2013 «سنة كبيسة» لأسواق الذهب العالمية

  • 12/28/2013
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

قبل أيام من نهاية العام يسيطر على سوق الذهب العالمي سؤال واحد لا غير: ما مستقبل أسعار الذهب في عام العام المقبل؟ وبحسب المعايير الاقتصادية فقد مثل عام 2013 سنة كبيسة للمستثمرين في أسواق الذهب العالمية، فعلى مدار 12 عاماً تمتع المستثمرون بمكاسب متتالية منحتهم آمالاً بأن عام 2013 سيشهد أيضا تواصلا لأرباحهم، وعلى خلاف التوقعات منيت أسواق الذهب بهزات متتالية جعلت الاستثمار في المعدن النفيس محل شك وتساؤل. وانخفضت أسعار المعدن الأصفر بما يقارب 30 في المائة خلال عام 2013، ويعد هذا التراجع، الأكبر منذ عام 1981، والسعر الراهن أقل بنحو 37 في المائة من أعلى سعر حققه الذهب على الإطلاق في آب (أغسطس)عام 2011 عندما وصل إلى 1920.30 دولار للأونصة، وتشير التقديرات الراهنة إلى أن أوقية الذهب خسرت نحو 475 لكل أونصة. ويعلق ويلسون هادلي الباحث في مجلس الذهب العالمي لـ الاقتصادية، بأنه كي نستطيع التنبؤ بشكل دقيق بمستقبل أسعار الذهب خلال العام المقبل، لا بد أن نرصد مجموعة من الحقائق، وأولي هذه الحقائق أن عام 2011 شهد بلوغ أسعار الذهب القمة، ومن ثم كان منطقيا للغاية أن تقوم الأسواق بعملية تصحيح للأسعار، وهو ما برز في تراجع الأسعار مبدئيا بشكل طفيف غير محسوس في عام 2012، ثم انطلقت عملية التصحيح بشكل جلي عام 2013. وأضاف أن الأسعار انهارت بشدة في نيسان (أبريل) الماضي، فخلال يومين فقط تراجعت الأونصة الواحدة بنحو 200 دولار، من جراء الأنباء التي اجتاحت الأسواق بأن البنك المركزي القبرصي سيتخلص من احتياطي الذهب لديه للحصول على سيولة مالية تساعد تلك الجزيرة المتوسطية على الخروج من أزمتها ودعم نظامها المالي، وكان من المتوقع أن تنهار الأسعار أكثر من ذلك، لكن تدخل عديد من البنوك المركزية الدولية لشراء كميات كبيرة من الذهب والاستفادة من انخفاض الأسعار لم يوقف عملية التراجع، ولكنه حد من حالة الانهيار. ودفع انخفاض أسعار الذهب في منتصف عام 2013، بعديد من المستثمرين للخروج من السوق، وكانت أبرز التطورات تراجع قيمة أسهم شركات مناجم الذهب، فانخفاض الأسعار أثر بشكل كبير في هامش الأرباح، واستشعر صغار المستثمرين الخطر، ونمت لديهم قناعة بأن مواصلة الاستثمار في الذهب سيؤدي حتما إلى تآكل رؤوس أموالهم. أما شركات الذهب الكبرى على غرار نيومونت للتعدين و جولد كروب وكلاهما مسجلة في بورصة نيويورك، فقد تعرضتا لضربة مؤلمة. بل أخذ كبار المنتجين في سوق الذهب يتحسسون من تأثير الأنباء المتواصلة بانخفاض الأسعار، حيث ترتب على ذلك إلغاء شركات التعدين الكبرى خططها المستقبلية بالقيام بعمليات استكشاف وتنقيب عن مناجم جديدة، ومثلت هذه التطورات إيذانا للمستثمرين بالانسحاب من السوق. وتقول الدكتورة هند النميري أستاذة مادة الاقتصاد الكلي في جامعة ليدز لـ الاقتصادية، إن العوامل السعرية لم تكن فقط هي المحدد لانسحاب المستثمرين في أسواق الذهب، فقد تواكب تراجع الأسعار مع عوامل أخرى، كان من أبرزها تزايد المؤشرات على تحسن الأوضاع الاقتصادية في الولايات المتحدة تحديدا، وقد