اللغة العربية في المملكة العربية السعودية - ناهد الأغا

  • 6/11/2023
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

«تعلّموا العربية فإنها من دينكم، وأعربوا القرآن فإنه عربي» عمر بن الخطاب، رضي الله عنه. لغتنا العربية، الصرح الشامخ العالي البنيان، الشاهق المرتفع الذي يحاكي عنان السماء، هي الهوية والعنوان لأمة عريقة، وذات حضارة وفكر، ومن اللغات القليلة المرتبطة بروح التاريخ والعقيدة للأمة، التي تنتمي إليها، التي كرمها الله وخصها بمحكم تنزيله الكريم، وحفظها إلى أبد الأبدين، لغة القرآن الكريم المعجز بفصاحته وبلاغته وبيانه، والمتحدى أن يأتي كل من على الأرض بآية منه، ولن يمكنهم ذلك. لغة تقرأ بها حضارات ضربت وأوغلت في أعماق تاريخ بعيد بالقِدم والأصالة، وملاحم أدبية وشعبية خالدة، وتغوص وأنت تبحث فيها في مياه محيطات متلاطمة الأمواج، فتكتشف الثراء العظيم لهذه اللغة، وتنفرد به عن غيرها من اللغات، من عرفت الحياة، ورفضت الفناء، وسلكت في دروب الخلود والبقاء مسلكا لا يحيد، هي لسان أمة وضميرها الحي والمطلق وهويتها الوثيقة، التي تربط سالف الأقوام بلاحقهم، وأمسهم بيومهم وغدهم. وبها تقرأ وتتذوق جمال عباراتٍ وأشعار، وقصص، وتجوب في أرجاء مفرداتها وحروفها، في عالم مليء بالزخارف والنقوش الراسخة والثابتة وما أجمل ما تغزل به شاعر العربية المتنبي بلغة فاق جمالها الوصف: لا تلمني في هواها ليس يرضيني سواها نزلت في كل نفس وتمشت في دماها فبها الأم تغنت وبها الوالد فاها وبها الفن تجلى وبها العلم تباهى لغة الأجداد هذي رفع الله لواها فأعيدوا يا بنيها نهضة تحيي رجالها لم يمت شعب تفانى في هواها واصطفاها فاستجاب أبناء الأمة المجيدة، ومضوا نحو بقائها معتلية، وفي العهد الميمون لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسمو الأمير محمد بن سلمان آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء عراب رؤية الخير والازدهار رؤية 2030 المُباركة، التي تعزز فخر المملكة العربية السعودية بما حباها الله من تاريخ وإرث عريقين عبر قرون وأزمنة متعددة وممتدة، والاعتزاز بالهوية الوطنية والإيمان المطلق بضرورة المحافظة عليها، وإبرازها والتعرف عليها، ونقلها إلى الأجيال الواحد تلو الآخر، ولأن اللغة العربية المعين الكبير، والحاضنة الرئيسية لهذه الهوية، جاءت المبادرة الكريمة بتأسيس مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية في الثالث عشر من شهر الله محرم من العام الهجري الثاني والأربعين وأربعمائة وألف، الموافق الأول من الشهر التاسع من العام العشرين بعد الألفين، ليكون المرجعية العلمية العليا بكل ما يخص اللغة العربية، وإبرازها عالميا، والإسهام الفاعل لتجذير موقع المملكة العربية والسعودية والثقافة العربية على المستوى العالمي الفسيح، ووضع المجمع خططاً وبرامج ومبادرات، تخدم التوجهات والأهداف السامية، التي تزيد قيماً إضافية ونوعية، ما كان منها تعليمياً أم ثقافياً، ووضع السياسة والتخطيط اللغوي، والوصول باللغة العربية لتنافس غيرها من لغات العالم، بربطها بتكنولوجيا المعلومات الحديثة، وربط اللغة العربية وعلومها ومؤلفاتها بالتطبيقات والأنظمة الحاسوبية المتقدمة، ولا تمتد رؤية المجمع إلى مختلف دول العالم، بأن يتوزع إلى كثير من الدول حول العالم بمراكز متفرقة، وجعل اللغة العربية راسخة الحضور والوجود في مختلف المجالات العلمية والعملية كافة. تميز وانفراد كبير لمجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، بما يخص خدمة اللغة العربية ومتطلبات العصر الحديث، ضمن الظروف والإمكانات الحديثة، وفي ذلك رسالة لجميع العالم أن اللغة العربية سيدة اللغات بكل الأزمنة والأمكنة والظروف.

مشاركة :