تصاعدت «حرب تصريحات» بين الأطراف اللبنانية مع تبني قوى المعارضة ترشيح الوزير السابق ومدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، جهاد أزعور، إلى رئاسة الجمهورية، فيما تواصل ميليشيات «حزب الله» الإرهابية التهديد بـ «الفتنة وتعكير السلم والأمن الداخلي» في حال انتخب «أزعور» رئيساً للبلاد، مجددةً تمسكها بسليمان فرنجية لمنصب الرئيس. وصعدت ميليشيات «حزب الله» الإرهابية من تهديداتها للسلم والأمن الداخلي قائلةً: «موضوع رئيس الجمهورية كبير وخطير وبحجم سيادة لبنان»، مشيرةً إلى أنها ترفض انتخاب رئيس غير موالٍ لها، مهددةً: «الاصطفاف السياسي يضع البلد ضمن خيار غير ميثاقي وخطير على لبنان». وقالت: «جهاد أزعور مرشح المناورة والتحدي لن يمر»، مؤكدةً أن انتخاب «أزعور» لن يغير في موازين القوى في لبنان. وأعلنت قوى المعارضة، ورئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، قبل أيام، تبنيهم ترشيح جهاد أزعور، إلى رئاسة الجمهورية، وفي ظل تواصل حالة الفراغ التنفيذي التي يشهدها لبنان، جراء العجز عن انتخاب رئيس جديد وتشكيل حكومة كاملة الصلاحيات، وذلك بالتزامن مع تفاقم الانهيار الاقتصادي والمالي، تبدو الأزمات التي تضرب هذا البلد، أكبر من أن يتم احتواؤها بحلول جزئية، طالما جٍرِبَت على مدار عقود، دون أن تُجدي نفعاً. فبرأي متابعين للشأن اللبناني، لم يعد بوسع الأطراف الراغبة في الخروج بلبنان من «مستنقعه الراهن الذي يستعصي على الحل»، الاكتفاء بإجراء انتخابات برلمانية جديدة، أو حسم ملف رئاسة الجمهورية. فالانتخابات النيابية الأخيرة التي أُجريت في مايو من العام الماضي، لم تُحدث سوى تغييرات لا تُذكر في المشهد السياسي اللبناني، بالرغم من كل الآمال التي عُلِقَت عليها وعلى نتائجها، خاصة بعدما أسفرت عن خسارة «حزب الله» وحلفائه الأغلبية البرلمانية. كما أن صلاحيات ساكن القصر الرئاسي في بعبدا، بموجب الدستور الحالي، لا تسمح له بالاضطلاع بدور حاسم، على صعيد الضغط لإجراء الإصلاحات السياسية والاقتصادية المنشودة. ويُعزى ذلك إلى تجذر قاعدة «المحاصصة الطائفية» في النظام السياسي اللبناني، وهي القاعدة التي تضمن نظرياً تمثيل مختلف الطوائف، لا سيما الرئيسية منها، في منظومة الحكم، ولكنها أفضت من الوجهة العملية، إلى تشكيل نخبة حاكمة، يُعنى كل مكون منها بمصالحه الضيقة، ما قاد إلى تآكل سلطة الدولة، وتشكيل مجالس نيابية، تعجز في كثير من الأحيان، عن البت في الملفات الحساسة، كمسألة انتخاب رئيس جديد، وهو ما يشهده لبنان بالفعل، منذ نهاية ولاية ميشال عون، أواخر أكتوبر الماضي. وفي تصريحات نشرها موقع «يوراشيا ريفيو» الإلكتروني، شدد الخبراء، على أن إقامة هذا النظام، مهما كانت التحديات التي تنطوي على الإقدام على تلك الخطوة، أصبح أمرا حتميا، في ظل شلل سياسي متفاقم، وانهيار اقتصادي، يصفه البنك الدولي، بأنه من بين الأسوأ في العالم بأسره، على مدار الأعوام الـ 150 الماضية، وهو ما زج بلبنان في ما يُوصف بأخطر أزماته على الإطلاق، منذ الاستقلال.
مشاركة :