تحليل إخباري: قمة القاهرة نجحت في توحيد مواقف دول جوار السودان تجاه الأزمة السودانية

  • 7/16/2023
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

أكد خبراء سياسيون أن قمة القاهرة التي عقدت أمس (الخميس) نجحت في توحيد مواقف دول جوار السودان تجاه الأزمة السودانية، ورأوا أن نتائج القمة تحمل عوامل نجاحها في حل الأزمة خاصة أنها اتسمت بالشمولية في تناول الوضع السوداني وأجهضت دعوات التدخل الخارجي في السودان. وعقد قادة دول مصر وإريتريا وجنوب السودان وأفريقيا الوسطى وليبيا وإثيوبيا وتشاد أمس قمة في القاهرة لبحث تسوية الأزمة السودانية بحضور رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فقيه والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط. واتفق القادة على تشكيل آلية على مستوى وزراء الخارجية لوضع حلول عملية وقابلة للتنفيذ لوقف الاقتتال في السودان والتوصل إلى حل شامل للأزمة السودانية. وسوف تعقد الآلية الوزارية اجتماعها الأول في تشاد، على أن تعرض نتائج اجتماعاتها على القمة القادمة لدول جوار السودان. وأكد القادة الاحترام الكامل لسيادة ووحدة الدولة السودانية ومنع تفككها، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية والتعامل مع النزاع باعتباره شأنا داخليا، واتفقوا على تسهيل نفاذ المساعدات الإنسانية المقدمة للسودان عبر أراضي دول الجوار بالتنسيق مع الوكالات والمنظمات الدولية المعنية. وفور انتهاء القمة، رحب مجلس السيادة السوداني في بيان بمخرجات القمة وأكد حرص حكومة السودان على العمل مع كل الأطراف الساعية لوقف الحرب. وقال السفير صلاح حليمة رئيس مكتب الجامعة العربية في السودان سابقا إن قمة دول جوار السودان عقدت في توقيت في غاية الأهمية لسببين، الأول يتعلق بتطورات الصراع المسلح في الخرطوم والذي امتد إلى ولايات مثل دارفور والنيل الأزرق على النحو الذي أصبح هناك تخوف من مزيد من التدهور في الأوضاع المختلفة السياسية والاقتصادية والإنسانية وما يحدث من تدمير لكثير من المنشآت والمرافق والبنية التحتية. وأضاف حليمة، وهو نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الأفريقية، لوكالة أنباء ((شينخوا)) أن التطورات في السودان أثارت تخوفات من حدوث أوضاع كارثية تهدد الدولة السودانية على النحو الذي يمكن أن تكون هناك محاولات للتقسيم وضياع وحدة السودان وسلامته الإقليمية، وهذا بالطبع سيؤثر على دول الجوار خاصة مصر وجنوب السودان، فضلا عن تأثيرها السلبي أيضا على منطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر الذي أصبح الأمن فيها مهددا بمخاطر جسيمة. وأردف "ثانيا: كافة المبادرات التي طرحت من قبل من أجل وقف إطلاق النار في السودان والتوجه إلى مفاوضات بين طرفي المكون العسكري (الجيش السوداني وقوات الدعم السريع) لم تحقق تقريبا أي هدف منشود، بالعكس كان لاجتماع الهيئة الحكومية للتنمية لدول شرق أفريقيا (إيجاد) جوانب سلبية سببت قلقا أكبر حيث شهدت حديثا عن احتمالات لتدخل دولي ونشر قوات في السودان، وهذا أثار مخاوف من أن الأوضاع في السودان سوف تزداد انهيارا، لذلك جاءت المبادرة المصرية بعقد قمة لدول جوار السودان". وكانت منظمة الإيجاد قد دعت خلال اجتماع الاثنين الماضي إلى عقد قمة إقليمية لبحث نشر قوات في السودان لحماية المدنيين. وفي اليوم التالي لاجتماع الإيجاد، أعلنت وزارة الخارجية السودانية رفضها نشر أي قوات أجنبية في البلاد، واعتبرت أن عدم احترام منظمة الإيجاد لآراء الدول الأعضاء سيجعل حكومة السودان تعيد النظر في جدوى عضويتها في المنظمة. وتابع حليمة، وهو مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، أن المبادرة المصرية اتسمت بقدر كبير جدا من الموضوعية والحكمة وتضمنت عدة مبادئ أساسية أكدتها القمة، وهي التأكيد على وحدة السودان وسلامة أراضيه وعدم التدخل في الشأن الداخلي للسودان وإجراء حوار سوداني سوداني. وأشار إلى أن القمة قررت تشكيل آلية على مستوى وزراء خارجية دول جوار السودان لبحث المحاور الأمنية والسياسية والإنسانية للأزمة السودانية في نفس الوقت وليس على مراحل