لا شك أن اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين الإمارات والهند، التي دخلت حيز التنفيذ قبل أكثر من عام، ستُعتبر إنجازاً بارزاً في مسيرة نمو وازدهار التجارة الخارجية غير النفطية للدولة. إذ شكّلت أول اتفاق ثنائي من نوعه للدولة، ومساهم رئيس مع غيرها من الاتفاقيات المثيلة في تحقيق مستهدفات استراتيجية وطنية جديدة لترسيخ مكانة دولة الإمارات كمركز عالمي مفتوح للتجارة، والمواهب والتكنولوجيا والاستثمار. وعندما اجتمعنا مع نظرائنا في الهند هذا الأسبوع للاحتفال بالذكرى السنوية للاتفاقية، بحثنا كيف تقودنا الاتفاقية إلى العمل معاً للمساهمة في رسم ملامح حقبة جديدة من مستقبل التجارة العالمية. والاتفاقية، التي جرى توقيعها يوم 18 فبراير 2022 بحضور سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله"، ودولة رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي، دخلت حيز التنفيذ أول مايو 2022، وجرى تصميمها لتوفير وصول سلس إلى خامس أكبر اقتصاد في العالم، وسوق يحتضن 1.4 مليار شخص. وعن طريق إزالة أو خفض الرسوم الجمركية على 80 بالمئة من السلع، وإزالة الحواجز غير الضرورية أمام التجارة وفتح مجال المشتريات الحكومية للقطاع الخاص في الدولتين، يمكن للشراكة الإماراتية الهندية مضاعفة قيمة التجارة الثنائية إلى 100 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2030. ونواصل العمل بالتعاون الوثيق مع معالي بيوش غويال، وزير التجارة والصناعة في الهند، وفريق عمله المميز بهدف ضمان استمرار الاستفادة القصوى للدولتين من الاتفاقية. وقد عاد فريقنا إلى الهند هذا الأسبوع لعقد أول اجتماع للجنة المشتركة، بعدما اتفقنا على اجتماع اللجنة بعد عام واحد من دخول الاتفاقية حيز التنفيذ للوقوف على ما أنجزته من أهداف وإمكانية تطوريها لتحقيق المزيد من النجاحات. وشكّل الاجتماع فرصة لتوطيد إحدى التحالفات التجارية والاستثمارية الدولية الأكثر أهمية لدولة الإمارات، وإعادة تركيز جهودنا على تسهيل تدفقات رؤوس الأموال إلى قطاعات واعدة مثل التكنولوجيا الزراعية والخدمات اللوجستية والتكنولوجيا المتقدمة والطاقة المتجددة. وندرك أننا لا يسعنا التوقف. عندما أطلقنا الاتفاقية، توقعنا أن تضيف 1.7 بالمئة، أي 8.9 مليار دولار، إلى الناتج المحلي الإجمالي لدولة الإمارات، وزيادة صادراتنا الوطنية غير النفطية بنسبة 1.5 بالمئة. ونتجه الآن نحو تجاوز تلك الأرقام. وتشير البيانات الأولية إلى بلوغ قيمة التجارة غير النفطية خلال السنة الأولى من الاتفاقية قيمة 50.5 مليار دولار، بزيادة 5.8 بالمئة عن الفترة المماثلة من العام السابق. وتكمن أهمية هذا النمو في تحقيقه رغم تراجع التجارة العالمية في الربعين الثالث والرابع من عام 2022، مما يثبت أن الاتفاقية ساعدت على حمايتنا من تأزم الظروف الاقتصادية. وتدفعنا الصورة في الربع الأول من عام 2023 إلى مزيد من التفاؤل، حيث ارتفع إجمالي التجارة الثنائية بنسبة 16.3بالمئة مقارنة بالربع السابق لتصل إلى 13.2 مليار دولار، مع ارتفاع الصادرات غير النفطية لدولة الإمارات إلى الهند بنسبة 8 بالمئة. وقد ظهر ذلك النشاط التجاري المتصاعد كذلك في قيام مزودي الخدمات اللوجستية الرائدين بزيادة سعة سلاسل التوريد بين الدولتين. فمثلاً: أسست "سي ليد" خدمة على طريق الهند - دبي - شرق أفريقيا، فور دخول الاتفاقية حيز التنفيذ مما يوضح تأثير الشراكة الإماراتية الهندية على المنطقة ككل. وتخطت فوائد التكامل الموسع بين الإمارات والهند -تحت مظلة الاتفاقية- مجال التجارة، ليحفز أصحاب الشركات في الهند على البحث عن فرص جديدة في الإمارات، إذ تم تسجيل 11,000 شركة جديدة في غرفة تجارة دبي عام 2022، ليصل المجموع إلى ما يفوق 83,000 شركة. وقررت شركة مالابار للذهب والألماس، إحدى أكبر سلاسل التجزئة في قطاع المجوهرات عالمياً، تعزيز عملياتها الدولية عبر مقر جديد في دبي. وفي المسار المقابل، افتتحت شركة تصنيع الكابلات الإماراتية "دوكاب" مكتباً جديداً في مدينة بنغالورو في يناير الماضي، لتقديم خدمات أفضل لقاعدة عملائها المتنامية في شبه القارة الهندية، بينما افتتحت موانئ دبي العالمية مراكز تكنولوجيا جديدة في مدن حيدر أباد وبنغالورو وجوروغرام. تشمل الاستثمارات الاستراتيجية الإماراتية الأخرى في الهند دعم محطة طاقة متجددة هجينة بقدرة 300 ميغاوات في ولاية غوجارات وتمويل سلسلة من مجمعات الطعام المستدامة. ليس كل ما سبق سوى البداية. إذ تم تصميم اتفاقية الشراكة الاقتصادية الإماراتية الهندية لخلق فرص مستدامة طويلة الأجل، وستمكننا مرونة ذلك التصميم من تحقيق الاستفادة من تلك الفرص، كما تظهر أعمال اللجنة المشتركة. وستواصل الاتفاقية وضع إطار متميز يحدد شكل الشراكة الثنائية لعقود مقبلة، لتكون بذلك نموذجاً عالمياً يحتذى لما يجب أن تكون عليه العلاقات التجارية والاستثمارية بين الدول الشريكة. طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :