تعد الروايات المثقلة بالقضايا الاجتماعية وبالتحديد هموم المرأة من الروايات الواقعية والقريبة من ذائقة بعض القراء سواء أكان من جنس الذكور أو الإناث وذلك لما لها من تأثير كبير في ملامسة الذات ومساس للمعاناة التي قد تعاش بصوت منخفض، وفي رواية بلا وجه للشاعرة نادية الملاح نجد أنها تجسد من خلال هذا العمل صراع المرأة في الحياة وفي تعاملاتها الجمة مع الرجل والذي قد يأتي على صورة شيخ دين أو زوج أو حبيب .. إلخ. وفي فصول الرواية يتضح أثر الخيبات المتراكمة التي تتعرض لها البطلة والتي تدعى (ندى) من الرجل وذلك منذ طفولتها وبدأ تشكل ذاتها حيث يتضح من شخصية البطلة وهي في الصغر أن لديها فطنة ووعي مدرك لما يحدث من حولها الأمر خلق لديها الكثير من التساؤلات المنطقية وهي في سن مبكر مما أربك المحيطين حولها وكان لردات الفعل المغلوطة التي بدرت من الرجل في حياة (ندى) وتعظيم الأنا الذكورية في بعض المواقف دور كبير في تشكل الرجل في الصورة الذهنية بصورة غير سوية، ففي الصغر تذكر البطلة أنها كانت تتلقى التعليم على يد أحد المشايخ وكانت كثيرة التساؤل والشغف بالمعرفة ما أربك رجل الدين الذي طردها من مجلس العلم حيث كان من الأجدر أن تُحترم طفولتها وفطنتها ويتم تغذيتها بالأجوبة المقنعة والحجة بدلا من تكريس المواقف المخذلة التي جعلت نتاج الصورة الذكورية في حياة البطلة مظلم بعد حين ((خرجت منكسرة تلحقني زمجرة (الحجي) ونظرات الأطفال من صبية وفتيات وهم بين تعاطف ورهبة وارتياب)) إن شعور الانكسار والخيبة توالى في حياة البطلة، فقد كان للفقد نصيب وللحوادث الطارئة دور في تأجيج الشعور بالقلق الذي يسكن الذات ويثير المزيد من التساؤلات بالإضافة إلى الشعور بالخوف والحاجة الماسة للأمان والحنان الذي تنشده أي امرأة سوية، كما كان للبطلة أيضاً نصيب كبير من الخذلان غير المتوقع الذي كان بفعل الحبيب (ماهر) الذي استحوذ على أصدق المشاعر وقتل الأحلام وزعزع كيان المرأة الرومانسية ما ساهم في تشكيل (ندى المتمردة) والقوية في رفض الجروح، وعندما نتساءل عن سبب كل هذه الخيبات المتراكمة سنجد أنه أحياناً قد تخلو حياة المرأة من نموذج الرجل الصادق والسوي الذي يرمم الخيبات لا أن يكون طرفا لهدم المزيد.
مشاركة :