للمكتبات مع أصحابها قصصٌ ومواقف، وأيضاً طرائف وأشجان تستحق أن تروى، "الرياض" تزور مكتبات مجموعة من المثقفين، تستحث ذاكرة البدايات، وتتبع شغف جمع أثمن الممتلكات، ومراحل تكوين المكتبات.. في هذا الحوار الكُتبي نستضيف الكاتبة إيمان بدوي حول مكتبتها التي وصفتها بقولها: "ولدت في بيت يقدس القراءة كبرت وأنا أتأمل الكتب وأتصفحها إلى أن نضجت الحروف أمامي فأصبحت ثملة بها حد الانتشاء، فالمكتبة لعقلي مثوى، ولقلبي نغم، أجد فيها متعة منقطعة النظير إذ تغذيني فكرياً وعاطفياً وتفتح لي آفاق بعيدة.. فهي تبث النور في روحي و تمد لي جسور ممهدة لأعبر و أسافر". في أيِّ مرحلة من العمر تعرَّفتِ على الكتاب؟ منذ طفولتي كانت تبتاع لي والدتي القصص المصورة التي مازلت أحتفظ ببعضها حتى هذه اللحظة. هل تستطيعين تحديد بعض بدايات تأسيس مكتبتكِ المنزليِّة؟ تم تأسيسها في المرحلة الثانوية، ومن أوائل الكتب التي انضمت لرفوفي كانت تحمل اسم د. غازي القصيبي فاروق جويدة. ماذا عن معارض الكُتب، ودورها في إثراء مكتبتك؟ دور فاعل جداً، لديّ العديد من الكتب التي اقتنيتها منها، أستمتع بزيارتها وحين أجوبها ينتابني إحساس لذيذ وعميق، والجميل أنني التقيت فيها بكبار المؤلفين فنتج عن ذلك تلاقح فكري ألهمني فيما بعد، ما تقدمه معارض الكتب لعشاق القراءة عظيم وإن ذهبنا بالنظر إلى معارض الكتب في المملكة التي أصبحت تقام في أغلب المناطق سنرى صور تواكب التطور المعرفي ويعود ذلك لوزارة الثقافة حيث تبذل مجهودات جبارة لإثراء المشهد الثقافي، ومن منبركم أشكر سمو وزير الثقافة الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان على التنعم الثقافي الذي نرفل فيه اليوم. ما ثمرة وجود المكتبة المنزلية؟ أن تقصد المكتبات العامة فهذا بلا شك يساهم في صقل المهارات اللغوية والحصيلة الثقافية، فكيف بالمكتبة التي تنبض في قلب منزلك؟ منذ أن وعيت وأنا أشاهد مكتبة والدتي -حفظها الله- وأتلمس كتبها وذلك غرس بداخلي شغف القراءة والاطلاع، وسؤال لا يغادر ذاكرتي كنت أطرحه على أمي حين كنت طفلة «لماذا تُحبين القراءة؟» فتجيبني والابتسامة تداعب شفتيها: لأنها جميلة، حينها لم أدرك الجمالية التي أشارت إليها أمي، مرت الأيام فأدركت مدى جمال القراءة. ماذا عن نصيب الكُتب القديمة والنَّادرة؟ أحتفظ ببعض دواوين الشعر، لشعراء العصر الجاهلي والعباسي، كما أنني حين أسافر أحب اقتناء الكتب التي تنم عن الثقافات المختلفة كالاغريقية أو الأندلسية أو حتى العربية. هل يوجد في مكتبتكِ كُتب مُهداة بتوقيع مؤلفيها؟ نعم.. خصصت لها رفا كاملا وهي كتب غالية على قلبي و أحب العودة إليها من حين لآخر، وغالباً جميع الاهداءات التي وصلتني كُتبت بطريقة جميلة جداً. ما أطرف العناوين الموجودة في مكتبتك؟ «جنون النساء وغباء الرجال»، من تأليف: «هاوارد جيه موريس» و «جيني لي». *بما أنكِ مُهتمة بالكُتب ولديكِ مكتبة منزلية.. ما أبرز الكُتب التي تحرصين على قراءتها؟ أميل للأدب بكافة أطيافه، أيضا أهتم بقراءة الكتب التي تدور حول الإعلام وذلك بحكم تخصصي الأكاديمي، وبشكل عام أي كتاب يشدني عنوانه تنتابني الرغبة لقراءته فوراً. هل ساعدتكِ المكتبة الخاصة بكم على التأليف؟ ساعدتني على تنمية ملكة الكتابة وصقلها مما أدى ذلك لخروج كتاباتي إلى النور. كم بلغ عدد مؤلفاتك حتى الآن؟ ومتى صدر لكِ أول كتاب وما هو؟ ثلاثة مؤلفات، صدر كتابي الأول «ترانيم قلبي» عام 2010، ثم تلاه مؤلفي الثاني «الحب و مرفأ آخر» وقد قادني لمرافئ رست عليها روحي، ثم «شـروق» والذي يحمل عنوان قصتي الوطنية التي فازت بمسابقة وزارة الإعلام. هل طرافة الكتاب أو طرافة موضوعه من معايير انتقائه؟ قد يكون سبباً ولكن ليس معياراً ثابتاً. هل يوجد من قراءاتك كُتب لا تزال عالقة في الذهن، وما أسلوب الكاتب الذي يعجبك؟ نعم، لازلت أقف على أعتاب كتاب «إن لم فمن» لسيدي صاحب السمو الملكي الأمير الشاعر خالد الفيصل وقد وجدت سحر مختلف بين طياته، يثير انتباهي الكاتب الذي تطغى الانسيابية على أسلوبه، الكاتب الذي يحلق بالقارئ ويحمله على هدب غيمة. هل تقتنين الكتاب من خلال توصيات، أو بانتقاء شخصي؟ غالباً اختيار شخصي ولكن يصادف أن يجذبني كتاب ما بناءاً على إشادة أحد الأشخاص الذين أثق في ذائقتهم، من الكتب التي اقتنيتها نتيجة توصية رواية «الحزام» للروائي أحمد أبو دهمان. هل تفضلين تبادل الكتب من خلال إعارتها أو استعارتها؟ لا أؤيد ذلك كثيراً إلا في أضيق النطاقات فالكتب ثمينة جداً تعادل المجوهرات كـ قيمة ومكانة عند صاحبها، لكن بعض صديقاتي كسرن تلك القاعدة معي وذلك لإصرارهن على إعارتي بعض الكتب التي استمتعوا بقراءتها، ففي الماضي أعارتني صديقتي كتاب: «زوربا اليوناني»، ولأن الشيء بالشيء يُذكر هناك مقولة ساخرة تقول: «أحمق من يعير كتاب وأكثر حمقا من يرد الكتاب!». كلمة أخيرة: أتقدم بالشكر الجزيل لصحيفة «الرياض» الموقرة ولك أستاذ بكر هذال على هذا اللقاء الذي لامس إحساس بداخلي أقدسه جداً «حب المكتبة وعشق الكتاب». الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان
مشاركة :