واجه قانون خفض التضخم انتقادات من شركاء الولايات المتحدة غير الأعضاء في اتفاقية التجارة الحرة، حيث يزعمون أن تطبيق هذا الدعم يمثل عملا تمييزيا ويمكن أن يؤدي إلى تدفق خارجي للاستثمارات المتعلقة بالطاقة النظيفة من دول أخرى. وأدى ذلك بدوره إلى أن يقترح الاتحاد الأوروبي حزمة إضافية من إعانات الطاقة النظيفة. أثارت آلية تعديل حدود الكربون شواغل من أنه، في ضوء تعقيد قياس الانبعاثات ومقارنة آليات التسعيرة، يمكن استغلال أحكام الاتحاد الأوروبي أحادية الجانب لأغراض الحماية، بما في ذلك ضد الاقتصادات النامية. وفي حين كانت سياسات المناخ والتجارة تعمل في السابق كنظم مستقلة، فإنها تتقارب الآن، بل تتداخل في بعض الأحيان. ولم يتحدد حتى الآن ما إذا كانت الاقتصادات الرئيسة ستتعاون أو سيسلك كل اقتصاد مساره الخاص. هل تستطيع منظمة التجارة العالمية أن تحل مشكلة مثل هذه؟ على الأرجح لا، وعلى الأقل ليس على المدى القصير. فمنذ تأسيسها في 1995، كانت منظمة التجارة العالمية بطيئة أو غير قادرة على التوصل إلى اتفاقيات متعددة الأطراف بشكل كامل، وكان الاستثناءان الملحوظان هما: اتفاقية تيسير التجارة، واتفاق دعم مصايد الأسماك، وهما صفقتان رئيستان متعددتا الأطراف. وفي حين يخبرنا الاقتصاديون في مجال التجارة أن الاتفاقيات متعددة الأطراف هي أعلى وأفضل أشكال تحرير التجارة، فإن تجربتنا الجماعية في العقود الأخيرة أوضحت أنه لا يوجد توافق سياسي في الآراء بشأن ما تريده الاقتصادات الكبرى من النظام التجاري العالمي، والدور الذي ينبغي أن تؤديه منظمة التجارة العالمية. وفي الواقع، من الصعب تحقيق إصلاح مؤسسي إذا لم يكن هناك توافق سياسي أساسي في الآراء. وما نحتاج إليه الآن هو مناقشة موضوعية بين قادة الاقتصادات الكبرى بشأن الطلبات المتغيرة والمتناقضة في كثير من الأحيان من النظام التجاري العالمي. فإلى أي درجة ينبغي أن يركز هذا النظام على الكفاءة الاقتصادية؟ وعلى الخطط الصناعية الوطنية؟ وعلى التنمية الاقتصادية؟ وإلى أي درجة ينبغي أن يتناول قضايا العمل والبيئة؟ وما الدور الذي ينبغي أن يؤديه في إتاحة تكافؤ الفرص، وتحقيق انضباط الشركات المملوكة للدولة، وموازنة الإعانات؟ وفي النهاية، هل ينبغي أن يكون الهدف هو إنشاء نظام قائم على القواعد وآليات لتطبيق تلك القواعد؟ تعد هذه أسئلة أساسية يتعين تناولها قبل أن يتسنى تحقيق إصلاح هادف لمنظمة التجارة العالمية. ولا يمكن الإجابة عنها بمجرد تجاهل أو رفض واقع الديمقراطيات أو السياسات المحلية أو الرأي العام. فالشعبوية والقومية والأصلانية والحمائية كلها أمور حقيقية. وينبغي ألا تملي سياسة اقتصادية ذات قاسم مشترك أدنى، لكن تجب معالجتها. وفي غضون ذلك، في ظل عدم وجود توافق في الآراء بشأن النظام التجاري العالمي، يواصل العالم الدوران حول محوره، ويتواصل التقدم التكنولوجي، وتتطور الاقتصادات. ويتعين الآن، أكثر من أي وقت مضى، أن تعمل الائتلافات معا لوضع معايير يمكن أن تضع الأساس اللازم لمنهج أوسع. ولنأخذ الاقتصاد الرقمي على سبيل المثال. من المحتمل أن يكون للمسائل المتعلقة بدور الخدمات الرقمية والبيانات والخصوصية والأمن السيبراني، على سبيل المثال لا الحصر، أثر أكبر من التعريفات الجمركية في عديد من الاقتصادات. وقد وضعت الضوابط التي أدرجت في اتفاقيات التجارة الإقليمية والثنائية السابقة معايير عالية بشأن بعض من أهم المسائل التي تواجه الاقتصاد العالمي. كما أن هناك الآن فرصة أمام القطاعين العام والخاص للتعاون، لكن هناك أيضا خطر أن يؤدي إجراء أحادي من جانب طرف أو آخر إلى مزيد من الاحتكاك التجاري. وفي غياب توافق الآراء بشأن الاتفاقيات متعددة الأطراف، فإن التعددية المفتوحة، أي التفاوض على الاتفاقيات بين الدول التي ترغب في تجاوز القاسم المشترك الأدنى والالتزام بتلك المعايير، قد تكون أفضل طريقة واعدة للنهوض بمسائل التجارة المهمة. وتعد سلسلة من الصفقات التجارية التي أبرمت في الآونة الأخيرة من الاتفاقية الشاملة والتقدمية للشراكة عبر المحيط الهادئ إلى اتفاق الولايات المتحدة والمكسيك وكندا، من الأمثلة المهمة على كيفية المضي قدما. قد تكون التحديات التي تواجه النظام التجاري العالمي قد زادت تعقيدا منذ استعراض خزانة ابني قبل عقد من الزمن، لكن من المهم أكثر من أي وقت مضى أن ننجح في التصدي لهذه التحديات، فهناك كثير على المحك لنكون راضين عن الوضع الحالي.
مشاركة :