وميض فائق السرعة ينبعث من ثقب أسود يبتلع نجماً

  • 2/24/2016
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

رصد فريق دولي من علماء الفيزياء الفلكية في جامعة جونز هوبكنز ثقباً أسود يبتلع نجماً ويقذف وهجاً مضيئاً جداً من المادة، بسرعة تقترب من سرعة الضوء. هذا الكشف أعلنت عنه قبل فترة وجيزة مجلة ساينس العلمية، التي كانت تتعقب النجم البالغ حجمه مثل حجم الشمس، وهو يتحرك من مساره المعتاد وينزلق نحو الجذب التثاقلي الذي يولده الثقب الأسود الهائل ليبتلعه إلى غير رجعة، حسبما أورد سويرت فان فيلزن، العضو في فريق التلسكوب هابل في جامعة جونز هوبكنز. يشير الباحث فان فيلزن، إلى أن هذه الأحداث تكون نادرة للغاية، إذ أنها المرة الأولى التي نرى فيها سيناريو تدمير نجم بشكل كامل على مدى عدة أشهر، ثم تلاه انطلاق تدفق مخروطي الشكل، يسمى أيضاً بالمقذوف، ويقع الثقب الأسود الهائل في مركز المجرة المعروفة باسم PGC 43234. يذكر أن الثقوب السود هي مناطق من الفضاء كثيفة جداً، بحيث أن قوة جاذبيتها التي لا تقاوم، لا تدع مجالاً لإفلات المادة والغاز منها، بل وحتى الضوء مما يجعلها غير مرئية ويخلق ما يمكن وصفه بالفجوة في نسيج الفضاء، وكان علماء الفيزياء الفلكية قد توقعوا أنه عندما تتم تغذية الثقب الأسود بالقوة بكمية كبيرة من الغاز، كحالة النجم المعني آنفاً، فإن دفقاً من البلازما (جسيمات أولية تتحرك في مجال مغناطيسي)، يتحرك بسرعة يمكنه الإفلات من حافة الثقب الأسود، التي يسميها العلماء بأفق الحدث، وتشير هذه الدراسة إلى أن توقع العلماء كان صحيحاً. جهود سابقة يقول فان فيلزن الذي ترأس التحليلات وعملية تنسيق جهود بين 13 من العلماء في الولايات المتحدة وهولندا وبريطانيا وأستراليا: جهود سابقة بذلت من أجل العثور على أدلة لهذه المقذوفات، بما في ذلك دراستي، ولكن كلها جاءت في وقت متأخر من اللعبة. فقد كان يعتقد أن أكبر الثقوب السود الهائلة، موجود في مركز معظم المجرات الضخمة، لكن هذا الثقب بعينه يأتي في نهاية الثقوب السود هائلة الكتلة، ولكن الأخف وزناً منها، أي أن كتلته تبلغ نحو مليون مرة قدر كتلة شمسنا، ومع ذلك فلايزال يمتلك قدراً من القوة يكفي لابتلاع نجم برمته. والواقع أن عملية الرصد الأولى للنجم المدمر من قبل الثقب الأسود، جاءت من قبل فريق علمي في جامعة ولاية أوهايو، باستخدام تلسكوب بصري في هاواي حيث جاء إعلان الفريق العلمي عن اكتشافه على تويتر في أوائل ديسمبر/كانون الأول 2014. فبعد قراءة هذا الحدث، اتصل الباحث فان فيلزن بفريق الفيزياء الفلكية برئاسة روب فندر في جامعة أكسفورد في بريطانيا، حيث كان هذا الفريق يستخدم تلسكوبات لاسلكية (راديوية)، لمتابعة الحدث بأسرع وقت ممكن، وكانوا بالفعل في الوقت المناسب لرصد هذا الحدث المهم. في هذه الأثناء، كان الفريق الدولي يجمع البيانات من الأقمار الصناعية والتلسكوبات الأرضية التي كانت بدورها تجمع الأشعة السينية والراديوية والإشارات الضوئية، لتوفير صورة متعددة الطول الموجي لهذا الحدث المذهل، وقد ساعدهم على ذلك أن المجرة PGC 43234، كانت أقرب إلى الأرض من تلك التي درست سابقاً، لا سيما أنها كانت بمثابة الأمل في تتبع المقذوفات المنطلقة بعد تدمير النجم، علماً بأن هذه المجرة تبعد نحو 300 مليون سنة ضوئية عن الأرض، في حين كانت المجرات الأخرى تبعد عن الأرض على الأقل أكثر بثلاث مرات، والمعروف أن السنة الضوئية الواحدة تبلغ نحو 6 تريليونات ميل (9 تريليون كم تقريباً). أقراص تراكمية تمثلت الخطوة الأولى للفريق الدولي في استبعاد احتمال أن الضوء كان آتياً من كتلة من الدوامات المتمددة الموجودة مسبقاً، والتي تسمى بالأقراص التراكمية، التي تتشكل عندما يبتلع الثقب الأسود المادة في الفضاء، ولا شك أن ذلك ساعد في التأكيد على أن الزيادة المفاجئة للضوء، كانت تدل على أن نجماً قد وقع في الفخ حديثاً. ويقول فيلزن: تدمير نجم من قبل ثقب أسود، أمر جميل لكنه بالغ التعقيد، وبعيد جداً عن الإدراك أو الفهم، ويضيف فيلزن: من خلال ملاحظاتنا، نعلم أن الحطام النجمي المنتشر على شكل سيول من المادة النجمية، يمكن أن ينتظم مكوناً تياراً بالغ السرعة، وهو ما يعتبر مساهمة قيمة لبناء نظرية متكاملة عن هذه الأحداث. وكان فان فيلزن، قد أكمل العام الماضي أطروحة دكتوراه في جامعة رادبود في هولندا، حيث درس المقذوفات الناتجة عن الثقوب السود الهائلة، وفي السطر الأخير من الأطروحة، أعرب عن أمله في أن يكتشف هذه الأحداث في غضون أربع سنوات، لكنه لم يستغرق سوى بضعة أشهر بعد حفل مناقشة أطروحته. الجدير بالذكر، أن فان فيلزن وفريقه ليسوا الوحيدين الذين أجروا أبحاثاً تتعلق بالإشارات اللاسلكية من هذا النجم الذي لم يحالفه الحظ للإفلات من الثقب الأسود، بل رصد فريق آخر في جامعة هارفارد نفس المصدر بالتلسكوبات اللاسلكية في نيومكسيكو، وأعلن عن نتائجه على الإنترنت، وقدم الفريقان نتائج الدراسة في ورشة عمل في أوائل نوفمبر/تشرين الثاني، وكانت هذه هي المرة الأولى التي يلتقي فيها فريقان متنافسان على نفس الدراسة وجهاً لوجه. وكان اللقاء حسب فيلزن مكثفاً، ومثمراً للغاية، حيث تم خلاله تبادل عدد كبير من الأفكار حول هذا المصدر، ولانزال نعمل جنباً إلى جنب بشكل جيد للغاية.

مشاركة :