تحليل إخباري: هل تسفر المحادثات الاستكشافية عن تطبيع العلاقات بين مصر وتركيا

  • 9/10/2021
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

رأى محللون مصريون أن تطبيع العلاقات السياسية بين القاهرة وأنقرة سوف يستغرق وقتا في ظل وجود ملفات شائكة كثيرة توقعوا ألا يتم حسمها سريعا بين الجانبين. لكنهم أكدوا في الوقت نفسه أن استمرار المحادثات الاستكشافية التي تشهد "تبريد الخلافات"، يعكس حرص مصر وتركيا على استئناف العلاقات السياسية خاصة أن هذه الخلافات ليست في مصلحة أي من الطرفين وفي ظل وجود "رسائل متبادلة" لتخفيف التوتر في العلاقات. واختتمت أمس الأول الجولة الثانية من المشاورات الاستكشافية بين مصر وتركيا والتي استمرت يومين في أنقرة. وبحث الجانبان خلال المشاورات قضايا ثنائية إلى جانب عدد من الملفات الإقليمية مثل ليبيا وسوريا والعراق وفلسطين وشرق المتوسط، بحسب بيان مشترك. واتفق الطرفان على مواصلة المشاورات وأكدا رغبتهما في تحقيق تقدم في الملفات محل النقاش والحاجة لاتخاذ خطوات إضافية لتيسير تطبيع العلاقات بين الجانبين. وشهدت العلاقات بين مصر وتركيا توترا شديدا منذ الإطاحة بالرئيس المصري الأسبق محمد مرسي في العام 2013، والذي كانت أنقرة تؤيده بشدة. وتمثلت مظاهر هذا التوتر في تخفيض مستوى العلاقات الدبلوماسية بين البلدين اللذين تبادلا سحب سفيريهما من القاهرة وأنقرة التي استضافت عناصر جماعة الإخوان المسلمين وسمحت ببث عدة قنوات فضائية معارضة للنظام المصري الذي دأب القادة الأتراك على انتقاده باستمرار. وانعكس هذا التوتر على تباين مواقف البلدين حيال قضايا المنطقة لا سيما الأزمة الليبية ومنطقة شرق المتوسط. إلا أن نبرة تركيا اختلفت كثيرا خلال الشهور القليلة الماضية وأعلنت رغبتها في إعادة العلاقات مع مصر إلى طبيعتها واتخذت في سبيل ذلك عدة إجراءات من بينها تحجيم القنوات المعارضة للحكومة المصرية التي تبث من أراضيها وإقرار البرلمان التركي مذكرة لتشكيل لجنة صداقة برلمانية مع نظيره المصري. وقال الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن مصر وتركيا توصلتا خلال المباحثات الاستكشافية إلى بعض النقاط المشتركة بدليل الاتفاق على تواصل المباحثات وهذا يعني أن هناك تجاوبا خلال المحادثات. وأضاف فهمي لوكالة أنباء (شينخوا) أن بعض القضايا العالقة بين الجانبين تشهد حلحلة مثل الموقف التركي من جماعة الإخوان المسلمين حيث استجابت أنقرة لمطالب مصر في التعامل مع هذه الجماعة الإرهابية ومنصاتها الإعلامية المعادية فتم وقف برامجها الإعلامية التحريضية ضد الدولة المصرية. وتابع أن من أبرز القضايا العالقة بين البلدين "الملف الليبي"، حيث تطالب مصر بخروج المرتزقة والقوات التركية من الأراضي الليبية، بينما أنقرة لا ترغب في ذلك، كما توجد بعض التحفظات على دور تركيا في إقليم شرق المتوسط. وينتشر قرابة 20 ألفاً من القوات الأجنبية والمرتزقة في غرب ووسط ليبيا سواء الداعمة لغرب ليبيا عبر تركيا أو من خلال شركة (فاغنر) الروسية الأمنية الداعمة لشرق ليبيا، وفق الأمم المتحدة. وأردف فهمي أن "المباحثات سوف