يستغرق العثور على أدوية جديدة وقتاً طويلاً ويعتبر مهمة مكلفة. لكنّ نوعاً من الذكاء الاصطناعي، يسمى التعلم الآلي، يمكن أن يسرّع العملية بشكل كبير ويقوم بالمهمة تكلفة بسيطة. استخدمت فانيسا سمير-باريتو، وهي زميلة باحثة من معهد علم الوراثة والطب الجزيئي بجامعة إدنبرة، وزملاؤها هذه التقنية مؤخرا للعثور على ثلاثة جزيئات واعدة مرشحة لتطوير أدوية محللة للشيخوخة (بالإنجليزية Senolytics)، وهي الأدوية التي تبطئ الشيخوخة وتمنع الأمراض المرتبطة بالعمر. خلايا الزومبي وأضافت الباحثة، في مقال نشرته في موقع theconversation.com الكندي «تعمل مضادات الشيخوخة عن طريق قتل الخلايا الشائخة (senescent cells). هذه هي الخلايا "الحية" (النشطة الأيضية)، ولكنها لم تعد قادرة على التكاثر. ومن هنا، جاءت تسميتها: «خلايا الزومبي». عدم قدرة الخلايا على الاستنساخ ليس بالضرورة أمراً سيئاً. لكن هذه الخلايا عانت من تلف في الحمض النووي الخاص بها، على سبيل المثال خلايا الجلد التي تضررت من أشعة الشمس. لذا، فإن إيقاف النسخ يوقف انتشار الضرر. لكن الخلايا الشائخة ليست دائماً شيئاً جيداً. فهي تفرز مزيجاً من البروتينات الالتهابية التي يمكن أن تنتشر إلى الخلايا المجاورة. على مدى العمر، تعاني خلايانا من وابل من الاعتداءات، من الأشعة فوق البنفسجية إلى التعرض للمواد الكيميائية. وبالتالي تتراكم هذه الخلايا. تورطت أعداد مرتفعة من الخلايا الشائخة في مجموعة من الأمراض، بما في ذلك النوع 2 داء السكري، «كوفيد»، تليف رئوي، هشاشة العظام والسرطان. أظهرت الدراسات، التي أجريت على فئران المختبر، أن القضاء على خلايا الشيخوخة، باستخدام مضادات الشيخوخة، يمكن أن يخفف من هذه الأمراض. يمكن لهذه الأدوية أن تقتل «خلايا الزومبي» مع الحفاظ على الخلايا السليمة على قيد الحياة. حوالي 80 من مضادات الشيخوخة معروفة، ولكن تم اختبار اثنين فقط على البشر: مزيج من «داساتينيب» (Dasatinib) و«كيرسيتين» (Quercetin). سيكون من الرائع العثور على المزيد من مضادات الشيخوخة التي يمكن استخدامها في مجموعة متنوعة من الأمراض. لكن الأمر يستغرق من عشرة إلى 20 عاماً ومليارات الدولارات الأميركية حتى يصل الدواء إلى السوق. نتائج في خمس دقائق أضافت فانيسا سمير-باريتو «أنا وزملائي أردنا معرفة ما إذا كان بإمكاننا تدريب نماذج التعلم الآلي لتحديد المرشحين الجدد للأدوية المحللة للشيخوخة». وأوضحت «للقيام بذلك، قمنا بتغذية نماذج الذكاء الاصطناعي بأمثلة من مضادات الشيخوخة المعروفة وأخرى غير مضادة للشيخوخة. تعلمت النماذج التمييز بين الاثنين، ويمكن استخدامها للتنبؤ بما إذا كانت الجزيئات التي لم ترها من قبل يمكن أن تكون أيضا محللة للشيخوخة». عند حل مشكلة التعلم الآلي، عادة ما تختبر البيانات على مجموعة من النماذج المختلفة أولاً، حيث يميل بعضها إلى الأداء بشكل أفضل من البعض الآخر. لتحديد النموذج الأفضل أداء، حدد الباحثون أفضل نموذج لديهم وزودوه ب 4340 جزيئاً. وبعد خمس دقائق، قدم قائمة بالنتائج. وكتبت الباحثة سمير - باريتو «حدد نموذج الذكاء الاصطناعي 21 جزيئاً من أعلى الدرجات اعتبرها ذات احتمالية عالية لكونها محللات للشيخوخة. ولو أننا اختبرنا الجزيئات الأصلية الـ 4340 في المختبر، لاستغرق الأمر بضعة أسابيع على الأقل من العمل المكثف و50.000 جنيه إسترليني فقط لشراء المركّبات، دون احتساب تكلفة الآلات التجريبية والإعداد». وقالت الباحثة «ثم اختبرنا هذه الأدوية المرشحة على نوعين من الخلايا: صحية وشائخة. أظهرت النتائج أنه من بين 21 مركبا، تمكنت ثلاثة (بيريبلوسين وأولياندرين وجينكجيتين)، (periplocin, oleandrin and ginkgetin) من القضاء على الخلايا الشائخة، مع الحفاظ على معظم الخلايا الطبيعية على قيد الحياة. ثم خضعت هذه الأدوية الجديدة المضادة للشيخوخة لمزيد من الاختبارات لمعرفة المزيد حول كيفية عملها في الجسم». أظهرت التجارب البيولوجية الأكثر تفصيلاً أنه من بين الأدوية الثلاثة، كان أولياندرين (Oleandrin) أكثر فعالية من أفضل دواء معروف من نوعه. تعتبر التداعيات المحتملة لهذا النهج متعدد التخصصات، الذي يشمل علماء البيانات والكيميائيين وعلماء الأحياء، ضخمة. وبالنظر إلى ما يكفي من البيانات عالية الجودة، يمكن لنماذج الذكاء الاصطناعي تسريع العمل المذهل الذي يقوم به الكيميائيون وعلماء الأحياء للعثور على علاجات جديدة للأمراض. ختمت سمير-باريتو «بعد التحقق من صحتها في خلايا الشيخوخة، نقوم الآن باختبار مضادات الشيخوخة الثلاثة المرشحة على أنسجة الرئة البشرية. نأمل في الإبلاغ عن نتائجنا القادمة في غضون عامين».
مشاركة :