لبنان يحذر من انزلاق التوتر مع اللاجئين السوريين إلى العنف

  • 6/15/2023
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

بيروت - أكد وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بو حبيب أن أزمة اللاجئين السوريين باتت تؤثر على الوضع الاقتصادي والسياسي لبلاده، محذرا مما أسماه "خطر توترات بين اللبنانيين والنازحين وارتفاع العنف، بسبب الأزمة والصراع للحصول على وظائف"، وفق موقع "النشرة" اللبناني". وقال بوحبيب خلال كلمته في مؤتمر دعم مستقبل سوريا والمنطقة في بروكسل اليوم الخميس إن "لبنان لا يمكن أن يتحوّل إلى بقعة واسعة للنازحين السوريين"، مضيفا أن "بلده لم يخذل أحدا وهو اليوم يطلب المساعدة ونخشى من تحوّل القرار الأممي حول سوريا إلى قرار حبر على ورق". وقال إن "العودة حق للسوريين"، مطالبا الشركاء الدوليين بالعمل مع السلطات اللبنانية لمساعدة بلاده "بما يصبّ في مصلحة الشعبين اللبناني والسوري". وتفاقمت معاناة اللاجئين السوريين بلبنان في ظل الانهيار المالي الذي تشهده البلاد منذ خريف 2019. وزادت الأزمة الاقتصادية من الخطاب العدائي تجاه اللاجئين الذين يتلقون مساعدات من منظمات دولية، في وقت بات أكثر من ثمانين في المئة من اللبنانيين تحت خط الفقر. تحت أشعة شمس حارقة في شرق لبنان، ينهمك اللاجئ السوري إبراهيم الكربو مع أطفاله في تقشير فصوص الثوم لتوفير لقمة العيش، فيما فقد الأمل في العودة إلى بلده رغم ازدياد الحملة ضد اللاجئين في لبنان وانتقادات السلطات المضيفة وتراجع المساعدات الدولية. ويقول الكربو بينما تفوح رائحة الثوم في أرجاء المخيم في بلدة سعدنايل في سهل البقاع "قال لي ابني إن يده باتت زرقاء من الثوم.. وقلت له لو أصبحت حمراء، تابع العمل. نريد أن نأكل الخبز". يعمل هذا اللاجئ السوري (48 عاماً) مع خمسة من أطفاله الستة وجميعهم دون 12 عاما، في فصل فصوص الثوم عن بعضها عبر الضغط عليها بقوة ثم تقشيرها، ما يجعل أيديهم الصغيرة متورمة أحياناً. ويوفر العمل للعائلة نحو عشرين دولارا أسبوعيا، بينما لا تكفي مساعدات تحصل عليها من الأمم المتحدة إلا لتغطية الاحتياجات الأساسية، كما يقول الكربو. وبعد حملات توقيف وترحيل للاجئين نفذتها الأجهزة الأمنية خلال العام الحالي، بذريعة عدم حصولهم على المستندات القانونية اللازمة، عرقلت حكومة تصريف الأعمال مؤخرا برنامجا لتوزيع مساعدات نقدية بالدولار على اللاجئين من الأمم المتحدة. ويستضيف لبنان وفق السلطات أكثر من مليوني لاجئ سوري بينما لا يتخطى عدد المسجلين لدى الأمم المتحدة 800 ألف. وتمارس السلطات اللبنانية ضغطا على المجتمع الدولي ومنظماته، مطالبة بإعادة اللاجئين إلى بلدهم بعدما توقفت المعارك في مناطق واسعة في سوريا باتت تحت سيطرة القوات الحكومية. ويشكل "دعم مستقبل سوريا والمنطقة" محور مؤتمر دولي للمانحين يعقده الاتحاد الأوروبي في بروكسل، في ظل نقص تمويل غير مسبوق في إطار الاستجابة للأزمة السورية داخل البلاد وخارجها. ويعرب الكربو ذو اللحية البيضاء الكثة التي تجعله يبدو أكبر سنا عن خشيته من العودة إلى مسقط رأسه في ظل الفوضى والمخاوف الأمنية. ويقول "أتمنى لو أحد من اللبنانيين يرى حال منزلي في الرقة (..) وإلا لماذا أمكث في خيمة وليس في بيتي؟ ولماذا لا يتعلّم أولادي؟ ما الذي يجبرنا على هذه الحياة المرة؟". ويضيف "أفضل أن أموت هنا أمام أولادي.. على أن أتركهم"، مشيرا إلى خشية على مصيره في حال ترحيله إلى سوريا، وسط اتهامات من منظمات حقوقية للسلطات بتوقيف عدد من العائدين من لبنان. وقبل نحو سبع سنوات، فرّ الرجل من مدينته حيث كان يعمل في مجال البناء، بعدما سيطر تنظيم الدولة الإسلامية عليها وجعلها أبرز معاقله في سوريا حتى دحرته منها عام 2016 قوات سوريا الديمقراطية التي يشكل المقاتلون الأكراد عمودها الفقري ويدعمها التحالف الدولي بقيادة واشنطن. ورغم أن حلم العودة يراود الكثير من اللاجئين لكن العديد منهم يجدون أنفسهم اليوم محاصرين بين ظروف معيشية سيئة في لبنان وبين تعذر عودتهم، بعدما فقدوا منازلهم جراء المعارك وموارد رزقهم، عدا عن عدم توفر الخدمات والبنى التحتية الأساسية. كما يخشى عدد كبير من الشباب اضطرارهم للالتحاق بالخدمة العسكرية الإلزامية في سوريا. ودفعت الحرب السورية التي تسبّبت منذ اندلاعها عام 2011 في مقتل أكثر من نصف مليون شخص وأتت على الاقتصاد ومقدراته، بأكثر من 5.5 مليون شخص الى الفرار من البلاد، فيما نزح عدد مماثل تقريباً داخلها. وتخيّم ملامح الحزن واليأس على وجه سعاد، شقيقة الكربو، لدى حديثها عن فقدانها الأمل بعيش حياة طبيعية. فبعد فرارها قبل سنوات من حكم تنظيم الدولة الإسلامية، فقدت خلال العام الحالي ابنها (12 عاما) في حادث جرار زراعي خلال موسم جمع البطاطا. وتقول "أشعر أن الأبواب كلها مغلقة أمامنا. بيتي في سوريا قُصف. إذا عدت، أين أسكن؟ في الشارع؟ الخيمة أفضل"، مضيفة "أشعر أنه بات مستحيلاً أن أعيش حياة كريمة". وتتابع بحسرة بينما أطفالها الخمسة الآخرون انقطعوا عن التعليم من أجل العمل "يرافقني الخوف أينما توجهت، يئست من الحياة. أنا شبه حية، قلبي ميت لكنني أعيش من أجل أطفالي". وفي مخيم مجاور قي بلدة سعدنايل، تبدي غفران الجاسم (30 عاما) قلقها إزاء مستقبل أطفالها الأربعة في لبنان، بعدما امتنعت عن إرسالهم الى المدرسة لعدم قدرتها على دفع كلفة النقل. وتروي الأم التي فرّت مع عائلتها من محافظة إدلب في شمال غرب سوريا أن إثنين من أطفالها يعانيان من ضعف في غضلة القلب. ويحتاج أحدهما وهو في السابعة من عمره إلى زراعة قلب، في عملية مكلفة لا تقوى على تحمل نفقاتها على الإطلاق. وتقول بينما تغرورق عيناها بالدموع "أشاهد أولادي وهم يموتون أمام عينيّ" في ظل عدم تكفّل أي جهة بعلاج طفليها المريضين. وعلى غرار لاجئين كثر يشكون من الضغط المادي والنفسي الذي يعانون منه داخل خيم منسية، تقول الجاسم "ليس بإمكاننا العودة الى سوريا لأن زوجي مطلوب للاحتياط في الجيش". وتسأل "كيف سأؤمن قوت أولادي" حينها؟

مشاركة :