تونس - أكد الرئيس التونسي قيس سعيد اليوم الاثنين خلال لقاء بوزيري الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان والألمانية نانسي فايز رفضه القاطع لتوطين اللاجئين في تونس مجددا موقفه من أن بلاده لن تكون حارسة لحدود أي دولة أخرى. ويعتبر هذا الموقف الأوضح والأكثر حزما في ما يتعلق بقضية الهجرة غير الشرعية وأفكار تخوض فيها دوائر أوروبية بإعادة توطين المهاجرين الأفارقة في أراضي الدول التي ينطلقون منها وأقربها تونس التي ينطلق من سواحلها الآلاف بحرا باتجاه ايطاليا ونها إلى دول الاتحاد الأوروبي. وسبق في السنوات الأخيرة أن ناقش الأوروبيون هذا المقترح في عهد الرئيس التونسي الراحل الباجي قائد السبسي كما طرحت فكرة إقامة مركز لإيواء المهاجرين في ليبيا المجاورة وهي أيضا نقطة عبور بحري إلى أوروبا. وجدد سعيد تأكيده، بحسب بيان نشرته الرئاسة التونسية على صفحتها بفيسبوك، خلال لقائه دارمانان وفايز، تأكيده على ضرورة اعتماد مقاربة جديدة بخصوص ظاهرة الهجرة غير النظامية تقوم على القضاء على الأسباب لا على محاولة معالجة النتائج، داعيا إلى تكاتف الجهود لوضع حدّ لهذه الظاهرة غير الطبيعية وغير الإنسانية. وتحولت تونس في الفترة الأخيرة مع تنامي موجات الهجرة من سواحلها إلى وجهة للمسؤلين الأوروبيين، بينما تقود ايطاليا جهودا لدفع الأوروبيين لتقديم دعما للبلاد التي تواجه ماليتها العامة اضطرابات شديدة، محذرة من أن اي انهيار ستصل شظاياها إلى الحدود الأوروبية. وقبل زيارة دارمانان وفايز، كانت رئيسة الوزراء الايطالية ونظيرها المجري ورئيسة المفوضية الأوروبية قد زاروا تونس وأجروا لقاء مع سعيد ركز على مسائل من بينها الهجرة السرية وتعثر مفاوضات الحكومة التونسية وصندوق النقد الدولي حول قرض يقارب 2 مليار دولار. وحاول الأوروبيون على ما يبدو اختبار مدى قبول الرئيس التونسي بفكرة توطين اللاجئين، بينما أوضحت الرئاسة التونسية في الفترة الأخيرة أن هذه مسألة لا تقبل المساومة. عرض وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان اليوم الاثنين على الرئيس التونسي قيس سعيد دعما ماليا بنحو 25.8 مليون يورو لمساعدة السلطات التونسية في وقف قوارب المهاجرين عبر البحر المتوسط، بينما جدد سعيد تأكيده على أن بلاده لن تكون حارسة إلا لحدودها. وأكد دارمانان أن "دور تونس ليس أن تكون خفر سواحل لكننا نعمل على تقليص عدد المغادرين"، مضيفا أنه قدم أيضا إلى السلطات التونسية قائمة بالأشخاص الذين يريد إعادتهم إلى تونس من فرنسا. وقال إن "تونس طلبت من فرنسا التحلي بمرونة أكثر في منح مواطنيها التأشيرات". وأوضح أن المنحة الفرنسية ستستخدم "لاحتواء التدفق غير النظامي للمهاجرين وتشجيع عودتهم في ظروف جيدة"، مضيفا أنه على الدول الأم للمهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء الذين يمرون عبر تونس أن تحرص على أن يكون عدد المغادرين في أدنى حد ممكن". وشدّد وزير الداخلية الفرنسي على أن "تونس هي الضحية الأولى لهذه الهجرة غير النظامية ونريد أن نؤكد لها كل تضامننا". ودافع دارمانان عن "مقاربة أوروبية في مواجهة تحدي الهجرة وكذلك مع دول إفريقيا" من أجل "مكافحة شبكات المهربين" و"دعم عودة وإعادة إدماج المهاجرين في دولهم الأم". وتغطي المنحة الفرنسية كلفة المعدات والتدريب، بينما تأتي بعد أن رصد الاتحاد الأوروبي حزمة مساعدات بنحو 105 ملايين يورو أعلنها رئيس المفوضية الأوروبية في وقت سابق من هذا الشهر لمساعدة تونس على معالجة الزيادة الكبيرة في المهاجرين. بدورها اعتبرت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيسر أنه من الضروري "وضع حد لهذه الوفيات المروعة في البحر" ودافعت عن تغييرات تشريعية سنتها ألمانيا مؤخرا بهدف تسهيل الهجرة القانونية للعمالة الماهرة. وأسفر العبور المحفوف بالمخاطر غالبا في قوارب مزدحمة ومتداعية عن حصيلة كبيرة من الغرقى وزيادة كبيرة في عدد المهاجرين الذين وصلوا إلى سواحل إيطاليا هذا العام مما تسبب في اضطرابات سياسية في أوروبا. وسلط غرق قارب يقل مئات المهاجرين من ليبيا إلى اليونان الأسبوع الماضي الضوء على مخاطر العبور. وتأتي زيارة وزيري داخلية فرنسا وألمانيا إلى تونس بعد أن عرض الاتحاد الأوروبي على تونس نحو مليار يورو لمساعدة المالية العامة، في حال وافقت على برنامج لصندوق النقد الدولي يتضمن خفضا في الدعم وإعادة هيكلة الشركات المملوكة للدولة. ويتضمن برنامج الشراكة "تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية وبعث شراكة في مجال الطاقة المستدامة والتنافسية والهجرة، والتقارب بين الشعوب". وكشف مسؤول حكومي كبير مؤخرا أن تونس تعدّ اقتراحا بديلا لطرحه على صندوق النقد الدولي بعد أن رفض الرئيس قيس سعيد "إملاءات" صندوق النقد الدولي خاصة المتعلقة بخفض الدعم، معتبرا أنها تهدد السلم الأهلي.
مشاركة :