فشل البرلمان اللبناني مجددا وللمرة الثانية عشرة على التوالي في اختيار رئيس جديد للجمهورية بعد التصويت التي جرى اليوم الأربعاء عقب اكتمال النصاب الدستوري، على وقع انقسام سياسي يزداد حدة بين حزب الله وخصومه، وينذر بإطالة عمر الشغور الرئاسي. ومنذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون في نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، فشل البرلمان خلال 11 جلسة -عُقد آخرها مطلع العام الجاري- في انتخاب رئيس، في وقت لا يحظى فيه أي فريق بأكثرية تمكّنه منفردا من إيصال مرشحه إلى المنصب. إلا أن إجماع كتل سياسية وازنة على دعم ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور في مواجهة الوزير السابق سليمان فرنجية المدعوم من حزب الله، أعاد خلط الأوراق الرئاسية ودفع رئيس البرلمان نبيه بري إلى تحديد موعد لجلسة انتخاب جديدة. وارتفعت أسهم أزعور -الذي انضم إلى صندوق النقد الدولي عام 2017، وشغل منصب وزير المالية اللبناني بين عامي 2005 و2008- في الأسابيع الأخيرة إثر اتصالات مكثفة انتهت بإعلان كتل رئيسية ونواب معارضين لفرنجية تأييدهم لترشيح أزعور. وإثر ذلك، أعلن النائب ميشال معوض -أول من خاض السباق الرئاسي ونال العدد الأكبر من الأصوات خلال الجلسات السابقة من دون أن يحقق الأكثرية المطلوبة- تراجعه عن ترشحه لصالح أزعور. ويعد حزب القوات اللبنانية ولديه كتلة برلمانية مسيحية وازنة، والتيار الوطني الحر حليف حزب الله المسيحي الأبرز الرافض لوصول فرنجية، وكتلة الزعيم الدرزي وليد جنبلاط؛ من أبرز داعمي أزعور. وبعد دعم ترشيحه، تنحى أزعور مؤقتا عن مهامه مديرا لقسم الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، وقال في أول تعليق له إنه يريد لترشحه أن يكون "مساهمة في الحل وليس عنصرا يُضاف إلى عناصر الأزمة". وأكد أنه "ليس تحديا لأحد"، في ردٍّ على حزب الله الذي وصف عدد من نوابه أزعور بمرشح "المواجهة" و"التحدي". من جهته، أعلن حزب الله أن كتلته ستصوت لصالح فرنجية، إلى جانب حركة أمل التي يتزعمها بري، مع كتل أخرى صغيرة. وقال رئيس كتلة حزب الله النائب محمد رعد -الاثنين الماضي- إن من يدعمون ترشيح أزعور، من دون تسميته، "لا يريدون إيصاله إلى رئاسة الجمهورية، وإنما يستخدمونه فقط لمنع أن يصل مرشح المقاومة"، في إشارة إلى فرنجية. وأكد فرنجية -في كلمة الأحد- أنه سيكون "رئيسا لكل اللبنانيين" رغم تحالفه مع حزب الله وصداقته مع الرئيس السوري بشار الأسد. ووجه انتقادات لاذعة لمعارضي ترشيحه الذين يصفونه بـ"مرشح الممانعة" في إشارة إلى حزب الله. وقال في كلمة "أذكّرهم (أنهم) في 2016 دعموا مرشح الممانعة الرئيس ميشال عون". ومن المرجح أن ينال أزعور العدد الأكبر من الأصوات في الدورة الأولى، على أن يطيح حزب الله وحلفاؤه بالنصاب الضروري لعقد دورة ثانية. ويحتاج المرشح في الدورة الأولى من التصويت إلى غالبية الثلثين -أي 86 صوتا- للفوز، وتصبح الغالبية المطلوبة إذا جرت دورة ثانية 65 صوتا من 128 هو عدد أعضاء البرلمان؛ لكن النصاب يتطلب الثلثين في الدورتين.
مشاركة :