فاطمة المزروعي: تراثنا أعمق من أن تجســــده أعمال سطحية

  • 2/27/2016
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

رضاب نهار (أبوظبي) من خلال أعمال تحاكي التراث، وتنطق لغة الحداثة، تعود الفنانة فاطمة المزروعي بالمتلقي إلى ذكريات الزمن الجميل، وتصطحبه في جولة مفعمة بالحنين وبدهشة التاريخ، حيث تشكّل مفردات العيش اليومي أساس مشروعها الفني، وذلك بعد إعادة تركيبها، وفق منظور ثقافي تقرأ أحداث مجتمعها في صوره. عن بداياتها تقول المزروعي:»سنوات الطفولة كانت شاهدة على موهبة جعلت الفن خبزي اليومي. وبدخولي جامعة زايد، والحصول على بكالوريوس فنون جميلة، تحولت الموهبة إلى دراسة أكاديمية، منحتني فرصة الاطلاع على مناهج ومدارس الفنون التشكيلية في العالم عبر العصور. وإلى جانب مشاركتي في النسخة الأولى من معرض تعابير إماراتية في منارة السعديات، شاركت في مجموعة معارض جماعية، وضعتني على مقربة من أساليب وقدرات مختلفة عني ومغايرة. وهكذا ومروراً بمشاركات جماعية عدة، تبلورت منهجيتي وتطورت أدواتي، وصار ضرورياً خوض تجربة معرض شخصي، فكان معرضي الأول الذي افتتح مؤخراً في جاليري الفنانة التشكيلية سلوى زيدان في فندق سانت ريجيس – السعديات، بعنوان «الرجل الذي بنى أمة».. يغلب «الكولاج» على أعمال المزروعي، وكأنها تجمع فيها ماضي المكان وحاضره لأجل المستقبل. حيث الأغراض من حولنا هي الأكثر قدرة على فعل الروي. وقد تطلّب الأمر تجارب عدة في أسلوب الرسم الكلاسيكي لتدرك الحرية التي يمنحها إياها «الكولاج». وتؤكد: «الكولاج فن واسع، بدأ منذ سنوات طويلة، ويمكّنك من التعبير عن جميع المكنونات والتناقضات التي تقبع داخلك، وبأدوات مختلفة قد تكون في كثير من الأحيان في متناول اليد. فهذا الكم الهائل من الخامات المتنوعة من هنا وهناك، يفتح المجال واسعاً أمام الإبداع والابتكار. وقتها ستشعر أن في استطاعتك معالجة أفكار كثيرة قد لا يستطيع الرسم الكلاسيكي الاقتراب من خصوصيتها». معظم الأدوات المستخدمة عند المزروعي، تحيل إلى التراث الإماراتي، وتتفق على تقديم مشاعر الامتنان لمؤسس الدولة المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان. لكن تقديمها للتراث لا يتقيد بأسلوب الفن التقليدي، فتراها تتطلع إلى فن معاصر يبرز أصول المعنى وبقوالب حداثية. وتعلّق بالقول: «شبعنا من الأعمال الفنية التي تتناول التراث بصيغته التقليدية النمطية. موروثنا القديم يستحق منا الجهد لتناوله بصيغ أكثر حداثية، تنتشله من السطحية والمباشرة. فالمعنى التراثي أعمق من أعمال ترصده سطحياً، وتهتم بتفاصيله الشكلانية، وتفرّغه من المضمون». وترجع المزروعي السبب في التعدد اللوني لديها إلى حالة العشق التي تجمعها مع الألوان، موضحة أن الاختلاف في استخدامها لها، يكمن فقط في طريقة المزج وفي المساحة المخصصة. إذ أنها لا تتدخل في اللون القوي والصارخ، تتركه لوحده ليتمكن من النطق، كما لو أنه لوحة في حد ذاته. بينما تعتمد خاصية الطباعة في مزج بقية الألوان وتحديداً البني والأبيض والأسود وجزء من الأخضر. وكان لا بد من السؤال حول الصعوبات الاجتماعية التي قد تكون واجهت المزروعي في عملها بهذا المجال، لكنها تجيب: «في السابق كانت المرأة تواجه الكثير من المشكلات الاجتماعية إزاء عملها بالفن، أما اليوم فالأمر تغير بالفعل. وصارت الفنون مجالات واسعة تستقطب إليها جميع شرائح المجتمع. مع العلم أن معارضنا قبل سنوات لم تكن تحظى بالجماهيرية المتوقعة، لكن ومع النهضة الثقافية الحاصلة في معظم إمارات الدولة وتحديداً في العاصمة أبوظبي التي أحضرت كبرى المتاحف العالمية، تغيّر الوعي المجتمعي، وأصبح أكثر توجهاً نحو تيارات الثقافة من كل حدب وصوب». وككلمة أخيرة تقول: «الفنان بحاجة دائمة ويومية إلى البحث والقراءة والاطلاع. من الضروري أن يبحث عن تلك الارتباطات الكامنة بين الفن وثقافة مجتمعه؛ ليستطيع تقديم أعمال ذات قيمة عالية».

مشاركة :