صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل وزير التربية والتعليم أهنئ نفسي ومجتمعنا بتوليك هذا المنصب المهم، والذي يمكن أن يؤثر بعون من الله على مستقبل أمتنا. لسنا اليوم في حاجة إلى شيء قدر حاجتنا إلى تصحيح مسيرة التعليم في بلادنا من حيث الأهداف والمنهج والأسلوب. لا أريد أن أستطرد فقد سمعتك في أكثر من مناسبة وأنت تتناول قضايا التعليم بما تستحقه من اهتمام. أتطلع إلى اليوم الذي تهيئ المدارس فيه (الأهلية منها والحكومية على السواء) أبناءنا وبناتنا للمزيد من القدرة على عمارة الأرض، والتفكير الهادف، والحوار الواعي، ولن يكون ذلك فيما أرى إلا إذا توافرت بضعة عناصر أساسية يأتي على رأسها: أولا: وضع أهداف للتعليم محددة وقابلة للقياس ومرتبطة بمستقبل التنمية، وثانيا: تفتيت المركزية، وثالثا: تطوير المعلم. نأتي لقضية الأهداف، لقد خطت المملكة بحمد الله ثم باهتمام ولاة الأمر بالتعليم خطوات بعيدة المدى وخصصت له ميزانيات ضخمة على مدى نصف القرن الأخير فانتقلنا من مرحلة الكتاتيب إلى مرحلة المدارس والجامعات، وخطا تعليم البنات خطوات تحسب لنا في تاريخ الأمم. وفي الخطط التنموية تطالعنا الزيادات المطردة في أعداد المدارس والمدرسين والطلاب. بيد أننا في مرحلتنا الراهنة نحتاج إلى نمط آخر من الأهداف.. أهداف تعنى بالكيف، قابلة للقياس، ومرتبطة بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية. المركزية وما أدراك ما المركزية. في رأيي أنه لن يتسنى لنا تطوير التعليم إلا إذا تخلصنا من مركزية القرار. كم أتمنى أن تهيئ الوزارة المؤسسات التعليمية للعمل المبدع، وتمكنها من ذلك، وتحاسبها على النتائج (التهيئة، والتمكين، والمحاسبة). ومن ثم تتفرغ الوزارة للتخطيط ووضع المعايير والمتابعة والتقييم. ولنتصور معا مدير مدرسة هيئ تهيئة جيدة في علوم تخطيط وإدارة التعليم ووضع المناهج والتقييم، وخصصت ميزانية المدرسة بتصرف فيها مع مجلس يتكون من بعض المدرسين وبعض الأهالي من سكان الحي، توضع لهم المعايير - أو بمعنى أصح يشاركون هم في وضعها. ثم يحاسبون على النتائج إن كانت خيرا فلهم الجزاء الأوفى ماديا ومعنويا، وإلا حوسبوا على تقصيرهم. أما المعلم وتطويره فلعلي أعود في ذلك إلى وثيقة «التعليم في العالم العربي.. التحديات المستقبلية» من منشورات مركز الإمارات للدراسات الاستراتيجية. في فصل كامل تستعرض الوثيقة أهمية تطوير المعلم وكيف لأنه حجر الزاوية في تطوير التعليم. ولا أنسى زيارة لي إلى فنلندا وهي على رأس قائمة الدول في مستوى التعليم. وجدت أنه لا يقبل في كليات المعلمين إلا أوائل الخريجين من الدراسة الثانوية، ووجدت المعلمة أو المعلم يحافظ أحدهم على وظيفته في المدرسة ويعض عليها بالنواجذ لما تضفيه عليه من تحقيق للذات، ومركز اجتماعي ودخل كاف. ولا يستطيع أحدهم المحافظة على وظيفته إلا إذا حصل على درجة الماجستير في التربية والتعليم. لنا الحق في أن نتفاءل بمستقبل التعليم في بلادنا، بما نلمسه من اهتمام ولاة الأمر بأمره. ونسأل الله أن يعين المسؤولين عن التعليم على تحقيق ما نصبوا إليه من قوة وعزة. مع تمنياتي لسمو الأمير مخلصا بالتوفيق والسداد. للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 738303 زين تبدأ بالرمز 112 مسافة ثم الرسالة
مشاركة :