أو توقيتات مختلفة، من أجل التوصل إلى وقف إطلاق نار شامل ومستدام وإطلاق عملية سياسية شاملة تضم كافة مكونات المجتمع المدني السوداني. ورأى الدبلوماسي المصري أن القمة نجحت بشكل جيد في توحيد مواقف دول الجوار بشأن الأزمة السودانية وبلا شك مشاركة كافة قادة دول الجوار أعطت قوة دفع قوية للمبادرة المصرية ونوع من الالتزام تجاه حل الأزمة السودانية. وأكد أن فرص حل الأزمة السودانية من قبل دول الجوار كبيرة في ظل الآلية الوزارية التي تم تشكيلها، وتوجيهات قمة القاهرة بأن يكون هناك تعاون بين تلك الآلية والآليات الأخرى بما فيها الاتحاد الافريقي والإيجاد. وأضاف أن دول جوار السودان وضعت خلال قمة القاهرة مجموعة من المبادئ مثل التأكيد على وحدة السودان وعدم التدخل الخارجي في الشأن السوداني وتولي السودانيين العملية السياسية بأنفسهم، وهذه المبادئ لم تكن واضحة بشكل كامل في المبادرات الأخرى. وأشار إلى أن القمة اتسمت بالشمولية في تناول الوضع السوداني بمساراته السياسية والإنسانية والأمنية، وهو أمر لم يكن موجودا أيضا في المبادرات الأخرى. وحول ضمانات التزام دول الجوار بالسعي لإنهاء الأزمة السودانية، قال حليمة إنه لا شك أن المخاطر التي تتعرض لها السودان وأيضا دول الجوار هي أكبر ضمان للالتزام، ودول الجوار الأكثر تأثرا بما يحدث في السودان والأكثر حرصا على حل الأزمة وتريد الاستقرار للسودان حتى لا تنتقل الفوضى إليها، خاصة أن ما يحدث في السودان له تأثير على الأمن والاستقرار في منطقة القرن الأفريقي والمنطقة العربية، وهذا أفضل ضمان. من جانبها، قالت الدكتورة أماني الطويل مديرة البرنامج الأفريقي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية إن نتائج قمة دول جوار السودان مرضية ويمكن البناء عليها وتحمل عوامل نجاحها خصوصا في ضوء حضور قادة جميع دول الجوار بلا استثناء. وأوضحت الطويل، وهي أيضا عضو المجلس المصري للشؤون الأفريقية، لـ((شينخوا)) أن الطرح الذي قاله كلا من أحمد أبو الغيط أمين عام جامعة الدول العربية وموسى فقيه رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي بشأن جهود المنظمتين الإقليميتين وأيضا الطرح الذي قدمه رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت بشأن توسع الإيجاد مؤشرات على أن هناك تحركا بشكل شامل يجمع كل الدول، وبالتالي التنافس الإقليمي ربما يكون بعيدا إلى حد ما بما يؤمن القدرة للضغط على أطراف الصراع في السودان لوقف الحرب. ورأت الخبيرة المصرية أن ما يميز مبادرة دول جوار السودان أنها تصطحب كل المبادرات والمنصات الإقليمية، ليصبح هناك جهد جماعي دون تنافس إقليمي ما سيؤدي إلى نجاح المجهودات الشاملة لكل دول الجوار السوداني. وأردفت "أعتقد أن القمة أعدت بشكل جيد ونجحت بشكل كبير في توحيد مواقف دول الجوار بشأن الأزمة السودانية وفي توحيد الأهداف، وأظن أن آلياتها مؤهلة للنجاح". وتابعت أن فرص دول جوار السودان في حل الأزمة أصبحت قوية وكبيرة خصوصا بعد قمة القاهرة لما تمتلكه هذه الدول من أوراق للضغط على طرفي الصراع لإيقاف إطلاق النار والوصول إلى حلول لعودة الهدوء في السودان. وأشارت إلى أن دول الجوار تمتلك علاقات جيدة بطرفي الصراع بما يمكنها من التأثير عليهما، ودولة مثل مصر تمتلك أوراق متنوعة ولديها قدرة على التأثير في الملف السوداني في ظل أنها تستضيف أعداداً كبيرة من اللاجئين السودانيين بجانب علاقاتها بكل أطراف الطيف السياسي السوداني كما أنها تمتلك خبرة كبيرة في التفاعلات السياسية السودانية. ويشهد السودان منذ 15 إبريل الماضي مواجهات مسلحة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في العاصمة الخرطوم ومدن أخري. وأدت الاشتباكات إلى مقتل أكثر من ثلاثة آلاف شخص وإصابة ما يزيد عن ستة آلاف آخرين، وذلك وفقا لإحصاءات وزارة الصحة السودانية. ووفقا لإحصاءات للأمم المتحدة، فان أكثر من 2.8 مليون شخص قد هربوا بسبب النزاع، منهم ما يفوق 2.2 مليون داخل البلاد ونحو 615 ألف لاجئ وطالب لجوء وعائد عبروا الحدود إلى دول الجوار، التي تشمل إفريقيا الوسطى وتشاد ومصر وإثيوبيا وجنوب السودان.

مشاركة :