تؤكد زيارة ناريندرا مودي، رئيس الوزراء الهندي، التي بدأت السبت 15 يوليو، توازن السياسة الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة، وقدرتها على إقامة الشراكات السياسية والاقتصادية مع مختلف القوى الصاعدة في العالم، على النحو الذي يحقق المصالح المشتركة، ويدعم السلام والاستقرار الإقليمي والعالمي. كما تؤكد هذه الزيارة، التي تتلوها زيارة مهمة من جانب فوميو كيشيدا، رئيس الوزراء الياباني، الأهمية التي توليها دولة الإمارات لعلاقاتها الآسيوية، وتنامي التعاون بين الدولة والدول الآسيوية في مختلف المجالات، لاسيما في الجانب الاقتصادي، على النحو الذي يظهر كذلك في شراكة دولة الإمارات المتنامية مع الصين، ومع كثير من القوى الآسيوية الصاعدة والمؤثرة في العالم. وفي هذا الإطار، تحتل الهند المرتبة الثانية على قائمة الشركاء التجاريين لدولة الإمارات، ووصل التبادل التجاري غير النفطي بين البلدين عام 2022 إلى 189 مليار درهم، بنمو تبلغ نسبته 15% مقارنة بعام 2021. وزاد التبادل التجاري بين الإمارات واليابان كذلك، إذ بلغ 44 مليار درهم خلال الربع الأول من عام 2023، مقارنة بـ 40 مليار درهم في الفترة نفسها من عام 2022، وذلك بنمو تبلغ نسبه 10%. كما يبلغ نصيب دولة الإمارات وحدها 37% من إجمالي التجارة اليابانية مع بلدان الشرق الأوسط، وذلك في الفترة نفسها. أما التجارة الثنائية بين الإمارات والصين، فقد تجاوزت 360 مليار درهم عام 2022، بزيادة تبلغ نسبتها 37.4%، عن عام 2021، الذي وصلت فيه التجارة الثنائية إلى 266 مليار درهم. وتشير مذكرات التفاهم التي وُقعت خلال زيارة رئيس الوزراء الهندي، إلى تطورات نوعية في العلاقات بين الإمارات والهند، تعزز الآثار الإيجابية التي نجمت عن توقيع «اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة» بينهما في فبراير 2022. وتتعلق أولى مذكرات التفاهم بإرساء إطار لتعزيز استخدام الروبية الهندية والدرهم الإماراتي في المعاملات العابرة للحدود، وهو الإجراء الذي وصفه البنك المركزي الهندي بأنه سوف «يعزز الاستثمارات والتحويلات المالية بين البلدين، وتحسين تكاليف المعاملات ووقت التسوية للمعاملات، بما في ذلك التحويلات من الهنود المقيمين في الإمارات». كما تتعلق المذكرة الثانية بالتعاون الثنائي في ربط أنظمة الدفع والمراسلات المالية لدى البلدين. وتحظى مذكرة التفاهم الثالثة بأهمية خاصة، وهي تنص على التخطيط لإنشاء المعهد الهندي للتكنولوجيا - دلهي في أبوظبي، ليبدأ عمله في يناير 2024، وذلك بعد عام ونصف العام تقريباً من العمل المكثف بين البلدين، عقب الاتفاق على إنشاء المعهد في فبراير من العام الماضي. وتعود هذه الأهمية إلى تكريس الاستفادة من التطور الذي تشهده الإمارات والهند في مجال التكنولوجيا، ووضع الأسس الراسخة لبناء علاقات علمية وثيقة، تترجم واقعاً عالميّاً جديداً تحتل فيه المؤسسات التعليمية الآسيوية الناهضة موقعاً مهماً إلى جانب المؤسسات التعليمية الغربية التي احتكرت هذا المجال وهيمنت عليه عقوداً طويلة، وهو ما سيمثل فاتحة لإجراءات مماثلة من جانب دول أخرى، ومقدمة لتوجُّه عالمي جديد تحتل فيه دولة الإمارات دور الريادة. *عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.
مشاركة :