دفع هذا بصغار المستثمرين إلى التخلي عن الذهب والتوجه لسوق الأسهم الآخذ في الارتفاع، باعتباره بديلا أكثر إيجابية فيما يتعلق بمعدلات الربحية. ويصرح لـ الاقتصادية جيمس لوجان من مجموعة جولد كروب، بأن مواقف وقرارات مجلس الاحتياطي الفيدرالي في أمريكا لعبت دورا مؤثرا في التأثير في أسواق الذهب، فسياسات التحفيز الكمي وضخ سيولة مالية في الأسواق، كان مؤشرا واضحاً للمستثمرين بأن الاقتصاد العالمي لا يزال في أوضاع صعبة، وظل المجلس يتبنى سياسات مسيطرة على سعر الفائدة والحفاظ عليها عند أسعار متدنية، ولكن في منتصف العام الجاري بدأ الحديث يتصاعد بشأن توجه الاحتياطي الفيدرالي لتقليص سياسة التحفيز الكمي، وأدت هذه الأنباء في حينها لتراجع ملحوظ في أسعار الذهب، حيث منحت الجميع مؤشرا على أن السياسات التضخمية مسيطر عليها، واعتبر ذلك إيذانا بالتخلص من الذهب المفيد للغاية كوسيلة ادخارية لمواجهة التضخم. لكن السؤال حول مستقبل أسعار الذهب في 2014 ما زال قائماً؟ تشير أغلب التوقعات إلى أن أسعار الذهب ستشهد ضغوطا واضحة خلال 2014، وأن هذا الضغط سيتواصل لبعض الوقت، فقرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي بخفض النشاط في شراء السندات، يعني عمليا أن أسعار الفائدة ستواصل التحرك لأعلى في الشهور المقبلة، مما يضع مزيدا من الضغوط على المستثمرين في المعدن الأصفر، ويدفعهم في الأغلب إلى تسييل محافظهم لمصلحة الأصول المدرة للدخل. كما أن تراجع حيازات صناديق الاستثمار من الذهب، وتفضيل المستثمرين أنماطاً استثمارية أكثر فائدة مثل الأسهم، يخلق مناخا من التراجع في سوق الذهب وخاصة في الأجل الطويل، ومع هذا فإن بعض تجار الذهب لا يزالون يراهنون على عوامل أخرى لربما تعزز الطلب. ويقول لـ الاقتصادية تشارلز ماكلنين أحد تجار الذهب في مقاطعة كنت البريطانية، إن التوقعات السائدة، أن الأسعار ستنخفض، ولربما دفع ذلك الطلب بمعدلات كبيرة في آسيا وتحديدا في الهند والصين ومنطقة الخليج، وإذا حدث ارتفاع للطلب لربما مثل ذلك عاملاً موازياً للعوامل المؤدية لتراجع الأسعار مما يخلق حالة من التوازن، بحيث لا تنخفض الأسعار عن حد 1200 دولار للأونصة. إلا أن البحث عن أي عامل يدفع للتفاؤل حول أسعار الذهب في 2014، لم يمنع معظم البنوك الاستثمارية العالمية من مواصلة توقعاتها المتشائمة، فبينما تتوقع جولدمان ساكس، أن يلامس السعر في العام المقبل 1050 دولار للأونصة؛ فإن بنك ستاندرد تشارترد، وبنك يو بي إس كوميرتس، يتوقعان أن يراوح المتوسط السعري للذهب في العام المقبل بين 1200 و1300 دولار للأونصة مقارنة بـ 1412.85 دولار للأونصة في العام الجاري. ويعلق لـ الاقتصادية جيمس براون من بنك لويدز، على التطورات المحتملة في أسواق الذهب في 2014، قائلاً إن الأسعار ستتراجع بالتأكيد خلال الربع الأول من العام المقبل، ولربما كذلك في الربع الثاني ولكن إذا واصلت الأسعار الانخفاض عن سعر 1200 دولار للأونصة فإن شركات إنتاج الذهب ستقوم بخفض الإنتاج لأن هامش الربح بين تكلفة الإنتاج وسعر البيع لن يكون مجديا، وهذا سيؤدي إلى انخفاض المعروض، مما سيؤدي إلى ارتفاع في الأسعار في الربع الأخير من 2014.

مشاركة :