أكد خبراء اقتصاديون أن الشراكة الاقتصادية بين الصين وأفريقيا تتطور باستمرار وتسير بشكل تصاعدي، مشيرين إلى أن العلاقات بين الجانبين تلقت دفعة قوية خلال النسخة الثالثة للمعرض الاقتصادي التجاري الصيني الأفريقي الذي اختتمت فعالياته مؤخرا في تشانغشا حاضرة مقاطعة هونان بوسط الصين. وتوقع الخبراء أن تستمر الصين كأكبر شريك تجاري لأفريقيا وتدفع الاستثمارات الصينية حركة التنمية في الدول الأفريقية المتعطشة للتطوير. وقال سامي القمحاوي نائب رئيس تحرير جريدة (الأهرام) المصرية والمتخصص في الشأن الصيني إن الإقبال غير المسبوق على المشاركة في النسخة الثالثة من المعرض الاقتصادي والتجاري الصيني الأفريقي دليل جديد على استمرار نمو العلاقات الاقتصادية بين الصين وأفريقيا. وأوضح القمحاوي لوكالة أنباء ((شينخوا)) أن المعرض أثبت أهمية العلاقات الاقتصادية بين الصين وأفريقيا وحرص الجانبين على تعزيزها في ظل مشاركة أكثر من 1700 ضيف أجنبي وما يزيد عن 10 آلاف ضيف محلي، وهذه أعلى نسبة مشاركة على الإطلاق في المعرض منذ بدايته. وأضاف الخبير المصري أن حجم العقود الموقعة خلال المعرض دليل آخر على حيوية العلاقات الاقتصادية بين الصين وأفريقيا ودخول الشراكات بين الجانبين إلى مجالات جديدة تحتاجها القارة السمراء مثل الاقتصاد الرقمي والتعاون في مجالات تطوير التكنولوجيا، وهو ما تمتلكه الصين ولا تبخل بنقله إلى الدول الصديقة في أفريقيا. ورأى القمحاوي أن إقامة هذا المعرض تعزز العلاقات الصينية الأفريقية القائمة على المصالح المشتركة حيث شاركت 53 دولة أفريقية في المعرض، وهي عدد الدول التي أقامت علاقات دبلوماسية مع الصين بالقارة، كما شهد المعرض طفرة في عدد العارضين والمعارض الإفريقية المشاركة بنسبة زيادة 70 % و 166 % على التوالي عن المعرض السابق، وهذا يؤكد أن العلاقات الاقتصادية بين الصين وأفريقيا في تطور مستمر. وتابع أن توقيع 120 مشروعا خلال المعرض بقيمة 10.3 مليار دولار دفعة قوية للعلاقات الاقتصادية بين الصين وأفريقيا، وفي نظري نوعية هذه العقود ومجالاتها أمر مهم حيث فتحت بعضها مجالات جديدة للتعاون بين الصين وأفريقيا. وأوضح الخبير في الشأن الصيني أن المعطيات كلها تؤكد أن الصين ستظل أكبر شريك تجاري لأفريقيا خلال الأعوام القادمة لعدة أسباب في مقدمتها أن العلاقات بين الجانبين تقوم على أساس المصالح المشتركة والاحترام المتبادل ودون تدخل من أي جانب في أي أمور داخلية للدول، وهي أمور محورية في العلاقات السليمة بين الدول. ومن بين الأسباب أيضا، وفقا للقمحاوي، ثقة الدول الأفريقية في الصين في ظل تاريخ العلاقات القائم على التعاون والتضامن بين الجانبين، خاصة أن الصين أقامت مشاريع مهمة في أفريقيا حتى قبل الوفرة الاقتصادية التي تعيشها، وخير مثال على ذلك خط سكك حديد تنزانيا - زامبيا (تازارا) الذي شيدته الصين وبدأ تشغيله في العام 1976 وأصبح حافزا اقتصاديا لدول شرق وجنوب أفريقيا وتحول إلى رمز للصداقة بين الشعب الصيني والشعوب الأفريقية. وأشار إلى أن الصين تتبادل خبراتها الناجحة مع الدول الأفريقية التي تستفيد من هذه الخبرات في مواجهة مشكلات مثل التصحر وتحقيق الأمن الغذائي والتنمية المستدامة وتوطين التكنولوجيا الحديثة وغيرها. وأردف "يكفي العلم أن إجمالي استثمارات الصين المباشرة الجديدة في أفريقيا خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري بلغت 1.38 مليار دولار بزيادة 24 % عن الفترة المماثلة في العام الماضي، لنتأكد أن الشراكة التجارية بين الجانبين مستمرة وتتصاعد عاما بعد عام". وواصل أن القارة الإفريقية عانت كثيرا من الاستنزاف الغربي لمواردها الطبيعية لسنوات طويلة، لذلك فإن التنمية أمر حيوي ومهم لكل الدول الأفريقية حيث تسعى هذه الدول إلى تعويض تأخر التنمية بها، والاستثمارات الصينية أحد الحلول السحرية لهذه الدول حيث لا تبخل الصين بنقل ما تملكه من تكنولوجيا إلى دول القارة في إطار استراتيجية الكسب للجميع. وشاطره الرأي الدكتور وليد جاب الله عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي بقوله إن المشاركة الواسعة للدول الأفريقية في النسخة الثالثة من المعرض الاقتصادي والتجاري الصيني الأفريقي تؤكد نجاح المعرض وتحقيق الأهداف والنتائج بشكل أكبر من نسخته السابقة. ورأى جاب الله في تصريح لـ((شينخوا)) أن نجاح هذه النسخة من المعرض يشير إلى أن العلاقات الصينية الأفريقية تسير في المسار الصحيح وبشكل تصاعدي. وأضاف أن المعرض مهم دون شك للعلاقات الصينية الأفريقية لأنه يفتح الباب أمام عملية تبادل تجاري حقيقية ويتم من خلاله تعزيز عمليات التبادل التجاري بين الجانبين وزيادة الاستثمارات الصينية في أفريقيا. واستدرك "لكن مبادرة الحزام والطريق هي الأساس للعلاقات الاقتصادية بين الصين وأفريقيا ومشروعات تلك المبادرة والتعاون الأفريقي مع المؤسسات الصينية هي الأفق الأكثر ترحابا". وأوضح جاب الله أن توقيع 120 مشروعا خلال المعرض يعد نجاحا كبيرا ونتائج جيدة، وهذا الرقم يعبر عن تنوع كبير في المشروعات وهذا أمر جيد وإيجابي للعلاقات بين الصين وأفريقيا. وأكد أن العلاقات الاقتصادية بين الصين وأفريقيا تتطور بصورة كبيرة، مشيرا إلى أن الأساس في ذلك هو أن الصين تدخل أفريقيا بشروط عادلة ومقبولة للدول الأفريقية وفق قاعدة الكل رابح وتريد أن تحقق مصالح الدول الأفريقية والصين معا وهذا الأمر يدفع نحو تعزيز الثقة والوجود الصيني في أفريقيا. وتوقع الخبير الاقتصادي المصري أن يكون هناك وجود أكبر للصين في أفريقيا خلال الفترة القادمة في ظل ما تقدمه من إطار للتعاون يصعب منافستها فيه من قبل دول أخرى. كما توقع أن تستمر الصين كأكبر شريك تجاري لأفريقيا، وشدد على أن الاستثمارات الصينية تدفع حركة التنمية في الدول الأفريقية المتعطشة للتطوير.
مشاركة :