نحو تحقيق الوحدة الاقتصادية الخليجية عام 2025

  • 6/21/2023
  • 02:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

في‭ ‬يناير2021،‭ ‬حددت‭ ‬‮«‬قمة‭ ‬العلا‮»‬،‭ ‬لقادة‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬التي‭ ‬احتضنتها‭ ‬السعودية‭ ‬عام‭ ‬2025،‭ ‬موعدًا‭ ‬لتحقيق‭ ‬الوحدة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الخليجية‭. ‬ذلك‭ ‬الهدف‭ ‬الذي‭ ‬طالما‭ ‬انتظرت‭ ‬تحقيقه‭ ‬شعوب‭ ‬هذه‭ ‬الدول،‭ ‬وخاصة‭ ‬أنها‭ ‬تدرك‭ ‬امتلاكها‭ ‬مقوماته،‭ ‬وخاصة‭ ‬أيضًا‭ ‬أن‭ ‬المدى‭ ‬الزمني‭ ‬لإنجازه،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬مقدرًا‭ ‬له‭ ‬2010،‭ ‬قد‭ ‬طال‭ ‬ليبلغ‭ ‬عقدا‭ ‬ونصف‭ ‬من‭ ‬الزمان‭. ‬وبمعنى‭ ‬آخر،‭ ‬فإن‭ ‬تحديد‭ ‬هذا‭ ‬التوقيت،‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬جهودًا‭ ‬تُبذل‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬المستويات‭ ‬الفنية‭ ‬والوزارية‭ ‬لتحقيق‭ ‬المراحل‭ ‬التي‭ ‬تسبق‭ ‬الوحدة‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬والتي‭ ‬مازالت‭ ‬لها‭ ‬متعلقاتها،‭ ‬لكن‭ ‬مع‭ ‬توافر‭ ‬الإرادة‭ ‬السياسية‭ ‬الجمعية‭ ‬عند‭ ‬أعلى‭ ‬مستويات‭ ‬صناعة‭ ‬القرار،‭ ‬فإن‭ ‬الموعد‭ ‬المحدد‭ ‬لن‭ ‬يشهد‭ ‬إرجاء‭ ‬آخر‭.‬ ومن‭ ‬المعلوم،‭ ‬أن‭ ‬قمة‭ ‬الرياض،‭ ‬لقادة‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬في‭ ‬ديسمبر‭ ‬2015،‭ ‬كانت‭ ‬قد‭ ‬أقرت‭ ‬رؤية‭ ‬خادم‭ ‬الحرمين‭ ‬الشريفين‭ ‬الملك‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬عبدالعزيز،‭ ‬التي‭ ‬تضمنت‭ ‬الأسس‭ ‬اللازمة‭ ‬لتحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬المجلس،‭ ‬وصولاً‭ ‬إلى‭ ‬الوحدة‭ ‬الخليجية،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تعزيز‭ ‬العمل‭ ‬المشترك،‭ ‬والارتقاء‭ ‬بآلياته،‭ ‬بما‭ ‬يتوافق‭ ‬مع‭ ‬المتغيرات‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية‭. ‬ويأتي‭ ‬تحقيق‭ ‬الوحدة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬فيما‭ ‬تضمنته‭ ‬هذه‭ ‬الرؤية‭ ‬بشأن‭ ‬استكمال‭ ‬منظومة‭ ‬التشريعات‭ ‬والقرارات‭ ‬اللازمة‭ ‬لتنفيذ‭ ‬ما‭ ‬تبقى‭ ‬من‭ ‬خطوات‭ ‬التكامل‭ ‬الاقتصادي‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬المجلس،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الاتحاد‭ ‬الجمركي،‭ ‬والسوق‭ ‬الخليجية‭ ‬المشتركة،‭ ‬والتكامل‭ ‬المالي‭ ‬والنقدي،‭ ‬وصولاً‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬المواطنة‭ ‬الخليجية‭ ‬الكاملة،‭ ‬والوحدة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬بحلول‭ ‬2025‭.