قررت الحكومة المغربية أمس تعليق التواصل مع مؤسسات الاتحاد الأوروبي، ردا على قرار المحكمة الأوروبية بإلغاء اتفاقية التبادل الحر للمنتجات الفلاحية والبحرية، التي كانت تجمع المغرب بالاتحاد الأوروبي، والذي نص على استثناء المنتجات الواردة من الأقاليم الصحراوية المغربية من هذه الاتفاقية. وأبلغ عبد الإله ابن كيران رئيس الحكومة هذا الموقف إلى سفير الاتحاد الأوروبي بالرباط، كشف خلال اجتماع مجلس الحكومة أمس أنه التقى سفير الاتحاد الأوروبي لدى المغرب، بتعليمات من الملك محمد السادس، وأوضح له أن «المملكة ستكون مضطرة لقطع الاتصالات مع الاتحاد الأوروبي إلى أن يتم توضيح الأسباب التي جعلته في المرحلة الماضية لا يتعاون معنا بالشكل المطلوب على مستوى المصالح القانونية»، موضحا أن هذا القرار مرتبط بقرار المحكمة الأوروبية الأخير، الذي أوقف اتفاقية الفلاحة والصيد البحري مع المغرب، جراء دعوى رفعتها جبهة البوليساريو بسبب منتجات الأقاليم الجنوبية (الصحراء). وقال رئيس الحكومة المغربية إنه أبلغ سفير الاتحاد الأوروبي بأن المغرب يعد أن القرار الأخير للمحكمة الأوروبية «خطير ويقتضي أن نتعامل مع الاتحاد الأوروبي على أساس مستقبل تطورات هذه القضية»، موضحا أن التعامل مع هذا الملف سيكون بطريقة مختلفة لما جرى التعامل به في المرحلة الماضية. وأوضح ابن كيران أنه أبلغ السفير الأوروبي أن «هذه القضية ليست تجارية بالنسبة للمغرب، وليست متعلقة ببضائع يمكن أن توضع عليها هذه التسمية، أو تلك»، مشددا النظر على أن بلاده «تعاملت مع أوروبا بصفة عامة، ومع الغرب كحلفاء، وكجهة تبادلنا معها المصالح في إطار من الوفاء». كما أكد ابن كيران أن «قضية الصحراء ليست عادية بالنسبة للمغرب، وليست قضية ثانوية، بل هي قضية وجود أو عدم وجود، ويجب أن تكون الأمور واضحة بالنسبة للأوروبيين»، مضيفا القول «نحن لا نطلب منهم أن يتدخلوا في عدالتهم، ولكن يجب أن يحسنوا تقدير الأمور لأن هذه القضية جيو - استراتيجية، وليست لعبا أو مزاحا، وهي مهمة لنا وبالنسبة إليهم، ولهذا تأسفنا لأننا سنكون مضطرين لإيقاف الاتصالات مع الاتحاد الأوروبي». وفي سياق متصل قال مصطفى الخلفي، وزير الاتصال (الإعلام) الناطق الرسمي باسم الحكومة، في مؤتمر صحافي عقده عقب انعقاد مجلس الحكومة أمس، إن المجلس خصص جزءا من أعماله لتطور العلاقات بين المملكة المغربية والاتحاد الأوروبي، و«جدد رفضه القاطع لقرار محكمة الاتحاد الأوروبي الصادر في 10 من ديسمبر (كانون الأول) الماضي»، كما استنكر طابعه السياسي المحض والاعتبارات التي لا أساس لها من الصحة التي استند إليها، والمنطق المغلوط والخلاصات التي اعتمدها في خرق للقانون الدولي، وتناف مع قرارات مجلس الأمن لمنظمة الأمم المتحدة، مضيفا أن مجلس الحكومة استمع لعرض مفصل قدمه كل من وزير الفلاحة والصيد البحري والوزير المنتدب لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون، بخصوص آخر التطورات في موضوع الطعن ضد الاتفاق المبرم بين المملكة المغربية والاتحاد الأوروبي، مشيرا إلى أن الحكومة أعربت عن خيبة أملها العميقة تجاه غياب الشفافية في طريقة تدبير هذه المسألة من طرف بعض مصالح الاتحاد، وذلك بعد بداية تعاون واعد في هذا الشأن. وقال الخلفي إن التفاعل المنتظم والشفاف والمكثف، الذي التزمت به السلطات الأوروبية العليا تجاه المغرب، ترك المجال مع الأسف لموقف غير حبي وغير منتظر، يتعارض مع مبادئ الاحترام اللازم التي يجب أن تسود بين الشركاء، مشددا على أن روح الشراكة الحقيقية، كما برهن على ذلك المغرب دائما بخصوص القضايا الكبرى التي تهم أوروبا، تقتضي الاستماع والتشارك والتضامن، والاحترام المتبادل بين الأطراف في كل الظروف والأحوال. كما أوضح الناطق الرسمي باسم الحكومة أن «المغرب لا يقبل أن يتم التعامل معه كمجرد موضوع لمسطرة قضائية، أو أن يتم تقاذفه بين مختلف مصالح ومؤسسات الاتحاد الأوروبي»، مشيرا إلى أنه «من شأن التمادي في هذا الموقف أن يهدد بعمق الثقة المتبادلة، بل وحتى استمرار الشراكة بين الطرفين»، مؤكدا في هذا السياق أنه من حق المغرب أن يحث الاتحاد الأوروبي على التفاعل بشكل إيجابي ومسؤول في المراحل المقبلة للمسطرة الحالية، وأشار إلى أنه في انتظار التوصل بالتفسيرات الضرورية وتقديم الضمانات اللازمة من الجانب الأوروبي، قررت الحكومة تعليق التواصل مع المؤسسات الأوروبية، باستثناء ما يتعلق بالاتصالات المرتبطة بهذا الملف. كما تم إحداث لجنة وزارية، تضم وزارات الشؤون الخارجية والتعاون والداخلية والفلاحة والصيد البحري، لمتابعة تطورات هذا الملف عن كثب، واقتراح الإجراءات التي قد يتم اتخاذها عند الاقتضاء لصيانة المصالح الوطنية المشروعة. وحثت الحكومة المغربية الاتحاد الأوروبي على «تحمل مسؤولياته، للحفاظ على علاقات تضامنية حقيقية، متوازنة وهادئة وفية لما تم بناؤه بجهود دءوبة على مدى قرابة 50 سنة، ومتشبثة بالقيم المشتركة والمصالح المتبادلة، التي تجمع الطرفين كون المغرب شريكا ملتزما تجاه شركائه، وحريصا في الوقت نفسه على الدفاع عن حقوقه».
مشاركة :