تستمر وقتا طويلا وتطبيع العلاقات سوف يستغرق وقتا لكن ستكون هناك مقاربة في وجهات النظر وهناك تجاوب مصري مباشر في هذا الإطار واعتقد أن الوصول إلى مقاربة سياسية أمر مهم وجيد وسوف يبني عليه في الفترة المقبلة". وأكد أنه "من المبكر أن يحدث تطبيع في العلاقات بين مصر وتركيا في هذا التوقيت". ومع ذلك رأى فهمي أن هناك حرصا من القاهرة وأنقرة على العلاقات الثنائية، مشيرا إلى أن إبقاء البلدين العلاقات الاقتصادية بعيدا عن التوتر الذي شاب العلاقات السياسية دليل على هذا الحرص، حيث لا تواجه التجارة والاستثمارات والسياحة بين البلدين أية مشكلة. وتوقع الخبير المصري أن تسفر المباحثات بين البلدين عن "حلول مرحلية وتدريجية للوصول إلى إجراءات ثنائية وبناء علاقات جيدة"، مؤكدا أن "سيناريو التقارب وانفراج المشهد هو المرشح بقوة في الفترة المقبلة". من جانبه اعتبر الدكتور عاطف سعداوي الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أن عقد مباحثات بين القاهرة وأنقرة خطوة جيدة فى الطريق الصحيح تعكس رغبة الطرفين في طي صفحة الخلافات لكن بشرط إزالة أسبابها . وقال سعداوي لـ "شينخوا"، إن مصر وتركيا عقدتا جولتين من المباحثات الاستكشافية ولم يتم الإعلان عن "نتيجة محددة" حتى الآن بسبب وجود ملفات عالقة مثل التواجد التركي في ليبيا. وأضاف أن "المسار غير المرضي في العلاقات الثنائية استمر وقتا طويلا وهناك ملفات شائكة كثيرة لن يتم حسمها سريعا ولا يوجد مبرر للاستعجال في عودة العلاقات الثنائية". وتابع أن "ما يحدث حاليا بين البلدين هو تبريد للخلافات بما يمنع تصاعدها مع تركيز الجهود على كيفية الحل واعتقد أن هذا الأمر مرض". ورأى أن "العلاقات سوف تعود في النهاية لكن .. متى هذا يرجع إلى مدى الاستجابة للمطالب المصرية". وأكد أن الخلاف بين الدولتين لم يكن في مصلحة أحد والعلاقات الاقتصادية بينهما مستمرة ولم تتأثر بالأحداث السياسية وهذا يدل على حرص البلدين على استعادة العلاقات السياسية لكن دون تجاهل أسباب التوتر. أما الدكتور مختار غباشي نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية فرأى أن الفترة الماضية شهدت رسائل متبادلة بين القاهرة وأنقرة من أجل تخفيف التوتر في العلاقات السياسية. وقال غباشي لـ "شينخوا"، إن مصر احترمت حقوق تركيا في شرق المتوسط ، بينما قامت أنقرة بتخفيف حدة برامج قنوات الإخوان التي تبث من الأراضي التركية وكذلك "تخفيف حجم التباينات بين البلدين في الشأن الليبي". وأوضح أن مصر وتركيا "في حاجة إلى بعضهما.. وحجم المصالح المشتركة بين الطرفين في كثير من الملفات يحتاج إلى شكل من أشكال التفاهم بين القاهرة وأنقرة". وأكد أن "هناك رغبة متبادلة بين الجانبين للتعجيل برجوع العلاقات الثنائية لأن هناك مصالح عليا مشتركة وملفات صعبة مثل ملفات ليبيا وسوريا وشرق المتوسط بها تعقيدات كبيرة وتحسين العلاقات مع تركيا سوف يساعد في حل هذه الملفات". وتابع "اعتقد أنه لو تم تخفيف حدة الطلبات بين الجانبين من الممكن أن نرى لقاء بين وزيري خارجية البلدين وتبدأ العلاقات الطبيعة في العودة بين البلدين".

مشاركة :