فجَّرت الأوضاع ومظاهر الشغب التي تسارعت حدَّتها في فرنسا خلال هذا الأسبوع بسبب مقتل الشاب نائل، ملفَّ العنصرية الملطَّخ بدماء الأبرياء، سيَّما مع تنامي مثل هذه الأحداث في عدد من بلدان العالم خلال السنوات الماضية؛ سواءً كانت دوافع هذه العنصرية بسبب اللون أو العرق أو الدين أو حتى الاختلاف فكريًّا. "الرؤية" تفتح سجلات هذا التاريخ عبر استعراض عددٍ من الأحداث المؤسفة خلال العقد الأخير، والتي كان فتيلُها عُنصرية بغيضة. الرؤية - فيصل السعدي العنصرية العرقيَّة لا تزال فرنسا تحاول التعافي من تداعيات اتساع رقعة الغضب واندلاع أعمال الشغب، إثر داء العنصرية الذي اتضح مجددا بعد مقتل نائل الشاب ذي الـ17 ربيعًا برصاص الشرطة الفرنسية، لأصوله العربية. فبرغم التجاوزات المرورية التي ارتكبها نائل بحسب ما أوضحته وسائل الإعلام الغربية، فإنها لا تعطي سببا شافيا وراء إطلاق رجال الشرطة الفرنسية النار عليه ومن مسافة قريبة بعد توقفه على حاجز شرطة المرور؛ لتخترق العنصرية ذراعه اليسرى وصولًا لصدره لترديه قتيلا. لتسجل وفاة نائل ثالث حالة قتل على يد الشرطة الفرنسية خلال العام الجاري في حوادث توقيف مروري تلت 13 حالة قتل من هذا النوع العام الماضي وهو رقم قياسي، ذكرت معه وكالة "رويترز" "أنَّ معظم ضحايا هذه الحوادث كانوا من أصول عربية أو سوداء". العنصرية الدينية في التاسع من مارس من العام 2019، نفَّذ المجرم برينتون تارانت هجوما إرهابيا على مسجدين في نيوزلندا، مخلفاً 51 جثة من المسلمين من بينهم أطفال ونساء وشيوخ وإصابات العشرات منهم. وهو أول مجرم يتم إتهامه بموجب قانون قمع الإرهاب في نيوزيلندا، وقد تم الحكم عليه بالسجن المؤبد عام 2021. والهجوم الإرهابي جاء بدوافع سيادة البيض وكراهية الإسلام، ولم يعترف الإرهابي بانتمائه لأية حركة سياسية، ليتضح بعد ذلك أنه يدعم أيديولوجية اليمين المتطرف، ويتبنى سياسة معادية للمهاجرين ليصبح عنصريا متعصبا على المهاجرين المسلمين، ليؤكد أنه نفذ الهجوم بدوافع شخصية، فهو "يمثل ملايين الأوروبيين الذين يتطلعون للعيش على أرضهم وممارسة تقاليدهم الخاصة"، وفق ما قاله عند استجوابه. كما أنه لم تكن هناك أية عوامل واضحة أثرت على "برينتون تارانت" سواء رحلة سياحية حوّلت منه إرهابي لا يفكر إلا في العنصرية ضد العرب والمسلمين، فبعد رحلة لعدد من مناطق المعارك التي دارت بين الإمبراطورية العثمانية والدول الأوروبية بدأ اهتمامه بالتاريخ في المنطقة الأوروبية والحروب الصليبية يزداد، وفيها مرَّ على متحف ماركو ميليانوف بوبوفيتش، الذي وضع اسم هذا الجنرال على سلاحه الذي نفذ به المذبحة، ونشر صورة له (وهو جنرال صربي من الجبل الأسود قاتل العثمانيين في القرن الـ19). عنصرية اللون مشاهد العنف العنصري تتجدد بين فينة وأخرى في الولايات المتحدة الأمريكية رغم إلغاء الفصل العنصري في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1964؛ حيث وقع أكثر من 130 حادث إطلاق نار جماعي في جميع أنحاء الولايات المتحدة في هذا العام حتى الآن، بما في ذلك الهجوم على مدرسة إبتدائية في ناشفيل، الهجوم المسلح الذي نفذته شابة متحولة جنسيا وهي كانت طالبة في المدرسة نفسها، وأسفر هذا الهجوم الإرهابي المسلح عن مقتل 3 أطفال و3 بالغين. وقد استمرت المتحولة "هايل" بإطلاق النار لحوالي 14 دقيقة، قبل أن تصل عناصر الشرطة لموقع الجريمة، ووقع اشتباك ناري بين الجانبين، أدى في النهاية إلى إصابة هيل ومقتلها. ونشرت وسائل الإعلام أن القاتلة كانت على الأرجح تخطط لهجوم أوسع، وإطلاق نار في مواقع عدة، بينها المدرسة. واقتحمت المجرمة وبحوزتها أسلحة نارية متنوعة منها ببندقيتين ومسدس على الأقل، مدخلًا جانبيًا لمدرسة "ذي كوفننت"، وهي أكاديمية مسيحية، وشقت طريقها بينما كانت تطلق النار، وفقًا للشرطة. وقد قتلت حوادث إطلاق النار الجماعية المئات من الأشخاص فى التاريخ الأمريكى فى مواقع متعدده مثل المتاجر والحدائق والمدارس والجامعات وأماكن العمل وغيرها. وضحايا بين أطفال صغار وطلاب ومعلمين وكبار سن، وتوضح التقارير أن 175 شخص ماتوا فى 15 حادثًا فى المدارس والكليات الأمريكية، بدءا من مذبحة مدرسة كولومبين الثانوية فى عام 1999 حتى إطلاق النار فى ناشفيل، وذلك وفقا لقاعدة بيانات لوكالة أسوشيتدبرس ويو إس غيه تودى وجامعة الشمال الشرقى. وذاع صدى حادثة مقتل 32 شخص فى معهد فرجينيا تك فى إبريل 2007 عندما فتح طالب النار داخل حرم الجامعة قبل أن يقتل نفسه، ومذبحة ساندى هوك، الأسوأ فى تاريخ أمريكا حيث قتل مراهق والدته فى منزلهما ثم توجه على مدرسة إعدادية قريبة وقتل 20 طالب وستة معلمين قبل أن ينهي حياته. قتل عشوائي على مدار 100 يوم، حدثت طفرة جنونية من القتل العشوائي ليصل عدد الضحايا إلى 800.000 شخص، وذلك في روندا شرق أفريقيا في العام 1994 وفي تقديرات أخرى قدر عدد الضحايا ما بين 500 ألف إلى مليون؛ مما يعني 20% من إجمالي عدد السكان. وكانت قمة المواجهات العرقية العنيفة بين أقلية التوتسي، التي حكمت البلاد لقرون، وأغلبية الهوتو، الذي كانوا قد تولوا السلطة من 1959–1962 وأطاحوا بالنظام الملكي التوتسي. الحقد الذي تولده دوافع العنصرية سواءً التوترات العرقية أو الحروب الأهلية، يصعب إحصاء خسائرها البشرية والمادية "100 يوم من الدماء الأهلية"، يستوجب من حكومات الدول الحذر من دوافع الحقد الذي يقود إلى جنون العنصرية لمحاربة شتى أنواع العنصرية التي نهى عنها ديننا الإسلامي وحذر منها.
مشاركة :