القضاء المصري ينصف الزوجة التي هجرها زوجها

  • 7/13/2023
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

الهجر يلحق أذى نفسيا بالزوجة يصنف الهجر الزوجي كأحد أخطر أشكال العنف ضد المرأة فلا هي مطلقة ولا هي متزوجة، كما أنها لا تستطيع التحكم في مصير أبنائها على المستوى التعليمي، حيث أن الولاية للأب، ما يزيد من تعقيد وضعيتها. لذلك ارتأت محكمة الأسرة أن تحصل المرأة التي هجرها زوجها على الطلاق، لتستطيع التصرف في حياتها بأريحية. كما يحق لها الحصول على حقوقها بشكل سريع حتى لا تواجه مصير تربية الأبناء دون عوائد مالية. القاهرة - أقرت محاكم الأسرة في مصر قاعدة قانونية تمهد لإنهاء معاناة سيدات معلقات هجرهن أزواجهن فترة طويلة، بعد أن قضت المحكمة بأحقية المرأة التي يتركها زوجها لفترة تتجاوز عدة الأشهر بأن تحصل على الطلاق، لتستطيع التصرف في حياتها بأريحية وإدارة شؤون أولادها. واستقرت محاكم الأسرة على تطبيق مبدأ يفيد بأنه إذا تغيب الزوج سنة فأكثر يجوز لزوجته أن تطلب الطلاق طالما تضررت من بُعده، ويحق لها أيضا إذا تغيب الزوج في بلد آخر أو تكون غيبته بلا عذر مقبول وتضررت الزوجة من ذلك ماديا ومعنويا أن تحصل على الطلاق النهائي حسب طلبها. وأصبح الهجر الزوجي أقرب إلى ظاهرة أسرية مقيتة، حيث تعيش بعض النساء مرارات غياب الأزواج فترة طويلة دون أن يعرفن ما إذا كنّ مطلقات أم متزوجات، وظلت محاكم الأسرة تتعامل مع طلبات الطلاق التي تصل إليها بتحفظ حتى اضطرت للتدخل وحسم الأمر بما يتوافق مع الواقع. وافتقدت النساء المهجورات وجود مظلة قانونية تسهل عليهن التحرر من الزواج المعلق دون تعرضهن لخسائر أو التنازل إجبارا عن الولاية التعليمية للأبناء، حيث لم تكن هناك مرونة كافية للتعاطي مع الأذى النفسي الذي يتعرضن له. الأم التي هجرها زوجها لا تستطيع تسجيل أبنائها في المدارس أو تحويلهم منها، لأن الولاية التعليمية للأب فقط ويصنف الهجر الزوجي كأحد أخطر أشكال التفكك الأسري الذي يخفيه المجتمع المصري ويرفض الاعتراف به، وغالبا ما تلجأ المرأة لإيهام المحيطين بها أن زوجها سافر للعمل لتجنب النظرات القاسية من كونها زوجة مهجورة أو بها عيوب لا تُحتمل. ومن هؤلاء، سارة إبراهيم وهي زوجة مصرية لا تزال في العقد الثالث من العمر، حيث فوجئت بإصرار الزوج على السفر لإحدى الدول العربية، لكنه انقطع عنها لأكثر من عام ولا تعرف عنه شيئا، ولا تستطيع التصرف في إدارة شؤون طفليها لعدم امتلاكها ولاية تعليمية. وبعد نفاد صبر الزوجة، طلبت من أسرة زوجها أن تتدخل بشكل ودي أو يعود للعيش معها أو يطلب سفرها إليه في الخارج، لكن قوبل طلبها بالمماطلة، بحجة أن أسرته لا تستطيع الوصول إليه، ثم علمت من أحد أصدقائه أنه تزوج من أخرى بشكل عرفي. وقالت الزوجة لـ”العرب” إن الهجر فترة طويلة أصابها نفسيا وأصبحت في نظر المحيطين بها متورطة في إقدام زوجها على هجرانها، وهناك من يتعامل معها بقبح وكأنها تحمل عيوبا دفعت زوجها لهجرها، ومع ذلك لم تتمكن من الحصول على حقها في الطلاق. وأضافت أن تدخل القضاء لإنصاف الزوجة المعلقة بالطلاق ينهي معاناة الكثير من النساء اللاتي يعشن مرارة الأذى والوصمة المجتمعية من كونهن لا متزوجات ولا مطلقات، والعبرة أن يتم طلاق الزوجة ومعها حقوقها الشرعية كاملة، من نفقة وسكن ومؤخر وولاية تعليمية. إنصاف المعلقات بتطليقهن ومنحهن كامل حقوقهن يحررهن من القيود الواقعة عليهن نفسيا وأسريا ولا تستطيع الأم التي هجرها زوجها تسجيل أبنائها في المدارس