دور الإعلام في تنمية القيم الإنسانية عند الطفل

  • 2/25/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تحت عنوان تنمية القيم الإنسانية عند الطفل، انطلقت صبيحة يوم الأحد الموافق 21 فبراير 2105، في المنامة أعمال المؤتمر السابع للجمعية البحرينية لتنمية الطفولة. توزعت أعمال المؤتمر على 3 جلسات، قدمت فيها 9 أوراق أعدها مجموعة من الباحثين، والأكاديميين، والإعلاميين، والتربويين، من المهتمين بقضايا الطفولة. رفضت الأوراق في مجملها تلك النظرة الخاطئة التي تعالج قضايا الأطفال من منظار مسطح أحادي النظرة، يرى فيهم مستقبل الأمة فحسب، فقد بات العديد من المدارس التي تعنى بالطفل وثقافاته، تركز على كون الأطفال، يشكلون في حاضرهم مكوناً مهماً من مكونات النسيج المجتمعي، يحتاج إلى الكثير من الرعاية والاهتمام، قبل أن يغادروا هذه المرحلة كي ينتسبوا لفئة عمرية أخرى تحتاج أدوات ثقافية مختلفة. وعليه تنضوي الجهود الثقافية التي تخاطب الأطفال، وتعنى باحتياجاتهم الثقافية وتفاعلهم مع مكوناتها تحت شبكة معقدة من برامج وخطط التنمية الشاملة التي تضع على عاتقها مهمة بناء علاقات متكاملة مثمرة بين عناصر الثقافة المجتمعية، واحتياجات الطفل منها ولها. على هذه الأرضية تفاوت تشخيص واقع الطفولة المعاصر بشكل عام، والعربية منها على وجه خاص. فالبعض رفض مقولات الطفولة البريئة بكثافة السرد الكامن فيها، (والتي أصبحت) تحجب أحوال الابتزاز التي يمارسه الطفل بحق والديه، إن عجزاً عن شراء لعبة جديدة يرغب بها! فالطفل البريء الجذاب الجميل الودود الحالم الشفاف، والصادق البريء، صار يمارس فعالية المقايضة بحرفية تاجر البندقية الشكسبيري! امنحك ابتسامة بشرط، خذني الآن في التو واللحظة نحو (ماكدونالد). تريد حضنًا كبيرًا خذني إلى مدينة الملاهي؟! تريد مني إكمال فروضي المدرسية خذني إلى الفلم الجديد في عطلة نهاية الأسبوع. الملفت للنظر، كان تسليط معظم الأوراق على الدور الذي يمارسه الإعلام في تنشئة الطفل، وغرس القيم في سلوكه. فقد كان هناك حضور ملحوظ لبحث العلاقة بين الإعلام وتنشئة الطفل، حيث اعتبرت إحدى الأوراق الإعلام المعاصر أحد الركائز الأساسية التي تسهم بشكل كبير في تنشئة الطفل بشكل عام. ويحدث هذا للأسف الشديد في ظل غياب صناعة إعلامية متخصصة موجهه للطفل، تسهم في غرس القيم والمبادئ المثلي في نفسه وعقلة، الأمر الذي دفع أطفال هذا العصر إلى الانصراف عن عالمهم الصغير، ذلك العالم البريء النقي، والانتقال إلى عالم الكبار، المليء في كثير من الأحيان بقيم ومبادئ يشوبها العنف والبؤس والتردي والرخص، وغيرها من موبقات الإعلام المسيطر اليوم على الساحة بمختلف وسائله. وفي السياق ذاته، الذي يبحث دور (((الإلام))) في التنشئة، وانطلاقاً من مدارس علم النفس التي تؤكد على أهمية أنماط العقاب والثواب في تشكيل سلوك الأفراد، والأطفال على وجه الخصوص بما أنهم أكثر استجابة وخضوعاً للمؤثرات الاجتماعية التي تحبذ سلوكاً ميعناً أو تنهى عنه. جرى الحديث عن احتمال التناقض بين ما تدعو له القيم الأسرية، ولا يتردد الإعلام في نسفه، سوية مع المدرسة، فما تؤكد عليه الأسرة قد ينسفه الإعلام أو المدرسة، والعكس قد يكون صحيحاً. وعلى هذا الأساس فمن الخطأ افتراض أن هناك مؤسسة واحدة منسجمة تمارس التأثير بشكل موحد ومركز، فحين نقول إن الإعلام قد يتعارض مع قيم الأسرة، فإن هذا لا يعني أن هناك إعلاماً واحداً، بل هناك قنوات إعلامية عديدة ومتعارضة في توجهاتها رسمية وغير رسمية. وفي ظل هذا التوسع الهائل في وسائل الإعلام والتواصل، صار من الصعب جداً الحديث عن مؤثر واحد يعمل بصورة منسجمة وموحدة اسمه الإعلام. وفي نطاق معالجة علاقة التأثير التي تفرضها وسائل الإعلام على قيم ومفاهيم تنشئة الطفل، جاءت دعوات التحذير من خطورة التدفق الحر للمعلومات في تأثيره الكبير على الصغار والنشء الجديد، بما يشكلونه من صور ذهنية عن المجتمع الذي ينتمون إليه بقيمه وتقاليد هو أعرافه، وإن ما تزرعه هذه المعلومات من مفاهيم وأفكار سيكون المرجعية الثقافية والقيمية للأطفال في المستقبل المنظور، وبالتالي سوف ينعكس ذلك سلباً أو إيجاباً على ارتباطهم وانتمائهم لمجتمعاتهم، حيث يتعلق الأطفال ما بين سبع سنوات وأربع عشرة سنة تعلقاً شديداً بالمثيرات والمؤثرات التي تنقلها الأوعية والقنوات الاتصالية والإعلامية، وإن المسألة التي تطرحها هذه القنوات مهما كانت ثانوية أو عرضية، تكتسب زخماً إعلامياً كبيراً، بفعل ما يرافقها من مؤثرات تقنية وإخراجية مصاحبة للمحتوى. وخرج المؤتمر بمجموعة من التوصيات التي تدعو مختلف مؤسسات المجتمع كي تكرّس جهودها المشتركة من أجل التأسيس لسياسات وبرامج جادة تمارس دور الإيجابي في تنشئة جيل عربي معاصر، قادر على بناء مجتمع عربي تسيره ذهنية القبول بالآخر، والتفاعل الإيجابي مع قيمه، وصولاً إلى مجتمع متسامح تتعايش تحت سمائه مختلف الديانات، والمذاهب.

مشاركة :