الخيبات تصنع شخصية متمردة شخصية البطلة من منظور نفسي في رواية نادية الملاح بلا وجه

  • 6/3/2023
  • 02:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

تعد‭ ‬الروايات‭ ‬المثقلة‭ ‬بالقضايا‭ ‬الاجتماعية‭ ‬وبالتحديد‭ ‬هموم‭ ‬المرأة‭ ‬من‭ ‬الروايات‭ ‬الواقعية‭ ‬والقريبة‭ ‬من‭ ‬ذائقة‭ ‬بعض‭ ‬القراء‭ ‬سواء‭ ‬أكان‭ ‬من‭ ‬جنس‭ ‬الذكور‭ ‬أو‭ ‬الإناث‭ ‬وذلك‭ ‬لما‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬تأثير‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬ملامسة‭ ‬الذات‭ ‬ومساس‭ ‬للمعاناة‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تعاش‭ ‬بصوت‭ ‬منخفض،‭ ‬وفي‭ ‬رواية‭ ‬بلا‭ ‬وجه‭ ‬للشاعرة‭ ‬نادية‭ ‬الملاح‭ ‬نجد‭ ‬أنها‭ ‬تجسد‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬هذا‭ ‬العمل‭ ‬صراع‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬وفي‭ ‬تعاملاتها‭ ‬الجمة‭ ‬مع‭ ‬الرجل‭ ‬والذي‭ ‬قد‭ ‬يأتي‭ ‬على‭ ‬صورة‭ ‬شيخ‭ ‬دين‭ ‬أو‭ ‬زوج‭ ‬أو‭ ‬حبيب‭ .. ‬إلخ‭.‬ وفي‭ ‬فصول‭ ‬الرواية‭ ‬يتضح‭ ‬أثر‭ ‬الخيبات‭ ‬المتراكمة‭ ‬التي‭ ‬تتعرض‭ ‬لها‭ ‬البطلة‭ ‬والتي‭ ‬تدعى‭ (‬ندى‭) ‬من‭ ‬الرجل‭ ‬وذلك‭ ‬منذ‭ ‬طفولتها‭ ‬وبدأ‭ ‬تشكل‭ ‬ذاتها‭ ‬حيث‭ ‬يتضح‭ ‬من‭ ‬شخصية‭ ‬البطلة‭ ‬وهي‭ ‬في‭ ‬الصغر‭ ‬أن‭ ‬لديها‭ ‬فطنة‭ ‬ووعي‭ ‬مدرك‭ ‬لما‭ ‬يحدث‭ ‬من‭ ‬حولها‭ ‬الأمر‭ ‬خلق‭ ‬لديها‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬التساؤلات‭ ‬المنطقية‭ ‬وهي‭ ‬في‭ ‬سن‭ ‬مبكر‭ ‬مما‭ ‬أربك‭ ‬المحيطين‭ ‬حولها‭ ‬وكان‭ ‬لردات‭ ‬الفعل‭ ‬المغلوطة‭ ‬التي‭ ‬بدرت‭ ‬من‭ ‬الرجل‭ ‬في‭ ‬حياة‭ (‬ندى‭) ‬وتعظيم‭ ‬الأنا‭ ‬الذكورية‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬المواقف‭ ‬دور‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬تشكل‭ ‬الرجل‭ ‬في‭ ‬الصورة‭ ‬الذهنية‭ ‬بصورة‭ ‬غير‭ ‬سوية،‭ ‬ففي‭ ‬الصغر‭ ‬تذكر‭ ‬البطلة‭ ‬أنها‭ ‬كانت‭ ‬تتلقى‭ ‬التعليم‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬أحد‭ ‬المشايخ‭ ‬وكانت‭ ‬كثيرة‭ ‬التساؤل‭ ‬والشغف‭ ‬بالمعرفة‭ ‬ما‭ ‬أربك‭ ‬رجل‭ ‬الدين‭ ‬الذي‭ ‬طردها‭ ‬من‭ ‬مجلس‭ ‬العلم‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الأجدر‭ ‬أن‭ ‬تُحترم‭ ‬طفولتها‭ ‬وفطنتها‭ ‬ويتم‭ ‬تغذيتها‭ ‬بالأجوبة‭ ‬المقنعة‭ ‬والحجة‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬تكريس‭ ‬المواقف‭ ‬المخذلة‭ ‬التي‭ ‬جعلت‭ ‬نتاج‭ ‬الصورة‭ ‬الذكورية‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬البطلة‭ ‬مظلم‭ ‬بعد‭ ‬حين‭ ((‬خرجت‭ ‬منكسرة‭ ‬تلحقني‭ ‬زمجرة‭ (‬الحجي‭) ‬ونظرات‭ ‬الأطفال‭ ‬من‭ ‬صبية‭ ‬وفتيات‭ ‬وهم‭ ‬بين‭ ‬تعاطف‭ ‬ورهبة‭ ‬وارتياب‭)) ‬إن‭ ‬شعور‭ ‬الانكسار‭ ‬والخيبة‭ ‬توالى‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬البطلة،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬للفقد‭ ‬نصيب‭ ‬وللحوادث‭ ‬الطارئة‭ ‬دور‭ ‬في‭ ‬تأجيج‭ ‬الشعور‭ ‬بالقلق‭ ‬الذي‭ ‬يسكن‭ ‬الذات‭ ‬ويثير‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬التساؤلات‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الشعور‭ ‬بالخوف‭ ‬والحاجة‭ ‬الماسة‭ ‬للأمان‭ ‬والحنان‭ ‬الذي‭ ‬تنشده‭ ‬أي‭ ‬امرأة‭ ‬سوية،‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬للبطلة‭ ‬أيضاً‭ ‬نصيب‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الخذلان‭ ‬غير‭ ‬المتوقع‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬بفعل‭ ‬الحبيب‭ (‬ماهر‭) ‬الذي‭ ‬استحوذ‭ ‬على‭ ‬أصدق‭ ‬المشاعر‭ ‬وقتل‭ ‬الأحلام‭ ‬وزعزع‭ ‬كيان‭ ‬المرأة‭ ‬الرومانسية‭ ‬ما‭ ‬ساهم‭ ‬في‭ ‬تشكيل‭ (‬ندى‭ ‬المتمردة‭) ‬والقوية‭ ‬في‭ ‬رفض‭ ‬الجروح،‭ ‬وعندما‭ ‬نتساءل‭ ‬عن‭ ‬سبب‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الخيبات‭ ‬المتراكمة‭ ‬سنجد‭ ‬أنه‭ ‬أحياناً‭ ‬قد‭ ‬تخلو‭ ‬حياة‭ ‬المرأة‭ ‬من‭ ‬نموذج‭ ‬الرجل‭ ‬الصادق‭ ‬والسوي‭ ‬الذي‭ ‬يرمم‭ ‬الخيبات‭ ‬لا‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬طرفا‭ ‬لهدم‭ ‬المزيد‭.‬

مشاركة :