوف تكون الخطوة التالية خصوصا أن مسار العلاقات بين القاهرة وأنقرة يمضي في إطاره الطبيعي دون أي معوقات في هذا التوقيت، وتوقع "سيناريو إيجابي" لمستقبل العلاقات بين البلدين. ونوه بأن المصالحات التي تحدث في الشرق الأوسط سوف يكون لها ارتدادات إيجابية على أمن الإقليم ولن تقتصر على الدول الرئيسة فقط وستمتد إلى تسويات إقليمية أخرى، وربما نشهد حالة من حلحلة المشاكل والأزمات في الإقليم.

مشاركة :