يجلس في زاوية الدكة (الجلسة الخارجية) في الاستراحة.. يتقاطع على الزاوية بالذات خطان من موزعات رذاذ الماء البارد.. وهي بالذات أي الزاوية أكثر نقطة مقابلة للمكيف الصحراوي (المائي) البارد. انتهى قبل عشر دقائق من التهام أرتال من الرز واللحم من على صحن الكبسة.. وأتبعه بعدد من قطع البطيخ البارد.. يرفع ثوبه عن ساقيه ليشعر بالمزيد من الهواء البارد (متبرّد). بيده اليمنى بيالة شاي أحمر موزون السكر, من إبريق شاي أخذ وقته بجانب النار ليتساوى تركيز الشاي والسكر.. شاي خادر كما يحلو له تسميته.. أما اليد الأخرى فيمسك بها عود أسنان ينكش به أسنانه. كل ما عليك فعله الآن هو أن تسأل.. وتأتيك الإجابة على الفور دون تفكير.. تحليل سياسي.. تحليل اقتصادي.. فتوى طبية.. فتوى دينية.. تحليل مباراة.. وصفة شعبية.. في أي مجال يخطر على بالك. فقط اسأل وستجد الإجابة على الفور. وإن لم يكن لديك أي سؤال فلا تقلق فسوف يبادر وينهل من علمه اللامحدود ليعطيك من بحر العلوم والخبرات اللامتناهية. خيال واسع لا حدود له.. ولا تعلم هل هي حقيقة اختلطت بخيال أم خيال اختلط بحقيقة.. أم أنه لا حقيقة تذكر في المعلومة بتاتاً. إن لم يجد من يستمع إليه, ضغط بإصبعه على أيقونة تويتر على هاتفه الجوال ليتخطى بعلمه وخبراته حدود الاستراحة إلى أبعد من ذلك بكثير. وأصبح يغرّد في فضاء شاسع لا حدود له. يجد في تويتر كل ما يريد ويهوى من أخبار وإشاعات وحقائق وأكاذيب. يجد في هذه المنصة ما يتحدث به ويبدي رأيه ونقده القاسي الذي يتفاخر به. وأسهل ما يمكن أن يغرّد به هو انتقاد لاذع للاعب كرة أو مدرب فريق بتحليل رياضي خارق, أو تحليل مفصل لأزمة سياسية تظن للوهلة الأولى أنه كان أحد أعضاء ذلك الاجتماع الذي عقد في البيت الأبيض. أو انتقاد خدمات دائرة حكومية داعماً انتقاده ببعض الصور. أو اعطاء حلول لمشروع متعثر ولوم المسئولين على هذا التعثر. لا يأبه بهذا النقد الذي قد يمس شرف الأبرياء أو الدخول بذممهم. ينام كل ليلة قرير العين ولا يعلم مدى الألم الذي سببه لأحدهم أياً كان. يتساهل النقد اللاذع وابداء الرأي الصفيق في أي موضوع يلوح أمامه دون الاكتراث بتبعات ما يقول. وفي المقابل لو وُضع في محل المسئولية لما استطاع ادارة شأنه فضلاً عن أن يدير شأن مؤسسة بأكملها أو أن يتماشى مع أنظمتها وقوانينها. يُروى عن سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قوله: (ليس كل ما يُعْرَف يُقال، وليس كل ما يُقال حَضَرَ أهلُه، وليس كل ما حَضَرَ أهلُهُ حان وقته، وليس كل ما حان وقته صَحَّ قوله).
مشاركة :