جابت فرق فلكلورية شوارع وأزقة مدينة الصويرة بجنوب المغرب مساء أمس الخميس إيذانا ببدء الدورة الرابعة والعشرين لمهرجان “كناوة” الذي يستمر حتى غدا السبت. وعلى اختلاف ألوان ملابسها التراثية وإيقاعات طبولها المدوية، انطلقت فرق فلكلورية تمثل فن كناوة وفنون تراثية أخرى كفن “عيساوة” وغيره من الفنون، من وسط البلدة العتيقة في الصويرة إلى وسط المدينة، وسط تصفيق وإعجاب سكان المدينة وزوارها الذين يتوافدون عليها بكثرة في هذه الفترة من السنة. وشهد حفل الافتتاح حضورا رسميا كبيرا تمثل في آندري أزولاي الرئيس المؤسس لجمعية “الصويرة موكادور”، ووزير الشباب والثقافة محمد المهدي بنسعيد، ووزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة شكيب بنموسى، وسلطات المدينة ومديرة المهرجان نائلة التازي. كما شهد اليوم الأول من المهرجان تنظيم حفل رئيسي بمنصة “مولاي الحسن” وسط المدينة، علت فيها لغة الموسيقى والإيقاعات على كل اللغات، حيث نجح “المعلمان” أو شيخا الفن الكناوي محمد وسعيد كويو في مزج إيقاعات ونغمات كناوة المتمردة مع طبول “أمكابا” من بورندي،وسكسفون الأمريكي جليل شاو مع الصوت الرخيم للفنانة المغربية سناء مرحتي، في فسيفساء جميل أكد مرة أخرى أن الموسيقى لغة مستقلة قائمة بذاتها. وتفاعل الجمهور بفرح وانتشاء مع العرض الموسيقي، الذي اختلطت فيه نغمات “الكنبري” وهي آلة موسيقية تراثية مغربية وترية تستعمل خاصة في موسيقى كناوة، مع “قراقب” كناوة وهي آلة إيقاعية صاخبة تحرك بالأصابع، بإيقاعات الجاز. وتحولت أنظار الموسيقيين والمهتمين إلى فن موسيقى كناوة التراثية، التي لها في الأصل ارتباطات روحية وعقائدية في بعض الأوساط المغربية التقليدية، وذلك بعد اكتشاف جذور مشتركة لفن كناوة مع موسيقى الجاز والبلوز. ويرجع الباحثون السبب في أن هذه التلوينات الموسيقة أصلها من إفريقيا ولها ارتباطات بتجارة العبيد في القرون الماضية، وبالتالي نقل هؤلاء الأفارقة موسيقاهم التي تتغنى بآلامهم وآمالهم في الانعتاق والحرية إلى بلدان شمال إفريقيا التي شكلت مرافئ للتوجه نحو بلدان أوروبية وأمريكا الشمالية بعد اكتشافها. ويستمر المهرجان الذي توقف عامين بسبب جائحة كورونا حتى غدا السبت. ويضم برنامج هذه الدورة نحو 40 حفلا موسيقيا. وبالإضافة إلى الموسيقى تنظم على هامش المهرجان ندوات فكرية يشارك فيها مثقفون ومفكرون من داخل المغرب وخارجه، وكذلك ورش موسيقية يشارك فيها الشباب المهتم بهذا اللون الموسيقي. وتأسس المهرجان في العام 1998، ويعد واحدا من أهم المهرجانات الموسيقية المغربية، إلى جانب مهرجان موازين إيقاعات العام ومهرجان فاس للموسيقى الروحية.
مشاركة :