ورفع البنك معدل الفائدة الرئيسية من 8,5 في المئة إلى 15 في المئة في أول اجتماع له منذ تشكيل إردوغان حكومته الجديدة التي تضم شخصيات تحظى بتأييد المستثمرين عقب فوزه في الانتخابات الرئاسية في أيار/مايو. وأوضح البنك في بيان أن هذا القرار يهدف إلى "تشديد السياسة النقدية من أجل تحديد مسار خفض التضخم في أسرع وقت ممكن". وأضاف "سيتم تعزيز تشديد السياسة النقدية وفق الحاجة وفي الوقت المناسب وبطريقة تدريجية حتى تحقيق تحسن كبير في توقعات التضخم" في إشارة إلى أن ارتفاع أسعار الفائدة قد يستمر في الأشهر المقبلة. وأعلن إردوغان الأربعاء أن قناعته بشأن ضرورة خفض معدلات الفائدة "لا تزال على حالها". لكنه ألمح إلى أنه أعطى موافقته على زيادة نسب الفائدة. وعلى خلاف النظريات الاقتصادية التقليدية، يعتبر إردوغان الذي انتخب أواخر أيار/مايو لولاية ثالثة، أن معدلات الفائدة المرتفعة تؤجج التضخم. وانطلاقا من ذلك، أرغم البنك المركزي التركي خلال السنتين الماضيتين على خفض معدلات الفائدة في إطار "نموذج اقتصادي جديد" يهدف إلى تشجيع النمو واستحداث الوظائف. لكن هذا النهج ساهم في الزيادة الحادة في التضخم الذي قارب 40% بوتيرة سنوية بحسب الأرقام الرسمية، كما كان له دور في تدهور العملة الوطنية التي خسرت أكثر من 80% من قيمتها في مقابل الدولار خلال خمس سنوات. ويشكك خبراء الاقتصاد المستقلون في الأرقام الرسمية ويقدرون نسبة التضخم بأكثر من 100%. كذلك، ينتقدون البنك المركزي لإنفاقه حوالى 30 مليار دولار لدعم العملة الوطنية بين الأول من كانون الثاني/يناير وموعد الانتخابات الرئاسية، ما أدى إلى عجز في احتياطاته من العملات الأجنبية للمرة الأولى منذ 2002. "تدابير عقلانية" وبعث إردوغان منذ إعادة انتخابه مؤشرات إلى احتمال العودة لسياسات أقرب إلى النهج التقليدي، ولا سيما بتعيينه خبيرا اقتصاديا سابقا في بنك ميريل لينش الأميركي محمد شيمشك وزيرا للاقتصاد، والمسؤولة السابقة في وول ستريت حفيظة غاية إركان حاكمة للبنك المركزي. وحذر شيمشك الذي سبق أن تولى وزارة الاقتصاد بين 2009 و2015 ثم عين نائبا لرئيس الوزراء مكلفا الاقتصاد حتى 2018، عند تولي مهامه بأنه سيتعين العودة إلى "تدابير عقلانية" للنهوض بالاقتصاد التركي. وسبق أن استشهد إردوغان مرارا في الماضي بتعاليم الإسلام التي تحرم الربا، كما أكد أن معدلات الفائدة المرتفعة يروج لها "لوبي" أجنبي. لكنه أكد الأسبوع الماضي أنه "قبل" بأن يتخذ فريقه الجديد تدابير تتعارض مع قناعاته. وتراجعت الليرة التركية في مطلع حزيران/يونيو بأكثر من 7% متدنية إلى مستويات قياسية جديدة في مقابل الدولار واليورو. وكان يتم التداول بالعملة التركية الأربعاء بحوالى 23,6 ليرة للدولار الواحد، عشية القرار المرتقب للبنك المركزي. وقال مكتب الدراسات الذي يتخذ مقرا في لندن "يبدو أن تراجع الليرة التركية توقف منذ الآن". وتوجه شيمشك ونائب الرئيس الجديد جودت يلماز، وهو أيضا تكنوقراطي يحظى بتأييد المستثمرين، إلى أبو ظبي الخميس سعيا للحصول على استثمارات وقروض جديدة. وإن كانت الأسواق رحبت بتعيين شيمشك وإركان، فإن بعض المراقبين يخشون أن يحد الرئيس التركي نطاق تحرك الفريق الجديد على المدى القريب، لا سيما وأنه تخلص في الماضي من عدد من الوزراء وحكام البنك المركزي حين كانوا يعارضون قراراته. ويفرض أحد البرامج الأعلى كلفة في تركيا نظاما لحماية الودائع المصرفية، باشر إردوغان تطبيقه منذ نهاية 2021. ويلزم البرنامج الحكومة بتغطية أي خسائر تلحق بالودائع بالليرة التركية جراء تدني قيمة العملة الوطنية. وهذا يعني أن أي عودة سريعة إلى سعر صرف عائم قد تلقي أعباء أكبر على الميزانية الخاضعة بالأساس لضغوط. ويتوقع كثيرون أن يلغي شيمشك البرنامج تدريجا. وأكد إردوغان الأسبوع الماضي أنه يثق في المسؤولين الجدد الذين عينهم، مؤكدا "شكلنا فريقا متينا ومتجانسا وكفؤا".
مشاركة :