أو تحويلهم منها في مصر، لأن الولاية التعليمية للأب فقط، طالما أنه على قيد الحياة ولا توجد أوراق تثبت الطلاق وتؤكد أحقية الزوجة في التصرف في تعليم أبنائها، لذلك تضطر فئة من السيدات لرفع قضايا طلاق بالخلع على نحو مستعجل. وتلجأ المرأة المعلقة إلى الخلع وتخسر كل شيء، لكنها تضحّي من أجل انتزاع ولاية تعليمية تنقذ بها المستقبل التعليمي لأولادها، واستقرت محاكم الأسرة مؤخرا على أن تطليق المعلقة أو المهجورة يرفق به حصولها على الولاية التعليمية لأنها الأجدر من زوجها على رعاية أطفالها. ويصنف القضاء المصري تعليق الزوجة من جانب الرجل كعنف يستوجب معه الطلاق للضرر، ولا يحتاج إلى شهود لإثبات أذى تعرضت له المرأة، ويحق لها الحصول على حقوقها بشكل سريع كي لا تواجه مصير تربية الأبناء وتعليمهم دون عوائد مالية. وباتت كل سيدة مصرية تعاني من هجر زوجي لأكثر من سنة دون تنسيق معها أن تستفيد من القاعدة القانونية التي أقرتها محاكم الأسرة وانتصرت فيها للزوجات المعلقات، وكن يعشن مطلقات مع وقف التنفيذ ومتزوجات في الأوراق الرسمية فقط. وأعد المركز القومي للبحوث الاجتماعية بالقاهرة دراسة حول عدد الأزواج الهاربين من منازل الأسرة، وتبين أن الأمر تخطى حدود الحالات الفردية، وهناك زوجات يعشن على أمل عودة الشريك، وأخريات يرغبن في الطلاق والتفرغ للأبناء. Thumbnail وتقف العائلة في طريق الزوجة المعلقة عندما تلجأ إلى طلب الطلاق لوقوع ضرر، بذريعة أنها تقوم بهدم كيان الأسرة، في محاولة لإقناعها بأن زوجها قد يعود، والأفضل لها أن تظل متزوجة على الورق بدلا من حمل لقب مطلقة ووصمها مجتمعيا. ويرى متخصصون في العلاقات الأسرية أن إنصاف المعلقات بتطليقهن ومنحهن كامل حقوقهن يحررهن من القيود الواقعة عليهن نفسيا وأسريا ليحق لهن الزواج مرة أخرى أو التفرغ للأبناء، والأهم أن يعشن حياة طبيعية بلا وصمة أو استهداف لفظي. والعبرة في حصول المعلقة على كامل حقوقها وطلب الطلاق، أن تكون شجاعة في مواجهة ضغوط الأسرة وتحمّل نظرات المجتمع القاسية، لأن استكمال الزوجة لحياتها وهي مطلقة أفضل من أن تعيش متزوجة نظريا وتعاني من تبعات هروب شريكها. وقال محمد هاني استشاري العلاقات الأسرية في القاهرة إن أخطر ما في هروب الزوج وجود تحريض من بعض رجال الدين على أحقية تأديب الرجل لشريكته بالهجر إذا أخطأت، وهذا واقع يصعب إنكاره، لكنّ هناك دورا سلبيا لبعض الأسر في محاسبة الزوجة على هجر زوجها لها، ولو كانت بريئة، أي أن المشكلة مركبة. وأوضح لـ”العرب” أن الأزمة التي تواجه الزوجة المعلقة ترتبط باتهامها أنها السبب بحجة أنها لو كانت سوية لما تركها شريكها، مع أن الهجر قد لا يرتبط بسلبية المرأة أو إيجابيتها بقدر ما يتعلق بهروب الرجل من المسؤوليات وشعوره بأنه تورط في الزواج، لكنه يرفض الطلاق حتى لا يكون مضطرا إلى تسليم المرأة حقوقها. ولفت إلى أن تحميل المرأة مسؤولية تمرد الرجل عليها وهجره لها يعمق إنهاكها نفسيا، وقد ينعكس ذلك على أبنائها، وكان من الضروري تدخل القضاء والسماح للمعلقة بالطلاق واحتفاظها بحقوقها، والمهم أن تكون شجاعة ولديها القرار المستقل كي تقف في وجه الأسرة والمجتمع للتحرر من هذه العلاقة غير السوية. ويحمل حصول المرأة المهجورة على حقوقها الشرعية انتكاسة للعقلية الذكورية وغطرسة البعض من الرجال، حيث يتعمد هؤلاء الهروب من المنزل لفترة طويلة لتكون الزوجة مضطرة لرفع قضية خلع وتخسر بموجبها كل شيء، لأنها من طلبت الطلاق قسرا، وهو ما تصدت له محاكم الأسرة.

مشاركة :