1 - يصنف كاتب السيرة بأنه أديب وفنان كالكاتب القصصي في طريقة العرض والبناء.. إلا أنه لا يخلق الشخصيات من خياله.. ولا يعتمد على الشخصيات الأسطورية.. وهو في طريقته أقرب إلى المعماري كما يصفه (الدكتور إحسان عباس).. وهو أيضاً كالمؤرّخ في قوة النقد.. ولديه قدرة العالِمْ في التصنيف والتقسيم.. وهو إذا نجح في إنشاء سيرة فهو قد حقق غايته ككاتب القصة تماماً.. إلا أن الاختلاف في أنه لا يستطيع أن يصنع الشخصية ويضيف إليها ولا يمنحها وجوداً جديداً إلا بمقدار محدود.. والاختلاف الآخر أن كاتب القصة يبعث شيئاً من روحه وذائقته في القصة بعكس كاتب السيرة.. بمعنى أن كتابة السيرة ليست من الأدب المستمد من الخيال، بل هي أدب تفسيري. 2 - في كتابة السير الذاتية يكون الكاتب أمام خيارات محدودة ومحددة في التعبير السردي.. ففي حالات يجد نفسه أمام أسلوب تقريري، حيث هناك أحداث لا بد من ذكرها لترابط الذكريات.. وهناك حالات يجب أن تكون اللغة فيها تصويرية.. تقدم الشخصيات وتصف المناظر وتحدد المواقف وتبين المشاعر وتعلن الرغبات. 3 - هناك مِن الكُتَّاب من دوافعه مهنية.. وهناك من دوافعه سياسية أو خيرية أو انتقامية.. أي له غاية.. فلا بد لصاحب السيرة من غاية وإلا «لماذا يعري كاتب السيرة نفسه» كما يقول (ميخائيل نعيمة) عن مذكراته. 4 - في كتابة السيرة يتحدث الكاتب عن نفسه.. لكنه أحياناً يستخدم وسائل أخرى للكتابة عن النفس.. فعزيز ضياء -رحمه الله - كانت بطلة السيرة هي (أمه).. وكتب عن قصة «حياته مع الجوع والخوف والحب» من خلالها.. وعبدالكريم الجهيمان كتب متكئاً على حدث انفصال أمه عن أبيه وتأثيره في حياته.. وعبدالعزيز مشري كتب من خلال طريقة تربيته الوادعة في صغره.. وطه حسين كتب سيرته من خلال كف بصره.. ومحمد توفيق كتب من خلال مرضه.. والأمير الوليد بن طلال من خلال الاقتصاد.. وهناك من كتب سيرته من خلال تجربته في السجن أو مع الحرمان أو الفقر أو الظلم.. وهكذا. 5 - كاتب سيرته الذاتية إنما هو يرسم ذاته على نحو معدل.. لأنه يجسد أحلامه أو مخاوفه أو قيمه في شخصية من خيال.. فهو يظهره في ثنايا النص أحياناً ويختبئ أحياناً أخرى. 6 - كُتَّاب السير الذاتية على أنواع.. منهم من يتعرى خلال السرد إلى حد خدش الحياء.. ومنهم من يدافع عن نفسه بالتعليل والتبرير.. ومنهم من يريد اتهام غيره بالتأليب والتحريض.. ومنهم من يدعي ويكذب ويصنع بطولات واهمة. 7 - تتسم السيرة الذاتية في الغالب بعدم الحيادية.. فهي إما مدح في الذات كما صنع الكتاب المشاهير والسلاطين والأثرياء حينما صنعوا لهم سيرة متخيلة.. أو ذم قُصد به تلويث سمعة شخص ما كما يحصل مع الحكام والمشاهير عموماً.
مشاركة :