أبدت منظمة العفو الدولية قلقها جراء إجراءات مكافحة الإرهاب الجديدة، وقالت مديرة مكتب المنظمة في بلجيكا، كارين موسكوبس، في تصريحات إعلامية أمس، غن هناك حالة من عدم الارتياح لدى المنظمة حول وضعية ومبادئ حقوق الإنسان في البلاد. وقالت موسكوبس: «قدمت الحكومة مقترحات بشأن تدابير تهدد حقوق الإنسان والحريات، أبرزها الحق في الخصوصية والحق في المحاكمة العادلة. ولهذا طالبنا الحكومة بإجراء تقييم لحزمة الإجراءات بشكل كامل». ونوه الإعلام البلجيكي بأن ما جاء في التقرير السنوي لمنظمة العفو الدولية يعتبر بمثابة تحذير للسلطات البلجيكية، لأن هناك عدة مقترحات تشريعية لم تتحول إلى قوانين بعد، وتتعلق بإجراءات لمواجهة التهديدات الإرهابية. وأشارت مسؤولة المنظمة الدولية في هذا الصدد إلى مقترحات تتعلق بإلغاء ازدواجية الجنسية، وتمديد فترة الاعتقال، وتكثيف مراقبة البريد الإلكتروني والمكالمات الهاتفية. وقالت إنه «يجب أن نتعلم الدروس من أحداث 11 سبتمبر (أيلول)، فقد أثبتت الأيام أن الحلول الصحيحة والتي استمرت، هي الحلول التي احترمت حقوق الإنسان». وفي النصف الأول من الشهر الحالي، أعلنت الحكومة الاتحادية عن التزامها بتوفير ألف شرطي فيدرالي إضافي بحلول سنة 2019، بمن فيهم 300 شرطي في سنة 2016 و500 شرطي في سنة 2017، بهدف فهم مختلف الظواهر الإجرامية المرتبطة بالإرهاب. كما قررت اللجنة الوزارية المصغرة تخصيص نحو 300 مليون يورو في جزءٍ من ميزانيتها المكونة من 400 مليون يورو التي تم الإعلان عنها بعد هجمات باريس. كما سيتم تخصيص احتياطي 100 مليون يورو المتبقية خلال سنة 2016. علاوة على ذلك، ستوفر الحكومة الاتحادية 39 مليون يورو لخطة مكافحة التطرف الملقبة بـ«خطة القنال»، والتي تشمل سبع بلديات في بروكسل وبلدية فيلفورد. ومن المقرر أن تستفيد المنطقة من تعزيز بـ300 شرطي توفرهم الشرطة الفيدرالية، أو يتم جلبهم من الاحتياطي الفيدرالي. وستشمل الخطة إقليم بروكسل، والبلديات المعنية ودوائر الشرطة. كما أعلنت السلطة القضائية أيضا عن توفير الوسائل سواء لمقر الشرطة أو للنيابة العامة، في الدوائر القضائية ببروكسل. وفي وقت سابق، وافق مجلس الوزراء البلجيكي على مقترحات جديدة لتشريعات تعزز الجهود الحالية لمكافحة الإرهاب، وفي مقدّمتها استحداث قاعدة بيانات جديدة بشأن من يسافر للخارج للمشاركة في العمليات القتالية، وتمديد عمليات الاعتقال على خلفية التحقيق والتحري إلى 72 ساعة بدلا من 24 ساعة. وكانت بلجيكا قد شددت من إجراءاتها الأمنية في أعقاب تفكيك خلية إرهابية، وقتل اثنين من أعضائها بداية عام 2015 في مدينة فرفييه، شرق البلاد، كما خصصت مبلغا يصل إلى مائتي مليون يورو لتعزيز محاربة الإرهاب. ثم عادت وفرضت إجراءات جديدة عقب تفجيرات باريس في نوفمبر الماضي، حيث قررت الحكومة البلجيكية رفع موازنة الأمن وتعزيز مراقبة الحدود الخارجية، ونشر 520 عسكريا لتعزيز الأمن في الداخل، وإعادة النظر في قوانين الإجراءات الجنائية لتسهيل حصول أجهزة الاستخبارات الأمنية على التكنولوجيا الحديثة، بما في ذلك التعرف على الأصوات، وتوسيع نطاق التصنت على الهواتف، لتشمل أيضا جرائم الاتجار بالسلاح. وذلك بالإضافة إلى إجراء يتيح سجن العائدين من القتال في سوريا. وقررت بروكسل إنشاء آلية لتسجيل الركاب والمسافرين على الخطوط الجوية والقطارات السريعة، مستبقة الخطوات الأوروبية الموحدة في هذا الصدد. إلى ذلك، أقرّت إجراءات حازمة ضد دعاة الكراهية، تشمل الإقامة الجبرية وتقييد الحرية، مع إمكانية الترحيل خارج البلاد. وكذلك إغلاق كل أماكن العبادة غير القانونية من مساجد وكنائس وغيرها، والتي تدعو إلى المشاركة في العمليات القتالية ضمن صفوف المتطرفين. تجدر الإشارة إلى أن العام الماضي شهد فتح 313 ملفا يتعلق بالإرهاب، في مقابل 195 ملفا في العام الذي سبقه، وفق ما أعلنه مكتب التحقيقات الفيدرالي في بروكسل. وحسب المصدر نفسه، شهد عدد القضايا المرتبطة بالإرهاب تزايدا مفرطا خلال السنوات الثلاث الماضية، بينما ظل عدد الموظفين المكلفين بهذه القضايا ثابتا. وإلى غاية 2012، كان عدد القضايا المتعلقة بالإرهاب التي تم فتحها في بلجيكا لا يتجاوز المائة. وقد بدأ تزايد هذه القضايا حين أخذت ظاهرة المقاتلين بسوريا في النمو في سنة 2012. وفي يوليو (تموز) من العام الماضي جرى الإعلان عن ارتفاع كبير في عدد الملفات ذات الصلة بالإرهاب، التي جرى التحقيق فيها خلال السنوات الست الأخيرة، ففي عام 2008 بلغ الرقم 53 تحقيقا، وظل الرقم تحت معدل الـ100 طوال أربع سنوات وحتى عام 2012، ومعها ارتفع الرقم مع بدء التحقيقات في ملفات تتعلق بتجنيد وتسفير الشباب للقتال في سوريا، بحسب ما أعلن. وفي هذا الصدد، أوضح المدعي العام الفيدرالي فريدريك فان ليو أن «تكثيف إجراءات الأمن والعمل على تفادي أي مخاطر إرهابية، وكيفية التعامل مع ملف المقاتلين الأجانب في سوريا، كلها عوامل أدت إلى زيادة أعداد الملفات التي فتحت في قضايا ذات صلة بالإرهاب، خاصة أن السلطات الفيدرالية للتحقيقات أصبحت تطلب مباشرة مذكرة توقيف لكل من سافر إلى سوريا للقتال. في الوقت ذاته، نعمل على مراقبة هؤلاء، وعلى مراقبة تحركات كل الأشخاص الذين يتصلون أو يتعاملون مع جماعات ذات صلة بالإرهاب».
مشاركة :