‬ وتخلق‭ ‬الوحدة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الخليجية،‭ ‬كيانًا‭ ‬بالغ‭ ‬التأثير‭ ‬عالميًا،‭ ‬بكتلة‭ ‬هي‭ ‬الأكبر‭ ‬في‭ ‬احتياطي‭ ‬النفط،‭ ‬والأكثر‭ ‬تصديرًا‭ ‬لهذه‭ ‬السلعة،‭ ‬التي‭ ‬تعد‭ ‬الأهم‭ ‬بين‭ ‬السلع‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬في‭ ‬عالمنا‭ ‬اليوم،‭ ‬وتشكل‭ ‬عائدات‭ ‬هذه‭ ‬الكتلة‭ ‬منه‭ ‬أيضًا‭ ‬دورًا‭ ‬كبيرًا،‭ ‬في‭ ‬حركة‭ ‬السيولة‭ ‬الدولية‭. ‬ومنذ‭ ‬إعلان‭ ‬هذا‭ ‬الهدف،‭ ‬وصولاً‭ ‬إلى‭ ‬عام‭ ‬2025،‭ ‬نشهد‭ ‬تسابق‭ ‬دول‭ ‬وتجمعات‭ ‬العالم‭ ‬الاقتصادية‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬علاقاتها‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬الكتلة،‭ ‬وبناء‭ ‬جسور‭ ‬تفاهم‭ ‬معها،‭ ‬بما‭ ‬تشمله‭ ‬من‭ ‬اتفاقات‭ ‬للتجارة‭ ‬الحرة،‭ ‬أو‭ ‬التعاون‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬في‭ ‬توقع‭ ‬أن‭ ‬تصبح‭ ‬عملتها‭ -‬العملة‭ ‬الخليجية‭ ‬الموحدة‭- ‬إحدى‭ ‬أقوى‭ ‬العملات‭ ‬الدولية،‭ ‬لامتلاكها‭ ‬أساسا‭ ‬قويا،‭ ‬تستند‭ ‬إليه‭ ‬هو‭ ‬احتياطي‭ ‬النفط‭ ‬والغاز،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬يشهد‭ ‬العالم‭ ‬بديلاً‭ ‬منافسًا‭ ‬لهما‭ ‬في‭ ‬المدى‭ ‬القريب‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الاستخدامات،‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬قطاعي‭ ‬النقل‭ ‬والطيران‭.‬ وفي‭ ‬دورة‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى،‭ ‬الـ‭ ‬23،‭ ‬بقطر‭ ‬في‭ ‬ديسمبر‭ ‬2002،‭ ‬أقر‭ ‬قادة‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي،‭ ‬تصعيد‭ ‬مستوى‭ ‬التعاون‭ ‬الاقتصادي‭ ‬بينهم‭ ‬من‭ ‬مستوى‭ ‬التجارة‭ ‬الحرة‭ ‬القائم‭ ‬من‭ ‬1983،‭ ‬إلى‭ ‬الاتحاد‭ ‬الجمركي‭ ‬بدءًا‭ ‬من‭ ‬يناير2003،‭ ‬وأقروا‭ ‬الخطوات‭ ‬والإجراءات‭ ‬التي‭ ‬عينتها‭ ‬لجنة‭ ‬التعاون‭ ‬المالي‭ ‬والاقتصادي،‭ ‬وشملت‭: ‬موعد‭ ‬إقامة‭ ‬الاتحاد‭ ‬وهو‭ ‬يناير‭ ‬2003،‭ ‬وأسس‭ ‬ومفهوم‭ ‬الاتحاد‭ ‬الجمركي‭ ‬لدول‭ ‬المجلس،‭ ‬ونقطة‭ ‬الدخول‭ ‬الواحدة‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الدول،‭ ‬وتوحيد‭ ‬التعريفة‭ ‬الجمركية‭ ‬لدول‭ ‬المجلس‭ ‬اتجاه‭ ‬العالم‭ ‬الخارجي،‭ ‬والنظام‭ ‬القانوني‭ ‬الموحد‭ ‬للجمارك‭ ‬لدول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون،‭ ‬واستيفاء‭ ‬الإيرادات‭ ‬الجمركية‭ ‬في‭ ‬الاتحاد‭ ‬الجمركي،‭ ‬والمهام‭ ‬الجمركية‭ ‬للمراكز‭ ‬البينية‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬بعد‭ ‬قيام‭ ‬الاتحاد،‭ ‬والسماح‭ ‬للمخلّصين‭ ‬الجمركيين‭ ‬بممارسة‭ ‬مهنة‭ ‬التخليص‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء،‭ ‬ووضعية‭ ‬المواصفات‭ ‬والمقاييس‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬قيام‭ ‬الاتحاد‭ ‬والعمل‭ ‬بنقطة‭ ‬الدخول‭ ‬الواحدة،‭ ‬وحماية‭ ‬الصناعات‭ ‬الوطنية‭ ‬بعد‭ ‬قيام‭ ‬الاتحاد‭ ‬الجمركي‭ ‬لدول‭ ‬المجلس،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬مكافحة‭ ‬الإغراق‭ ‬والإجراءات‭ ‬الاحترازية‭ ‬والتعويضية‭.‬ وفي‭ ‬إدراك‭ ‬لأهمية‭ ‬هذه‭ ‬القضية،‭ ‬بينت‭ ‬دراسة‭ ‬الأمانة‭ ‬العامة‭ ‬للمجلس،‭ ‬أن‭ ‬قيام‭ ‬الاتحاد‭ ‬الجمركي،‭ ‬يحقق‭ ‬نموا،‭ ‬في‭ ‬التجارة‭ ‬البينية‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬30.50%،‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الأربع‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬قيامه‭. ‬ويُذكر‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2003‭ ‬إلى‭ ‬عام‭ ‬2013،‭ ‬ارتفع‭ ‬حجم‭ ‬التجارة‭ ‬البينية‭ ‬الخليجية‭ ‬بنسبة‭ ‬24%‭.‬ ومن‭ ‬الجدير‭ ‬بالذكر،‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الإجراءات‭ ‬والخطوات‭ ‬كان‭ ‬لتنفيذها‭ ‬مرحلة‭ ‬انتقالية،‭ ‬امتدت‭ ‬من‭ ‬2003‭ ‬حتى‭ ‬2015؛‭ ‬لإعطاء‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬فرصة‭ ‬للتأقلم‭ ‬مع‭ ‬بعض‭ ‬جوانب‭ ‬الاتحاد‭ ‬الجمركي‭ ‬في‭ ‬استيراد‭ ‬الأدوية‭ ‬والمستحضرات‭ ‬الطبية،‭ ‬واستيراد‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية،‭ ‬وتحقيق‭ ‬الحماية‭ ‬الجمركية‭ ‬لبعض‭ ‬السلع‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء،‭ ‬واستمرار‭ ‬بعض‭ ‬المهام‭ ‬الجمركية‭ ‬للمراكز‭ ‬البينية‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬المجلس،‭ ‬والتحصيل‭ ‬المشترك‭ ‬للإيرادات‭ ‬الجمركية‭. ‬ وبنهاية‭ ‬الفترة‭ ‬الانتقالية،‭ ‬من‭ ‬المقرر‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬العمل‭ ‬بالوضع‭ ‬النهائي‭ ‬للاتحاد‭ ‬الجمركي،‭ ‬وإنهاء‭ ‬الدور‭ ‬الجمركي‭ ‬للمراكز‭ ‬البينية،‭ ‬ويصبح‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي،‭ ‬منطقة‭ ‬جمركية‭ ‬واحدة،‭ ‬تنفيذًا‭ ‬لقرار‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬في‭ ‬دورته‭ ‬الـ‭ ‬31‭ ‬بأبوظبي‭ ‬في‭ ‬ديسمبر‭ ‬2010‭. ‬وتعزيزا‭ ‬لذلك،‭ ‬تم‭ ‬في‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬يونيو2012،‭ ‬إنشاء‭ ‬هيئة‭ ‬الاتحاد‭ ‬الجمركي،‭ ‬التي‭ ‬أنيط‭ ‬بها‭ ‬استكمال‭ ‬خطوات‭ ‬وإجراءات‭ ‬قيام‭ ‬هذا‭ ‬الاتحاد‭.