أشار الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان وزير الثقافة في كلمته بموقع مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية بوصفه رئيسا لمجلس أمناء المجمع، إلى أن تأسيس المجمع قد جاء ليكون «الجهة الرسمية السعودية التي تتولى الشؤون اللغوية، وسياساتها وبرامجها، وتتولى العمل الدولي المرتبط بها، كما تتولى القيادة بالدراسات الاستشرافية، ووضع الاقتراحات والتوصيات على أعلى مستوى، لمعالجة المخاطر المحتملة، أو اقتناص الفرص الثقافية الممكنة»، مشيرا إلى أن «العربية جزء من اسم بلادنا وهويتنا، وصوت من أعماقنا، ومكون أساسي في مستقبلنا وحاضرنا وماضينا».من جهة أخرى فقد هدف المجمع إلى «المساهمة في تعزيز دور اللغة العربية إقليميا وعالميا، وإبراز قيمتها المعبرة عن العمق اللغوي للثقافة العربية والإسلامية» وذلك عبر مختلف قطاعاته المتنوعة والتي منها قطاع البرامج الثقافية الذي يهدف إلى دعم محتوى اللغة العربية، وبيان أصالتها، وتعزيز استخدامها في المجالات المتنوعة، ناهيك عن ترسيخ حضور العربية في مختلف البيئات التعليمية، والأعمال، والبحث العلمي، والفضاءات الاجتماعية، والآداب، والإعلام، والفنون، وغيرها، علاوة على دعم اللغة العربية في المنظمات الدولية.ما أشرت إليه غيض من فيض تم رصده في الموقع الالكتروني لمجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، وحتما فجميع ما ورد فيه قيم عالية يتفق عليها الجميع، وما أريده وغيري هو أن نراها وقد تحققت على أرض الواقع قولا وفعلا.أريد أن أرى هويتي اللغوية حاضرة في جميع ميادين الحياة كما هي هويات غيرنا من الدول المتقدمة التي عمدت مؤسساتها إلى تغطية كل الفجوات المعرفية التي يمكن أن تنفذ منها لغة أخرى إلى مجتمعها، وحتما فذلك لن يكون إلا عبر الترجمة، وهو ما نطالب بتفعيله بشكل حقيقي على الصعيد الوطني والعربي.أريد أن يحضَّ المجمع وزارة السياحة والاستثمار لجعل اللغة العربية أولا في استراتيجيتهما التسويقية محليا ودوليا، وأن يقترح المجمع على وزارة السياحة بأن تستفيد من كثرة السائحين السعوديين في بعض البلدان كتركيا وغيرها، ليكونوا ورقة رابحة في مفاوضاتها معهم لطرح اللغة العربية خيارا متاحا في عديد من مفاصل الحياة اليومية، كقوائم الطعام، وأجهزة الصرف البنكية، وغيرها، كخطوة أولى على سبيل المثال.أريد أن يرفع المجمع للمقام السامي توصية بأن تكون كل مؤتمراتنا الدولية المقامة على أرضنا العربية باللغة العربية كلغة رئيسة، وأن يتحدث أبناء هذه الأرض بلغتهم الوطنية الأصيلة، فاللغة قبل أن تكون وسيلة للتواصل هي هوية ووجود.أشير إلى أن ما نريده قد حرصت عليه عديد من المجتمعات المتقدمة، كفرنسا التي أصدرت قانون توبون عام 1994م المنسوب إلى وزير الثقافة الفرنسي جاك توبون، الهادف إلى حماية اللغة الفرنسية وتراثها عبر عدد من الإجراءات الصارمة، كالالتزام باستخدام الفرنسية لغة رسمية للجمهورية، واعتماد استعمال المصطلحات الفرنسية دونا عن غيرها من اللغات الأجنبية وبخاصة الإنجليزية، بل وأراد الوزير توبون إزالة بعض الكلمات الإنجليزية المترسخة في القاموس اللغوي الفرنسي منذ قرون، كما ألزم القانون استخدام اللغة الفرنسية في جميع الإعلانات، وأماكن العمل، وحال توقيع العقود التجارية، وفي جميع المدارس التي تمولها الحكومة، ومختلف البرامج السمعية والبصرية.كذلك الحال مع اليهود الذين اهتموا بتعزيز لغتهم القديمة وإحيائها، حفاظا على هويتهم ووجودهم، فعمل اللغويون العبريون على إخراج اللغة العبرية من الكتب والصحف القديمة إلى الشارع، ومارسوا كثيرا من التعديل والتطوير من أجل تسهيلها وتليينها على الألسن، حتى نجحوا في إخراج ما يعرف اليوم بـ»اللغة العبرية الحديثة»، لتكون بمثابة اللغة الرسمية الأولى لدولة إسرائيل، وليتم استخدامها في شتى مجالات الحياة، كما أصدرت وزارة التربية والتعليم الإسرائيلية عام 1995م وثيقة تنص على أن اللغة الأم هي العبرية، وهي اللغة الأولى في التعليم العام والعالي، إيمانا منهم بأن اللغة تموت حين لا تستخدم. والسؤال: هل لغتنا العربية اليوم حية أم ميتة؟كم أخشى أن تموت لغتنا في عهدنا، وهي التي تميزت بثباتها طوال قرون تاريخية سالفة؟ فلم تتغير أحرفها وكلماتها، ولم تتبدل معانيها، وهو ما مكننا من قراءة وفهم وتذوق مخزوننا التراثي، الشيء الذي لم يتحقق في كل اللغات الأخرى التي حدث بينها وبين ماضيها قطيعة معرفية جراء تغير ألفاظها واختلاف معانيها عبر القرون.أخيرا لنؤمن بأن الأرض يجب أن تتكلم عربي، ورحم الله الفنان سيد مكاوي الذي غنى رائعة الشاعر فؤاد حداد الخالدة «الأرض بتتكلم عربي، قول الله، إن الفجر لمن صلاه، ما تطولش معاك الآه، الأرض بتتكلم عربي».zash113@
مشاركة :