تزداد المخاوف في صفوف الأميركيين، يوما بعد يوم، من احتمالات التعرض لأعمال إرهابية، وتظهر استطلاعات الرأي التي أجريت في ديسمبر من العام الماضي، أن 16 % يرون التهديدات الإرهابية "أهم مشكلة وطنية في الوقت الراهن"، فيما كانت النسبة في الشهر الذي قبله لا تتجاوز 3 % فقط. وأشار بعض من استطلعت آراؤهم إلى أن آراء المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة، دونالد ترامب، المعادية للأجانب بوجه عام، والمسلمين على وجه الخصوص لها تأثير كبير في احتمالات وقوع أعمال إرهابية، ربما بدافع الانتقام. للدرجة التي دفعت بعضهم لتسمية المعركة ضد الإرهاب بـ "الحرب العالمية الثالثة". ويعزو المساعد الأسبق لوزير الدفاع الأميركي، جوزيف إس ناي، في مقال بعنوان "خمس حقائق عن الإرهاب"، نشر على موقع بروجيكت سيندكيت، السبب في تزايد القلق من وقوع أعمال إرهابية، إلى الأحداث التي شهدتها سان برناردينو، بولاية كاليفورنيا، ويشير إلى أن تلك الأحداث تم تضخيمها بواسطة المرشحين لانتخابات الرئاسة، الذين ربما أرادوا استغلال الأمر لمصالح انتخابية. إضافة إلى بعض وسائل الإعلام التي جنحت للإثارة. ويسبح ناي عكس التيار، حينما يهوِّن من خطورة التهديدات الإرهابية، قائلا "الإرهاب ليس أكبر تهديد يواجه الناس في الدول المتقدمة. لأنه يقتل عددا أقل بكثير من ضحايا حوادث السير أو التدخين. ولا يشكل تهديدا كبيرا، ولا حتى صغيرا في واقع الأمر". التعويل على المؤثرات الإعلامية يشير ناي إلى تركيز تنظيم داعش على جانب الإعلام، واستخدام مؤثراته في تحقيق أهدافه، قائلا "يهتم الإرهابيون بجذب الانتباه ووضع قضيتهم في الواجهة، أكثر مما يهتمون بعدد الوفيات التي يسببونها. ويولون اهتماما دقيقا لصناعة المسرح. والهدف من عمليات قطع الرؤوس الهمجية التي تم نشرها وبثها من خلال وسائل الإعلام الاجتماعية هو صدم الرأي العام وإثارة الغضب". ورغم تهوينه السابق، يعود ناي إلى التحذير من مغبة تجاهل التطرف، ويقول "الإرهاب يشكل مسألة خطيرة، ولهذا يستحق أن يكون على رأس أولوياتنا في المخابرات والشرطة والجيش والوكالات الدبلوماسية. وهو عنصر مهم في السياسة الخارجية. ومن الضروري إبقاء أسلحة الدمار الشامل بعيدة عن الإرهابيين". ويواصل بالقول "كيفية استخدام الولايات المتحدة لوسائل الإعلام الاجتماعية هي أمر ضروري ومهم مثل الضربات الجوية الدقيقة. والخطاب العدائي الذي ينفر المسلمين ويضعف استعدادهم لتقديم المعلومات المهمة، يهددنا جميعا. وهذا هو السبب في كون المواقف المعادية للمسلمين من بعض المرشحين الحاليين للرئاسة تؤدي إلى نتائج عكسية تماما. حتمية توحيد الجهود على ذات النسق، يقول وزير الخارجية الألماني، فرانك شتاينمير، في مقال بعنوان "توحيد النضال ضد داعش"، نشرها بمركز دراسات الشرق الأدنى، إن الهجمات الإرهابية التي شهدها العالم خلال الفترة الماضية، وضعت برلين أمام مهمة جسيمة، لا بد من القيام بها، قائلا "التهديد الذي يمثله داعش، جعله في صدارة جدول أعمال السياسة الخارجية. ولا يمكن أن يكون الرد على هذه الاعتداءات إغلاق أبوابنا وسد نوافذنا. فالتخلي عن نمط حياتنا وعن مجتمعاتنا المنفتحة مثله مثل منح الإرهابيين اليد العليا. إلا أن الرد لا بد أن يكون سياسيا في المقام الأول، أي مضاعفة جهودنا لدمج المسلمين والمهاجرين الآخرين على الأصعدة كافة. ومع التسليم بطبيعة الحال بأنه لا يمكن هزيمة الإرهاب بالقنابل فقط، إلا أنه في نفس الوقت لا يمكن القضاء على هذا التهديد دون الوسائل العسكرية، وما لم يتم التصدي للإرهاب، عسكريا، فقد لا يبقى شيء بعد عام، يمكن على أساسه بناء حل سياسي، لا في سورية ولا في العراق".
مشاركة :