‬ وتنفيذًا‭ ‬لقرار‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى،‭ ‬في‭ ‬دورته‭ ‬الـ43‭ ‬في‭ ‬ديسمبر‭ ‬2022‭ ‬بالرياض،‭ ‬أخذت‭ ‬اللجان‭ ‬الفنية‭ ‬والوزارية‭ -‬وكان‭ ‬آخرها‭ ‬الاجتماع‭ ‬119‭ ‬للجنة‭ ‬التعاون‭ ‬المالي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬بمسقط‭ ‬في‭ ‬18‭ ‬مايو‭ ‬الماضي‭- ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬تنفيذ‭ ‬ما‭ ‬تبقى‭ ‬من‭ ‬متطلبات‭ ‬الاتحاد‭ ‬الجمركي،‭ ‬وفق‭ ‬البرنامج‭ ‬الزمني‭ ‬المعتمد‭ ‬منها،‭ ‬والذي‭ ‬حدد‭ ‬عام‭ ‬2024‭ ‬موعدًا‭ ‬نهائيًا‭ ‬لاستكمال‭ ‬خطوات‭ ‬قيام‭ ‬الاتحاد،‭ ‬وكذا‭ ‬مسارات‭ ‬السوق‭ ‬الخليجية‭ ‬المشتركة،‭ ‬وفق‭ ‬خطة‭ ‬عملها‭ (‬2022–‭ ‬2024‭). ‬ علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬أعلن‭ ‬اتحاد‭ ‬غرف‭ ‬دول‭ ‬المجلس،‭ ‬دعمه‭ ‬الكامل‭ ‬لتنفيذ‭ ‬مخرجات‭ ‬اللقاء‭ ‬التشاوري،‭ ‬بين‭ ‬وزراء‭ ‬التجارة‭ ‬والصناعة،‭ ‬وممثلي‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬الخليجي،‭ ‬الذي‭ ‬عُقد‭ ‬بسلطنة‭ ‬عُمان‭ ‬في‭ ‬مايو‭ ‬الماضي،‭ ‬والداعية‭ ‬إلى‭ ‬استكمال‭ ‬تنفيذ‭ ‬مسارات‭ ‬السوق‭ ‬الخليجية‭ ‬المشتركة،‭ ‬ومعالجة‭ ‬عقبات‭ ‬التجارة‭ ‬البينية‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬المجلس،‭ ‬ومن‭ ‬المعلوم‭ ‬أن‭ ‬السوق‭ ‬الخليجية‭ ‬المشتركة‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬تم‭ ‬إطلاقها‭ ‬عام‭ ‬2008‭.‬ وفي‭ ‬12‭ ‬يونيو2023،‭ ‬عقد‭ ‬أعضاء‭ ‬مجلس‭ ‬إدارة‭ ‬هيئة‭ ‬الاتحاد‭ ‬الجمركي‭ ‬لدول‭ ‬المجلس،‭ ‬اجتماعًا‭ ‬عبر‭ ‬الاتصال‭ ‬المرئي،‭ ‬لمتابعة‭ ‬استكمال‭ ‬متطلبات‭ ‬الاتحاد‭ ‬الجمركي،‭ ‬وناقشوا‭ ‬تقارير‭ ‬فرق‭ ‬العمل‭ ‬واللجان‭ ‬الفنية‭ ‬المعنية‭ ‬بدراسة‭ ‬الموضوعات‭ ‬ذات‭ ‬الصلة،‭ ‬ومتابعة‭ ‬تحقيق‭ ‬متطلبات‭ ‬المرحلة‭ ‬التأسيسية‭ ‬لهيئة‭ ‬الاتحاد‭ ‬والخطوات‭ ‬المتخذة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشأن،‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬تفعيل‭ ‬منافذ‭ ‬الدخول‭ ‬الأولى،‭ ‬وإنهاء‭ ‬الدور‭ ‬الجمركي‭ ‬للمنافذ‭ ‬البينية،‭ ‬والقيود‭ ‬غير‭ ‬الجمركية‭ ‬التي‭ ‬تفرضها‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭.‬ وبشكل‭ ‬عام،‭ ‬فإنه‭ ‬بعد‭ ‬قرار‭ ‬قمة‭ ‬العلا‭ ‬عام‭ ‬2021،‭ ‬ارتفعت‭ ‬وتيرة‭ ‬التنسيق‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬لبلوغ‭ ‬هدف‭ ‬الوحدة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬في‭ ‬2025،‭ ‬لما‭ ‬تحققه‭ ‬من‭ ‬نقلة‭ ‬نوعية‭ ‬في‭ ‬التعاون‭ ‬والتوافق‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬الأصعدة‭. ‬ومنذ‭ ‬2021‭ ‬وحتى‭ ‬الوقت‭ ‬الحالي،‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬اجتماعات‭ ‬مستمرة‭ ‬لوكلاء‭ ‬وزارات‭ ‬المالية‭ ‬والاقتصاد،‭ ‬ولجنة‭ ‬التعاون‭ ‬المالي‭ ‬والاقتصادي،‭ ‬ولجنة‭ ‬محافظي‭ ‬البنوك‭ ‬المركزية،‭ ‬وهيئة‭ ‬الاتحاد‭ ‬الجمركي،‭ ‬ولجنة‭ ‬رؤساء‭ ‬ومديري‭ ‬الإدارات‭ ‬الضريبية،‭ ‬ولجنة‭ ‬السوق‭ ‬الخليجية‭ ‬المشتركة،‭ ‬وعديد‭ ‬من‭ ‬فرق‭ ‬العمل،‭ ‬واللجان‭ ‬الفنية‭ ‬للموضوعات‭ ‬المتصلة‭ ‬بهدف‭ ‬الوحدة‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الوحدة‭ ‬ستحقق‭ ‬حرية‭ ‬انسياب‭ ‬عوامل‭ ‬الإنتاج،‭ ‬والمواطنة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الكاملة،‭ ‬وتصبح‭ ‬الأسواق‭ ‬الخليجية‭ ‬كلها‭ ‬سوقا‭ ‬واحدة،‭ ‬تعمل‭ ‬بعملة‭ ‬خليجية‭ ‬موحدة،‭ ‬يديرها‭ ‬مصرف‭ ‬خليجي‭ ‬مركزي‭.‬ وبتفصيل‭ ‬أكثر،‭ ‬ففي‭ ‬مسار‭ ‬إزالة‭ ‬عقبات‭ ‬تحقيق‭ ‬الاتحاد‭ ‬الجمركي،‭ ‬والسوق‭ ‬المشتركة،‭ ‬كان‭ ‬المجلس‭ ‬الفني‭ ‬لهيئة‭ ‬التقييس‭ ‬الخليجية،‭ ‬قد‭ ‬أعلن‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬2023،‭ ‬اعتماد‭ ‬107‭ ‬مواصفات‭ ‬قياسية‭ ‬خليجية‭ ‬تغطي‭ ‬قطاعات‭ ‬مختلفة،‭ ‬فيما‭ ‬كان‭ ‬اجتماع‭ ‬لجنة‭ ‬وكلاء‭ ‬وزارات‭ ‬المالية‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬في‭ ‬9‭ ‬مايو‭ ‬2023‭ ‬بمسقط‭ (‬الاجتماع‭ ‬68‭) -‬وهو‭ ‬التحضيري‭ ‬لاجتماع‭ ‬لجنة‭ ‬التعاون‭ ‬المالي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬119‭- ‬قد‭ ‬ناقش‭ ‬اتفاقية‭ ‬نظام‭ ‬ربط‭ ‬المدفوعات‭ ‬بدول‭ ‬المجلس‭.‬ واستكمالا،‭ ‬استضافت‭ ‬وزارة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العمانية‭ ‬في‭ ‬7‭ ‬يونيو‭ ‬الماضي،‭ ‬اجتماعًا‭ ‬ضم‭ ‬كبار‭ ‬المسؤولين‭ ‬في‭ ‬هيئة‭ ‬الشؤون‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والتنموية‭ ‬بدول‭ ‬المجلس،‭ ‬بمشاركة‭ ‬وكلاء‭ ‬وزارات‭ ‬المالية‭ ‬والاقتصاد‭ ‬والتخطيط،‭ ‬للوقوف‭ ‬على‭ ‬أخر‭ ‬تطورات‭ ‬خطة‭ ‬عمل‭ ‬المجلس‭ ‬الطامحة‭ ‬لبناء‭ ‬النموذج‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الخليجي‭ ‬وآلياته،‭ ‬والبرنامج‭ ‬الزمني‭ ‬المقترح‭ ‬له،‭ ‬فيما‭ ‬تم‭ ‬التوافق‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬سرعة‭ ‬التغلب‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬المعوقات‭ ‬التي‭ ‬تعيق‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬الوحدة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬بحلول‭ ‬2025‭.