أكدت دار الإفتاء المصرية أن ترسيخ تنظيم داعش الإرهابي لصور نمطية عن الإسلام واختزاله في أنه ديانة تتبنى العنف وتحرض على التطرف والإرهاب، يُعارض كل تقدم، لافتة إلى أن «المتطرفين من أنصار (داعش) ضيقوا مفهوم الجهاد وفسروه بأنه القتل والذبح؛ بل وادعوا زورا وبهتانا أن هذا المفهوم المشوه، هو الجهاد الذي شرعه الله». في حين قال الدكتور إبراهيم نجم، مستشار مفتي مصر، خلال لقائه برموز الجاليات الإسلامية في أستراليا أمس: «نعيش فترة عصيبة تتميز بتصاعد الحملات العدائية ضد المسلمين والإسلام في العالم». يأتي هذا في وقت، قررت دار الإفتاء المصرية إهداء الموسوعة الرقمية للفتاوى الصادرة عن الدار باللغات الإنجليزية والفرنسية والألمانية لجامعة داكين بأستراليا، وذلك لمواجهة التطرف في الفتاوى، مؤكدة أن «الدكتور شوقي علام مفتي مصر قرر تعميم التجربة وتوزيع الموسوعة الرقمية للفتاوى باللغات على أكثر من 12 ألف جامعة ومكتبة مركزية في العالم، للوقوف على احتياجات الباحثين لتقديم كافة أشكال المساندة الإفتائية والفقهية لهم، بما يصب في إظهار الصورة المضيئة للدين الإسلامي، ويبرز حقيقة الشرع الحنيف القادر على طرح الحلول المناسبة لجميع القضايا الحياتية للمسلمين في جميع أنحاء العالم». وشدد مستشار مفتي مصر، خلال لقائه الجالية الإسلامية، على ضرورة تكاتف جهود المسلمين عامة والعلماء والدعاة خاصة، لاستعادة الصورة الحقيقية للدين الإسلامي من قوى الظلام والإرهاب والتطرف، محذرا من أن الخطر الحقيقي الآن يتمثل في انتشار أفكار هذه التنظيمات المنحرفة عن تعاليم الإسلام ومبادئه وسط بعض الشباب المسلم، الذي يعيش في أستراليا، الأمر الذي يمثل تحديا كبيرا في المرحلة القادمة. وأوضح مستشار المفتي أن الانتصار في حربنا الفكرية ضد التشدد هو انتصار للقيم الإنسانية بشكل عام وتحقيق للاستقرار العالمي، مطالبا الجاليات المسلمة في القارة الأسترالية بالاندماج الإيجابي في مجتمعاتهم ونبذ التطرف وعدم الوقوع فريسة للأفكار المتطرفة. وقال نجم: «إننا نعيش كمسلمين فترة عصيبة تتميز بتصاعد الحملات العدائية ضد الإسلام والمسلمين بعد الأحداث الإرهابية من جهة، وما تقوم به «داعش» في اختزال الإسلام بأنه دين عنف من جهة أخرى، لافتا إلى أن الإعلام الغربي لن يغير من تعامله مع هذه الصورة السلبية بين ليلة وضحاها، حيث إن المسألة ليست بسيطة لأنها مرتبطة في الأصل بخلفيات تاريخية قد تكون معقدة، وقد تكون مرتبطة بأسباب عرقية أو دينية، أو سياسية. في ذات السياق، أكدت دار الإفتاء أن المتطرفين من أنصار «داعش» الإرهابي ضيقوا مفهوم الجهاد وفسروه بأنه القتل والذبح؛ بل وادعوا زورا وبهتانا أن هذا المفهوم المشوه هو الجهاد الذي شرعه الله.. مع أن الجهاد في جوهره هو الجهد البشرى الساعي إلى تحسين حياة الفرد والمجتمع، والدفاع عن الأوطان تحت راية الدولة، فإحياء الناس وعمارة الأرض هو النموذج الإلهي للجهاد». وكان الدكتور نجم قد قال على هامش زيارته لأستراليا لعرض تجربة دار الإفتاء هناك للمساهمة في تصحيح المفاهيم المغلوطة لدى الغرب عن الإسلام، إن «دار الإفتاء المصرية تعمل على نشر الوسطية والدفاع عن الإسلام ومحاربة الفوضى في الخطاب الإفتائي في الخارج». واستعرض نجم خلال لقائه لجنة مكافحة الإرهاب بمقر الخارجية الأسترالية، الإجراءات التي اتخذتها دار الإفتاء لمواجهة الآلية الدعائية للتنظيمات الإرهابية ومن ضمنها «داعش»، وذلك من خلال إقامة مرصد لمتابعة الفتاوى التكفيرية والمتشددة، والرد على هذه الفتاوى وتفنيدها من خلال منهج علمي رصين، وإقامة مركز تدريبي متخصص يقدم دورات تدريبية تتضمن سبل تناول ومعالجة الفتاوى المتشددة، وإطلاق صفحة إلكترونية بعنوان «داعش تحت المجهر» باللغتين العربية والإنجليزية لتصحيح المفاهيم الخاطئة التي تسوقها التنظيمات الإرهابية، موضحا أن الجماعات الإرهابية تأتي بنصوص مبتورة من التراث وتخرجها من سياقاتها لتحقيق أهدافها الدنيئة، مؤكدا أن دار الإفتاء المصرية تفضح هذه الانحرافات الفكرية وتفندها. وأوضح مستشار مفتي مصر، أن مصدر التبرير المزعوم لكثير من مظاهر التطرف والعنف السياسي في العالم الإسلامي وخارجه ليس مرده تعاليم الأديان؛ لكن لمجموعة معقدة من العوامل نحتاج لفهمها جيدا بشكل معمق حتى نعالج هذه الظواهر التي تهدد العالم أجمع. من جهة أخرى، كشف مصدر مصري مطلع، عن أن «داعش» بات يهدد أستراليا وألمانيا والنمسا وكندا وبلجيكا وإسبانيا، وأرسل بالفعل رسائل تهديد على هواتف بعض المواطنين في السويد مثلا يخيرهم بين «اعتناق الإسلام أو دفع الجزية أو قطع الرأس»، مضيفا لـ«الشرق الأوسط» أنه بالنظر إلى هذه التهديدات في مجملها نجد أنها تعتمد على استخدام فيديوهات مصورة ذات طابع هوليوودي، حيث المؤثرات البصرية والأصوات الخلفية التي تبعث الرهبة والخوف والرعب في من يشاهدها، مع ترديد عبارات تهديدية ومشاهد ذبح ودماء متناثرة، حيث يخدع الشباب والفتيات وصغار السن بها، من أن «داعش» هي الدولة الأقوى في العالم، على حد زعم أنصار التنظيم الإرهابي.
مشاركة :