1 - في الكتابة أنت لا تنظر إلى الخارج فتصف أو تعبر أو تقترح أو توجه أو تبدي رأياً، فهذه ليست كتابة هذا يسمى تدويناً أو توثيقاً أو شرحاً.. الكتابة هي أن تنظر إلى داخلك وليس إلى الخارج.. ففي الكتابة لا أحد ولا شيء يمكن أن يساعدك إلا نفسك، كل شيء خارجك ما هو سوى محيط يهيئ لك الوسائل أو الجو للكتابة تماماً، مثل الكرسي أو الطاولة أو القلم أو الورقة، فهي وسائل لا بد منها لفعل الكتابة لكنها لا تجعل منك كاتباً. 2 - النظر إلى الداخل هو الوسيلة الوحيدة التي يمكن أن تستمد منها موضوعك، ويمكن أن تمد لك يد العون في الكتابة، ويمكن أن تزودك بمادة الكتابة، ويمكن أن تجعل من كتابتك كتابة حارة متفاعلة ذات معنى مليئة بالأحاسيس والمشاعر، فهذا الذي يجعل منك كاتباً. 3 - حتى عندما تكتب شيئاً عن الخارج، إذا لم تكن كتابتك نابعة من الداخل، وبزاوية رؤية منطلقة من الداخل، وبروح ترى الخارج وتحسه وتعبر عنه بشفافية تُظْهر ما بداخلك وتشعر به، فإن كتابتك لن تكون سوى تدوين وصفي لشكل أو حدث يمكن أن يكون تقريراً، لكنها لن تكون كتابة إبداعية تجعل منك كاتباً. 4 - النظر إلى الداخل يتيح لك استكشاف ما خفي عندك عن نفسك، وروحك، ومعاناتك، وفرحك، وحزنك، وعلاقاتك، ومعارفك، ومحيطك، وتصرفاتك، ومشاعرك، وعواطفك، وطموحاتك، ورؤيتك للناس والحياة من حولك.. فالنظر إلى الخارج لا يمكن أن يزودك بكل هذا مهما حاولت.. لذلك لا تنظر إلى الخارج إذا أردت أن تكون كاتباً. 5 - النظر إلى الداخل حينما تكتب يجعلك قادراً على الكتابة عن مشاعرك لا مشاعر الآخرين، عن مشاكلك لا مشاكل الآخرين، عن أحاسيسك تجاه الأشياء والأحداث والأشخاص لا عن أحاسيس الآخرين.. فالإحساس الذي يطلق شرارة الكتابة الإبداعية هي ذات الكاتب لا ذوات الآخرين.. فحينما تُؤَوِّل أو تحلل أو تقرأ ذات الآخرين فهذه كتابة تقريرية يمكن أن تكون مرافعة أمام قاضٍ، أو تقريراً يقدم للجنة فحص فنية، لكنها بكل تأكيد ليست كتابة يمكن أن يتم بعدها تصنيفك ككاتب. 6 - النظر إلى الداخل سوف يتيح لك معرفة هل أنت قادر على الكتابة وأنك تملك موهبتها.. الكتابة كما قلنا ليست تعبيراً عما في الخارج بل تعبير عما في داخلك، وهل لديك القدرة على التعبير عما في داخلك.. فالكتابة ليست رغبة إذا تحققت فلا بأس وإذا لم تتحقق فيمكن تجاوزها وتحقيق رغبة أخرى، بل هي حاجة لو لم تمارسها لأحسست بالاختناق، وأن دافعك للكتابة ليس طلباً للشهرة أو الزهو بالقدرة على الكتابة، بل بدافع الحاجة للتنفس.. فالتعبير لدى الكاتب هو بمثابة النَفَس، والكتابة هي الرئة الثالثة للكاتب كما يراها بعض الكتاب. 7 - إذا وجدت أن الكتابة تمثل لديك حاجة وليست رغبة مؤقتة يمكن الاستغناء عنها، هنا اكتب ثم اكتب ثم اكتب حتى تكتب شيئاً لم يكتبه أحد قبلك، تكتب شعوراً لم يحسه أحد قبلك، تعبر عن حبك، عن فقدك، عن فرحك، عن حزنك، عن حاجتك بتعبير لم يسبقك إليه أحد.. إذا استطعت تحقيق ذلك فاعرف أنك قد صرت كاتباً أو أنك على الطريق الصحيح لتصبح كاتباً.
مشاركة :