‬ ومع‭ ‬تسريع‭ ‬خطوات‭ ‬استكمال‭ ‬متطلبات‭ ‬الاتحاد‭ ‬الجمركي،‭ ‬والسوق‭ ‬الخليجية‭ ‬المشتركة؛‭ ‬أخذت‭ ‬دول‭ ‬الخليج،‭ ‬تتحرك‭ ‬نحو‭ ‬إحياء‭ ‬مشروع‭ ‬السكك‭ ‬الحديدية‭ ‬الخليجية،‭ ‬الذي‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬تحسين‭ ‬الانتقال‭ ‬والتجارة‭ ‬داخل‭ ‬المنطقة‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭. ‬ويخدم‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬في‭ ‬السعودية‭ ‬والإمارات‭ ‬وقطر‭ ‬من‭ ‬تحسين‭ ‬لجميع‭ ‬متطلبات‭ ‬النقل‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭. ‬ وتحقيقا‭ ‬لهذه‭ ‬الغاية،‭ ‬وافق‭ ‬قادة‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬في‭ ‬ديسمبر‭ ‬2021،‭ ‬على‭ ‬إنشاء‭ ‬هيئة‭ ‬السكك‭ ‬الحديدية‭ ‬الخليجية،‭ ‬التي‭ ‬ستتولى‭ ‬الإشراف‭ ‬على‭ ‬المشروع،‭ ‬الذي‭ ‬يربط‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬بخطوط‭ ‬يبلغ‭ ‬طولها‭ ‬2177كم‭ ‬تمتد‭ ‬من‭ ‬الكويت‭ ‬شمالاً،‭ ‬مرورا‭ ‬بالجبيل‭ ‬والدمام‭ ‬في‭ ‬السعودية،‭ ‬ثم‭ ‬البحرين‭ ‬والدوحة،‭ ‬ثم‭ ‬إلى‭ ‬السعودية‭ ‬ثانية،‭ ‬ثم‭ ‬الإمارات،‭ ‬ويصل‭ ‬إلى‭ ‬محطته‭ ‬النهائية‭ ‬في‭ ‬مسقط‭. ‬وفي‭ ‬فبراير‭ ‬2022‭ ‬أعلنت‭ ‬قطر‭ ‬البدء‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬القسم‭ ‬الذي‭ ‬يربط‭ ‬قطر‭ ‬بالسعودية‭.‬ ومع‭ ‬توافر‭ ‬الإرادة‭ ‬السياسية‭ ‬لبلوغ‭ ‬هدف‭ ‬الوحدة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬في‭ ‬2025،‭ ‬وتوالي‭ ‬الإجراءات‭ ‬التنفيذية‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬خليجي‭ ‬منسق،‭ ‬لحل‭ ‬المسائل‭ ‬العالقة،‭ ‬أمام‭ ‬الاتحاد‭ ‬الجمركي،‭ ‬والسوق‭ ‬المشتركة؛‭ ‬فإنه‭ ‬من‭ ‬المرجح‭ ‬ألا‭ ‬يشهد‭ ‬هذا‭ ‬الموعد‭ ‬تأجيلا‭ ‬آخر؛‭ ‬ليكون‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون،‭ ‬بذلك‭ ‬قد‭ ‬حقق‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬مراحل‭ ‬وصوله‭ ‬إلى‭ ‬هدفه‭ ‬الأسمى‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬الوحدة‭ ‬الخليجية،‭ ‬إذ‭ ‬سيتعاظم‭ ‬تداخل‭ ‬شبكات‭ ‬المصالح،‭ ‬والتي‭ ‬ستنحي‭ ‬وراءها‭ ‬أي‭ ‬خلافات‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مجال،‭ ‬والمثال‭ ‬الواضح‭ ‬لذلك،‭ ‬هو‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬بين‭ ‬دوله‭ ‬خصومات،‭ ‬ونزاعات‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬الحروب‭. ‬ومع‭ ‬هذا،‭ ‬فإن‭ ‬المصالح‭ ‬الاقتصادية‭ ‬قد‭ ‬وحدت‭ ‬بينها‭.‬ وفي‭ ‬حين‭ ‬تجمع‭ ‬شعوب‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬الأواصر‭ ‬العائلية،‭ ‬والروابط‭ ‬الثقافية،‭ ‬ووحدة‭ ‬اللغة‭ ‬والتاريخ‭ ‬والدين،‭ ‬والمصالح‭ ‬المشتركة،‭ ‬والمصير‭ ‬الواحد،‭ ‬يبرز‭ ‬تساؤل‭ ‬هنا‭.. ‬لماذا‭ ‬تأخرت‭ ‬وحدتها‭ ‬إلى‭ ‬الآن؟