الصويرة (المغرب) - أفاد الفنان الكناوي المغربي فهد بنشمسي الذي شارك بعروضه الموسيقية في مهرجان كناوة وإيقاعات العالم الذي يسدل الستار عليه السبت في مدينة الصويرة، أن المزج بين موسيقى "كناوة" ذات الجذور الأفريقية وموسيقى البلوز والجاز الأميركيتين، ينعش موسيقى كناوة ويجعلها مسموعة ومنتشرة أكثر. وأضاف بنشمسي الذي استقطبت سهرته، الجمعة، الآلاف من عشاق هذا الفن ببرج باب مراكش التاريخي، وسط البلدة العتيقة للصويرة على بعد 450 كيلومترا جنوبي الرباط "فن كناوة فرض نفسه من مدة، حتى المزج بينه وبين البلوز والجاز أصبح قديما منذ أكثر من 20 أو 30 عاما". وتابع "لكن هذا المزج لا يقلل من تقاليد كناوة القديمة التي تقام في الليلات والمواسم". ويطلق تقليديا على سهرات موسيقى كناوة التي تستحضر عددا من الطقوس الروحانية "الليلة" وهي أقرب إلى التصوف من الفن. وقال بنشمسي "الناس في العروض الموسيقية الكناوية التي يمكن أن نصطلح عليها عصرية، ممكن أن تمزج بين أنواع الموسيقى كيفما شاءت ولكن يمكن أن نخاف على ثقافتنا الكناوية إذا وجدنا في 'ليلة' تراثية قيثارة أو ساكسفون". ولفت "الفن الكناوي يتوارث بشكل صحيح، هنالك شبان أخذوا خلافة الفن من معلميهم والمزج خدم موسيقى كناوة، كما أن هذا الأخير يخدم المزج في تفاعل قوي وجميل". ويوضح الباحثون والمهتمون بالفنون الموسيقية أن فن "كناوة" في الأصل هو "موسيقى العبيد" الذين كانوا ينقلون من أفريقيا إلى أوروبا وأميركا الشمالية وشمال أفريقيا، وهي موسيقى كانت تتغنى بجراحهم ورحلتهم المحفوفة بالمخاطر والتعذيب، وتوقهم إلى الحرية والانعتاق. وتحمل موسيقاهم في نغماتها أنينا موجعا، ووهجا مجسدا لحب الحياة والتوق إلى الحرية، في دحض لفكرة العبودية المقيتة. ويقول باحثون إن نفس المعاناة التي أنتجت موسيقى كناوة في شمال أفريقيا، كانت وراء ظهور موسيقى "البلوز" و"الجاز" في أميركا على يد أصحاب الأصول الأفريقية الذين جلبوا إلى هناك في نفس الظروف ولنفس الأهداف وهي الاسترقاق. وشرح بنشمسي "كناوة والموسيقى الأفروأمريكية هي نفسها تعود إلى عصر العبودية، هنالك من ذهب إلى شمال أفريقيا أو إلى المغرب العربي وعملوا موسيقى كناوة، وآخرون إلى أميركا وخلقوا البلوز والجاز، لذلك يتم المزج بين هذه الأنواع من الموسيقى بشكل جيد". واعتبر أن سر الإقبال على هذه الموسيقى "هو الجينات البشرية المشتركة مع أفريقيا". وبنشمسي أيضا ممثل شارك في أعمال سينمائية مغربية وعالمية ويمزج مع فرقته "لا لا" بين الفن الكناوي وموسيقى البوب الراقصة والجاز. وبدأت الدورة الرابعة والعشرون لمهرجان كناوة وموسيقى العالم في 22 يونيو/حزيران الحالي ويسدل عليها الستار في 24 من الشهر نفسه. ونجحت هذه التظاهرة الفنية المجانية على مرّ السنين في إبراز الفن الكناوي القديم وجعله معروفا من خلال الربط بينه وبين أنواع موسيقية أخرى كالجاز والبلوز، ومن خلال استقطاب شباب المدن. وتحولت أنظار الموسيقيين والمهتمين إلى فن موسيقى كناوة التراثية، التي لها في الأصل ارتباطات روحية وعقائدية في بعض الأوساط المغربية التقليدية. وأدرجت اليونسكو ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي للبشرية عام 2019 موسيقى كناوة الصوفية، التي أدخلها إلى المغرب عبيد من أفريقيا جنوب الصحراء وحافظ عليها المتحدرون منهم. ومن أبرز محطات برنامج هذه الدورة حفلات لعازف الغيتار الكوبي في فرقة "بوينا فيستا سوشل كلوب" الشهيرة إيليادس أوشوا، والمغني الباكستاني فايز علي فايز وعازفة الريغي البلجيكية سيلا سو. وتأسس المهرجان في العام 1998، ويعد واحدا من أهم المهرجانات الموسيقية المغربية، إلى جانب مهرجان موازين إيقاعات العالم ومهرجان فاس للموسيقى الروحية.
مشاركة :