هدنة تلو الأخرى منذ اندلاع الحرب في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع، منتصف أبريل الماضي، ولم يتغير واقع الحال ميدانياً، فلا حسم الجيش الحرب، ولا استطاعت «الدعم السريع» تحقيق انتصار، فالطرفان في حالة إنهاك متواصل لقواهما، فيما تتفاقم معاناة المدنيين، وما أن تلوح في أفق الأزمة بارقة أمل إلا ويبددها دوي المدافع وأزيز المقاتلات. كما يبدو أن كلا الطرفين لم يصلا لمرحلة القناعة بضرورة إنهاء الحرب، فقادة الجيش يعتبرونها حرباً لاسترداد «الكرامة»، بينما تواصل قوات الدعم السريع الكر والتمدد داخل المدن. وبين نيران المتحاربين، تزداد معاناة المدنيين تعقيداً، فلا ممرات آمنة لإيصال المساعدات الإنسانية، ولا ضمانات لحماية الحق في الحياة، فمن لم يقتله الرصاص الطائش، مات بسبب الجوع ونقص الدواء، مع غياب تام للدولة ومؤسساتها، لاسيما في العاصمة الخرطوم، ومدن أخرى في إقليم دارفور غرباً. الحرب التي أكملت شهرها الثاني لم تفلح معها حتى الآن مبادرات الوساطة التي تتبناها قوى إقليمية ودولية في وقف نزيف الدم، الذي سال منحدراً إلى دارفور، الإقليم الأكثر هشاشة في البلاد، مع مخاوف من تمددها إلى ولايات ومدن أخرى، لاسيما وأن معارك متقطعة ظلت تشهدها مدينة الأبيض حاضرة ولاية شمال كردفان. وإن كان جل الهدن القصيرة التي التزم بها الطرفان، لم تصمد ولم تمهد لوقف دائم لإطلاق النار، إلا أن حبال الأمل لم تنقطع في أن تكون هدنة الـ72 الجديدة مدخلاً لتوافق طرفي القتال حول صيغة تعجل بوقف الحرب، التي هجر بسببها ما يزيد على المليونين من السكان ديارهم بين نازح ولاجئ، وبقي من بقي يحاصره الموت بعد أن تعثرت جهود إيصال الإغاثة لملايين العالقين في مدن الخرطوم الثلاث. حاجة ملحة الحاجة إلى وقف إطلاق نار دائم باتت أكثر إلحاحاً، يستدعي بحسب مراقبين ممارسة المزيد من الضغوط الدولية على طرفي القتال، لاسيما وأن استمرار الحرب بشكلها الراهن، وسط المدنيين والمنشآت المدنية، يمكن أن يرقى لمستوى الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب. تابعوا أخبار العالم من البيان عبر غوغل نيوز طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :