تونس - تراجعت احتياطيات النقد الأجنبي في تونس إلى مستوى لا يتجاوز 91 يوما من الواردات وهو الأدنى في أربع سنوات، وفق أرقام نشرها البنك المركزي التونسي اليوم الخميس، ما يفاقم الضغوطات المالية على البلاد التي تواجه أزمة اقتصادية خانقة، في ظل غياب أي بوادر لكسر جمود المفاوضات بين الحكومة التونسية وصندوق النقد الدولي للوصول إلى اتفاق نهائي بشأن قرض بنحو ملياري دولار. وانخفضت الاحتياطيات إلى 21 مليار دينار (6.78 مليار دولار) بحلول السابع من يونيو/حزيران وهو ما يكفي لتغطية 91 يوما من الواردات مقارنة مع 123 يوما في الفترة نفسها قبل عام. ومن شأن تآكل الاحتياطيات أن يزيد الضغوط المالية على تونس التي تواجه مشاكل في الحصول على قروض خارجية متوقعة بنحو خمسة مليارات دولار في 2023، خاصة مع تعثر المحادثات مع صندوق النقد الدولي، بينما يشترط المقرضون الدوليون الوصول إلى اتفاق نهائي مع الصندوق. لكن الرئيس التونسي قيس سعيد أعلن في مناسبات عديدة رفضه لإملاءات صندوق النقد الدولي، خاصة المتعلقة برفع الدعم، مشددا على أن المساس بالدعم يهدد السلم الأهلي في تونس، داعيا التونسيين إلى التعويل على إمكانياتهم الذاتية. وشبّه سعيد خلال لقائه رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني شروط الجهات الدولية المانحة بـ"الوصفات الطبية الجاهزة قبل تشخيص حالة المريض"، منبّها إلى أنها تهدد بتفجّر الأوضاع. كما جدد الرئيس التونسي خلال اتصاله الأخير بنظيره الفرنسي معارضته لشروط رفع الدعم، معتبرا أنها بمثابة وضع عود ثقاب إلى جانب مواد شديدة الانفجار، مذكّرا بالأحداث الدامية التي شهدتها تونس خلال انتفاضة الخبز في العام 1984. ومع احتدام الأزمة المالية، يعاني التونسيون من نقص في بعض السلع الغذائية التي اختفت من رفوف بعض المتاجر مثل الأرز والقهوة والسكر. ويقول أطباء وصيادلة ومرضى إن مئات الأدوية غير متوفرة في الصيدليات. ويعزز ذلك المخاوف بين عامة التونسيين والاقتصاديين من أن الوضع قد يسوء سريعا إذا لم تؤمن السلطات قروضا أجنبية قريبا. ويعتبر العجز التجاري وتراجع الدينار المحلي من أسباب تآكل الاحتياطيات أيضا. وفي سياق متصل كشفت بيانات المعهد الوطني للإحصاء عن تراجع نسبة التضخم خلال شهر مايو/أيار الماضي إلى 9.6 في المئة، بعد أن بلغت 10.1 في المئة في شهر أبريل/نيسان. وفسّر المعهد هذا التراجع بانخفاض وتيرة ارتفاع الأسعار مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وأعربت كلّ من إيطاليا وفرنسا عن دعمهما للسلطات التونسية بهدف تسريع الشروع في الإصلاحات التي يشترطها صندوق النقد الدولي لصرف القرض، في خضم مساع أوروبية لتنفيس الأزمة المالية الخانقة التي تعيشها البلاد لتجنيبها أي انهيار يسفر عن طوفان من المهاجرين. بدوره أكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في تصريح سابق أن "تونس تحتاج بشكل طارئ إلى التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي"، محذرا من "أن يتجه الاقتصاد التونسي إلى المجهول". وتوصلت تونسي التي تبلغ ديونها حوالي 80 في من ناتجها المحلي الإجمالي إلى اتفاق مبدئي مع صندوق النقد الدولي منتصف أكتوبر/تشرين الأول الماضي للحصول على قرض بـ1.9 مليار دولار، لكنّ المحادثات لم تشهد أي تقدّم بسبب عدم التزام الجانب التونسي بتنفيذ برنامج إصلاح لإعادة هيكلة أكثر من 100 شركة مملوكة للدولة ومثقلة بالديون ولرفع الدعم عن بعض السلع والخدمات الأساسية.
مشاركة :