بيروت - أقرّ المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت بعد عودته من المهمّة التي لم تحقق أهدافها بأنه تفاجأ بتعمّق الخلافات بين الفرقاء اللبنانيين بشأن المرشّحين لرئاسة البلد، معترفا أيضا بأنه أخفق في دفعهم إلى التوصل إلى حلول توافقية لانتشال البلد من متاهة الشغور الرئاسي، لكنه نفى تراجع باريس عن دعم سليمان فرنجية زعيم تيار المردة مرشح الثنائي الشيعي (حزب الله وأمل) في الوصول إلى قصر بعبدا. وأفاد لودريان بأنه سيؤدي زيارة إلى السعودية قبل أن يعود منتصف يوليو/تموز إلى بيروت، مشيرا إلى انسداد قنوات الحوار بين القوى السياسية اللبنانية، قائلا إن "الجميع يدعو إلى الحوار لكن لا أحد يبادر بذلك"، وفق "الأخبار" اللبنانية. وعبّر الوسيط الفرنسي الذي عاد من بيروت بيد فارغة وأخرى لا شيء فيها عن قناعته بأن "لا شيئا جوهريا سيتغيّر قريبا" في الأزمة اللبنانية، لكنه أبدى استعداده للتعاطي بواقعية ومزيد إعطاء مهل للوصول إلى حلول توافقية. وكشفت المباحثات التي أجراها لودريان في لبنان أن الفرنسيين باتوا يعتبرون أن حضوظ سليمان فرنجية زعيم تيار المردة المدعوم من باريس تراجعت، إذ يرون أن الـ77 صوتا خلال الجلسة الأخيرة للبرلمان اللبناني التي لم تذهب إليه تعتبر ضده. واعتبرت قوى المعارضة اللبنانية أن فرنسا تراجعت عن مبادرتها ودعمها لفرنجية وهو ما نفاه لودريان متسائلا في الآن ذاته عن "السبيل لإيصال فرنجية إلى قصر بعبدا"، وفق المصدر نفسه. والتقى موفد ماكرون وفدا من حزب الله أعرب عن تمسك الجماعة الشيعية بمرشحها بالتأكيد أن "لا تراجع عن فرنجية". وجدد لودريان "حرص بلاده على التنسيق مع الحزب وأخذ هواجسه بجدية مطلقة"، فيما شدد الحزب المدعوم من إيران على أن الحوار "لا يجب أن يكون مشروطا". وأفادت "الأخبار" اللبنانية بأن "فرنسا اصطدمت بمعوقات داخلية وغياب أي تعاون خارجي مع بارس بشأن مبادرتها، تحديدا من السعودية". وتابعت نقلا عن مصادرها أن "لودريان خلال اجتماعه بفرنجية على مأدبة غداء في قصر الصنوبر لم يتردّد في سؤاله عن رأيه في الخيار الثالث وعما إذا كان واثقا في دعم الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل) حتى النهاية". وأضافت أن "باريس لم تتراجع عن مبادرتها من منطلق فهمها لموازين القوى ووجود رغبة لديها في الحفاظ على علاقة موضوعية مع حزب الله الذي يدرك الجميع أنه لا يمكن فرض رئيس من دون موافقته"، لافتة إلى أن فرنسا "تدرك أيضا أنها غير قادرة على إنتاج تسوية من دون موافقة الدول الغربية والعربية". بدوره وصف السفير السعودي في بيروت وليد البخاري زيارة مبعوث ماكرون إلى بيروت بـ"الإيجابية"، قائلا إن "الرياض تؤيد الدور الفرنسي رغم وجود بعض الخلافات في وجهات النظر التي سيتكفّل الوقت بحلّها"، وفق المصدر نفسه. وكان البخاري قد أكد خلال لقائه فرنجية الشهر الماضي "عدم وجود فيتو سعودي على شخصه أو أي مرشح آخر لرئاسة لبنان"، موضحا أن "السعودية تأمل في انتخاب رئيس جديد في أقرب وقت ممكن". وفلشت آخر جلسة للبرلمان اللبناني في انتخاب رئيس للبلاد بعد أن حصل جهاد أزعور مرشح المعارضة وأغلب القوى المسيحية والحزب التقدمي الاشتراكي وآخرين على 59 صوتا مقابل 51 نالها فرنجية وتوزعت بقية الأصوات على مرشحين آخرين.
مشاركة :