‭ ‬ويفتح‭ ‬إنجاز‭ ‬السوق‭ ‬الخليجية‭ ‬المشتركة،‭ ‬والمواطنة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الكاملة،‭ ‬لأبناء‭ ‬دول‭ ‬المجلس،‭ ‬الطريق‭ ‬أمام‭ ‬التكامل‭ ‬النقدي،‭ ‬والعملة‭ ‬الخليجية‭ ‬الموحدة،‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬المسائل‭ ‬الفنية‭ ‬المرتبطة‭ ‬بها‭ ‬قد‭ ‬يستغرق‭ ‬علاجها‭ ‬وقتًا،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬جدواها‭ ‬مع‭ ‬توافر‭ ‬الإرادة‭ ‬السياسية‭ ‬كفيل‭ ‬بالتغلب‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬العقبات،‭ ‬وما‭ ‬يسهل‭ ‬الأمور‭ ‬أن‭ ‬عملات‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬كلها‭ ‬ما‭ ‬عدا‭ ‬الكويت‭ ‬مرتبطة‭ ‬مع‭ ‬الدولار‭ ‬الأمريكي‭ ‬بسعر‭ ‬ثابت‭.‬ وما‭ ‬يمهد‭ ‬لذلك‭ ‬أيضا،‭ ‬هو‭ ‬اعتماد‭ ‬الاتفاقية‭ ‬الخاصة‭ ‬بربط‭ ‬أنظمة‭ ‬المدفوعات‭ ‬بدول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬في‭ ‬قمة‭ ‬العلا‭ ‬نفسها،‭ ‬التي‭ ‬أطلقت‭ ‬الوحدة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الخليجية‭ ‬في‭ ‬2025‭. ‬وتضم‭ ‬الاتفاقية‭ ‬الدول‭ ‬الست‭ ‬الأعضاء‭ ‬في‭ ‬المجلس،‭ ‬وتتضمن‭ ‬إنشاء‭ ‬نظام‭ ‬موحد‭ ‬يربط‭ ‬أنظمة‭ ‬المدفوعات‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الدول،‭ ‬بما‭ ‬يسمح‭ ‬بإجراء‭ ‬التعاملات‭ ‬المالية‭ ‬البينية‭ ‬بالكفاءة‭ ‬والسرعة‭ ‬اللازمة‭ ‬لتحقيق‭ ‬الاستقرار‭ ‬المالي‭. ‬وقد‭ ‬استهدفت‭ ‬الاتفاقية؛‭ ‬تنفيذ‭ ‬التحويلات،‭ ‬وتسوية‭ ‬المدفوعات،‭ ‬وأوامر‭ ‬الدفع‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء،‭ ‬وتعزيز‭ ‬سلامة‭ ‬وكفاءة‭ ‬وسرعة‭ ‬نظم‭ ‬المدفوعات‭ ‬الخليجية‭ ‬المشتركة،‭ ‬والمحافظة‭ ‬على‭ ‬الاستقرار‭ ‬المالي،‭ ‬ومواجهة‭ ‬أي‭ ‬مخاطر‭ ‬محتملة،‭ ‬وتعزيز‭ ‬صلاحيات‭ ‬البنوك‭ ‬المركزية‭ ‬للدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬في‭ ‬مراقبة‭ ‬نظام‭ ‬المدفوعات،‭ ‬وتأسيس‭ ‬بنية‭ ‬تحتية‭ ‬لنظام‭ ‬مالي‭ ‬إقليمي‭ ‬يعزز‭ ‬الاندماج‭ ‬بين‭ ‬الأسواق‭ ‬المالية،‭ ‬وتتم‭ ‬التعاملات‭ ‬المالية‭ ‬بالعملات‭ ‬المحلية‭ ‬في‭ ‬التسويات‭ ‬بين‭ ‬البنوك‭ ‬المركزية‭ ‬للدول‭ ‬الأعضاء‭.‬ على‭ ‬العموم،‭ ‬إننا‭ ‬إذن‭ ‬أمام‭ ‬اقتراب‭ ‬ميلاد‭ ‬كتلة‭ ‬اقتصادية‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي،‭ ‬يبلغ‭ ‬حجم‭ ‬ناتجها‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬قرابة‭ ‬تريليوني‭ ‬دولار،‭ ‬وسوق‭ ‬واحدة‭ ‬ذات‭ ‬قوة‭ ‬شرائية‭ ‬عالية،‭ ‬وجاذبية‭ ‬شديدة‭ ‬لاستقطاب‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الأجنبية‭ ‬المباشرة‭ ‬في‭ ‬كافة‭ ‬المجالات،‭ ‬ما‭ ‬يعود‭ ‬بالنفع‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء،‭ ‬بل‭ ‬ودول‭ ‬المنطقة‭.‬

مشاركة :