الجزائر - تجاهلت الجزائر دعوات منظمات حقوقية دولية كانت قد طالبت بالإفراج عن الصحافي إحسان القاضي المسجون منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي وذهبت أبعد في الردّ على تلك الانتقادات بأن شددت محكمة الاستئناف اليوم الأحد الحكم الصادر بحقه وقضت بسجنه سبعة أعوام، منها خمسة نافذة بزيادة سنتين عن الحكم الابتدائي، في قضية تعيد تسليط الضوء على مساع النظام لترهيب وسائل الإعلام التي تنتقد أداءه وأداء حكومته وفي محاولة لإعادة الإعلام المعارض إلى بيت الطاعة. وتنزلق الجزائر الجديدة التي وعد بها الرئيس عبدالمجيد تبون إلى استبداد أكبر وأوسع بعد إخماد الحراك الشعبي حتى أن صحفا فرنسية حذرت من أنها تتحول إلى سجن كبير. وتختزل قضية إحسان القاضي فصلا من فصول قمع الحريات بذريعة التمويل الأجنبي وهي مبررات تقول المعارضة إنها كيدية وانتقامية وتهدف لترهيب الإعلام الحر. وكتب ممثل منظمة مراسلون بلا حدود في شمال إفريقيا خالد درارني على تويتر عند إعلانه عن الحكم، "حكم صادم وغير مفهوم". وصدر حكم ابتدائي بحق إحسان القاضي الذي حوكم بتهمة تلقي "تمويل أجنبي" في الثاني من ابريل/نيسان الماضي، قضى بسجنه خمسة أعوام، اثنان منها مع وقف التنفيذ. وأثار اعتقال القاضي وهو مدير إحدى آخر المجموعات الصحافية الجزائرية المستقلة - وتضم إذاعة راديو إم وموقع مغرب إيمرجنت الإخباري، موجة من التضامن بين زملائه ونشطاء حقوق الإنسان في الجزائر وأوروبا. وقد جمعت عريضة أطلقتها منظمة مراسلون بلا حدود للمطالبة بإطلاق سراحه أكثر من عشرة آلاف توقيع. وكانت النيابة العامة الجزائرية طلبت في الرابع من يوني/حزيران من محكمة الاستئناف تثبيت الحكم الأول. وحوكم القاضي (63 عاما) بتهمة تلقي أموال من الخارج "قصد القيام بأفعال من شأنها المساس بأمن الدولة أو باستقرار مؤسساتها" كما أعلنت النيابة خلال المحاكمة الابتدائية. وقالت المحامية زبيدة عسول "نحن مندهشون أمام مثل هذا القرار الذي يعتبر سياسيا أكثر منه قضائي". وأضافت المحامية إحدى أعضاء هيئة الدفاع "لقد حُكم على إحسان القاضي بأقصى عقوبة ينص عليها القانون. هو ليس مجرما وكان يجب أن يستفيد من الظروف المخففة"، موضحة أنه "سيطعن حتما في الحكم" أمام المحكمة العليا، أعلى هيئة قضائية في البلاد. وبحسب زبيدة عسول فإن ملف القضية مبني على أموال بقيمة "25 ألف جنيه استرليني تلقاها الصحافي على دفعات من ابنته تينهنان القاضي المقيمة في لندن والمساهمة في شركة أنترفاس ميديا" الناشرة للوسيلتين الإعلاميتين إذاعة راديو أم وموقع مغرب إيمرجنت الإخباري. وأوضحت "لا يوجد أي وثيقة في الملف تثبت أن إحسان القاضي أو أنترفاس ميديا تلقوا أموالا من هيئات أجنبية أو أشخاص أجانب". كما قضت المحكمة بحل شركته "انترفاس ميديا" ومصادرة جميع ممتلكاته إضافة إلى فرض غرامات عليه وعلى شركاته. وفي قرار تبناه في 11 مايو/ايار، طالب البرلمان الأوروبي "بالإفراج الفوري وغير المشروط" عن الصحافي ودعا السلطات الجزائرية إلى احترام حرية الإعلام. واعتبر مجلس الأمة الجزائري (الغرفة الثانية للبرلمان) قرار البرلمان الأوروبي "تدخلا متواترا مردودا عليه وتماديا في التدخل في الشؤون الداخلية لدولة سيّدة"، وأعرب عن "استهجانه" للنص الذي "فيه مغالطات فظيعة". وخلال حفل أقامته الرئاسة الجزائرية بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة في الثالث من مايو/ايار تحدث الرئيس تبون مع العديد من الصحافيين ومنهم ممثل "مراسلون بلا حدود" خالد درارني. وكشف درارني أنه سلم رسالة من منظمته للرئيس الجزائري تتضمن "عدة مطالب منها إطلاق سراح إحسان القاضي وإسقاط التهم عنه وعن شركته". وطمأن تبون آنذاك الصحافيين إلى أنه يريد "فتح صفحة جديدة" مع الصحافة الوطنية من خلال قوانين جديدة، لكن الجزائر تحتل حاليا المرتبة 136 من بين 180 دولة في التصنيف العالمي لحرية الصحافة الصادر عن منظمة مراسلون بلا حدود في العام 2023.
مشاركة :