مع تزايد طلبات الاستقدام يوما بعد يوم، أصبح استقدام العمالة من خارج المملكة من أنشط التعاملات التي تتم بين المواطنين سواء كانوا شركات أو مؤسسات أو أفراد، وذلك بحسب تنوع الحاجة لجلب تلك العمالة والاستفادة منها سواء كانت تلك الاستفادة تجارية أو منزلية، الأمر الذي من شأنه أن يوجد حراكاً كبيراً منذ وقت طويل ولا يزال ينمو شيئا فشيئا بين من يرغب بالاستفادة من العمالة الأجنبية، وبين الجهات التي تقوم بدور الوسيط بين طالبي تلك العمالة والدول المصدرة للعمالة الأجنبية، وهو الحراك الذي بطبيعة الحال يتنقل بين شد وجذب، مما استدعى تدخل الجهات الحكومية سواء في وزارة الداخلية أو وزارة العمل أو وزارة الخارجية لضبط كل تلك التعاملات، عن طريق حصر عمليات الوساطة على مكاتب الاستقدام المرخصة، ومنع مكاتب الخدمات والأفراد من القيام بدور الوساطة، حفاظاً على حقوق طالبي التأشيرات والراغبين في استقدام العمالة، وكذلك حفاظا على حقوق العمالة أنفسهم. الحربي: يزعمون مقدرتهم على تجاوز الأنظمة.. والضحية المواطن مصوي: يقدمون الوعود لكسب ثقة العميل.. ومن ثم يختفون بأموال الناس العريفي: نشاطاتهم مشبوهة وغير موثوقة.. ومن يتعامل معهم ستطاله العقوبة لكن ومع كل تلك التنظيمات ووسط اختلاف بعض الاتفاقيات مع بعض الدول المصدرة للعمالة، أوجد البعض سوقا لأنفسهم للقيام بدور الوسيط بدلا من المكاتب المرخصة، معتمدين على ذلك بتقديمهم بعض المميزات التي لا تقدمها تلك المكاتب مقابل زيادة تكاليف الاستقدام عن القيمة الموجودة في المكاتب، أو زعمهم باستطاعتهم على استخراج التأشيرات المرفوضة في النظام، وهو ما وجد قبولا لدى الكثيرين الذين استجابوا لتلك الإغراءات، ولجؤوا إلى هؤلاء بغية وصول العمالة التي يحتاجونها في أسرع وقت ممكن، لكن ما تلبث تلك الإغراءات والامتيازات أن تتحول إلى مطالبات وشكاوى وربما قضايا تجاه "تجار الشنطة" الذين يسهل عليهم عملية الاختفاء والتواري عن الأنظار متى ما أرادوا دون أي اعتبار أو مراعاة لحقوق الناس التي تكفلوا بالقيام بها. مكاتب الاستقدام يقول إبراهيم الحربي مستثمر في قطاع الاستقدام، إن "تجار الشنطة" في بداية الأمر تسببوا في خسائر لمكاتب الاستقدام كونهم يزعمون تقديم مميزات تتعلق بمدة وصول العمالة أو بقدرتهم على إصدار التأشيرات التي لم يقبلها النظام، وهو يعتمدون في ذلك على تعاون مكاتب الوساطة في البلدان المصدرة للعمالة معهم كونهم يدفعون لتلك المكاتب مبالغ أكبر مما ندفعها نحن في مكاتب الاستقدام المرخصة، ولكن بعد وصول العمالة إلى المملكة تجد "تجار الشنطة" أولئك يتنصلون من مسؤولياتهم أمام تلك العمالة أو المستفيدين من التأشيرات، وهذا بطبيعة الحال في حال أنهم قاموا بجلب العمالة التي وعدوا بها، إذا أن كثير من "تجار الشنطة" أولئك تجدهم يقدمون الوعود والمواثيق التي تطمئن الراغبين بالاستفادة من خدماتهم للحصول على ثقتهم، وبعد حصولهم على الأموال تجدهم يماطلون أو يختفون، ويدخل طالبوا العمالة بعد ذلك في دوامة المطالبات الأمنية لهؤلاء، وملاحقتهم لاسترجاع أمواله، والقضايا. رفع الأسعار وأشار الحربي إلى أن "تجار الشنطة" رفعوا أسعار التأشيرات والاستقدام إلى أكثر من 30% عن الأسعار التي حددتها وزارة العمل، وبالتالي تسببوا في زيادة الأعباء المالية على المواطنين بشكل عام، مطالبا وزارة العمل بالتنسيق مع الدول التي تم الاتفاق معها على إرسال العمالة المنزلية، بعدم التعامل إلا مع المكاتب المرخصة من الجهات المختصة، واعتماد آلية بين المملكة وتلك الدول للتأكد من صلاحية التراخيص وسلامتها قبل التعامل معها. ثغرات نظامية من جانبه أبان سعيد حسن مصوي مستثمر في قطاع الاستقدام أن "تجار الشنطة" استغلوا بعض الثغرات النظامية التي تمكنهم من مزاولة تلك الأعمال دون أي رقيب أو حسيب، ومنها إمكانية صدور تفويض لهم مصدق من الغرف التجارية، مما يسمح لهم بالتعامل بموجبه، مؤكدا أنه بسبب عدم مقدرة أولئك على ضمان حقوق العمالة المستقدمه أوالمستفيدين من التأشيرات تجدهم يطلبون مبالغ مالية مرتفعة لأنهم لا يهمهم أن تستمر علاقتهم بعملائهم بعد ذلك، فيكفيهم الاستفادة من كل عميل لمرة واحدة لتحقيق أرباحهم المادية الكبيرة عن طريق تقديم ضمانات وإغراءات وهمية وغير صحيحة. معاناة العملاء وسرد مصوي معاناة ثلاثة من عملائه في مكتبه الذين تعاملوا مع "تجارة الشنطة"، ودفعوا لهم مبالغ مالية، والآن بعضهم يتابع قضيته ضد ذلك التاجر في الجهات الأمنية والقضائية، فيما لا يزال أحدهم لا يستطيع الوصول إلى من أخذ ماله ووعده بجلب التأشيرات التي يحتاجها، منوها أن هذا مصير طبيعي لمن يأتيك بدون أي عنوان أو صفة رسمية تضمن لكل شخص حقه، وتكون له مرجعية يمكن اللجوء إليها في حال الاختلاف على أي أمر يحدث، مطالبا باعتماد التعامل مع التأشيرات عن طريق استحداث محافظ مالية مخصصة لمكاتب الاستقدام، تكون مرتبطة بوزارات الخارجية والعمل، وعن طريق تلك المحافظ يمكن للمكاتب من إصدار التفاويض اللازمة واستكمال الإجراءات لاستقدام العمالة، مبينا أن هذه الخطوة ستقطع الطريق بشكل كبير على تجار الشنطة الذين يستغلون حاجة الناس للعمالة المنزلية إما للتكسب السريع منهم أو للاحتيال عليهم وأخذ أموالهم. مخاطر أمنية في الجانب الأمني أوضح اللواء الدكتور متقاعد سعد بن عبدالله العريفي، أن المخاطر الأمنية للأشخاص الذين يزاولون مهنة الاستقدام بدون أي ترخيص رسمي كبيرة ومتعددة، أولها أن كثيرون منهم يأكلون أموال الناس بالباطل، ولا يقدمون الخدمات التي يوعدون بها الناس، إلى جانب أن بعضهم قد يكونوا مدفوعين من جهات معادية ومشبوهة، وبالتالي فإنهم يحصلون على مبالغ مالية من الكثير من الناس، دون أن يكون هناك معرفة وثيقة بالطرق والمجالات التي يتعاملون فيها والتي قد تكون غير مشروعة، وربما تكون لدى أولئك التجار المزعومين نشاطات إرهابية قد تغيب عن من يرغب بالاستفادة من الخدمات التي يدعون تقديمها، مما قد يوقع من يتعامل معهم في مشاكل أمنية كونهم قدموا لهم الدعم الذي يحتاجونه تحت طائلة النظام، رغم أنهم قدموها لهم بناء على معلومات خدمية يرغبون في الاستفادة منها. هروب التاجر ولفت اللواء العريفي أن "تجار الشنطة" ليس لهم عنوان أو مرجعية، وبالتالي فإنه في حال هروب ذلك التاجر بأموال الناس قد تتسبب في العديد من القضايا الأمنية، سواء المطالبات الحقوقية والتي قد يطول أمد انتظارها والفصل فيها، لأنها مرتبطة بالقبض عليه، إضافة إلى أنه في حال حدوث عملية نصب، فإن الدافع للانتقام قد يتولد لدى أحد الضحايا، وبالتالي فإننا أمام مخاطرة أمنية أخرى، إلى جانب إمكانية تزوير الأوراق لإيهام عملائهم بمصداقية تعاملاتهم، مشددا على ضرورة توخي الحذر من جميع المواطنين والمقيمين في أي تعاملات تتعلق بالأجهزة الحكومية وخاصة التي يكون فيها تعاملات مالية، سواء ما يتعلق بالاستقدام أو غيرها من الخدمات الحكومية.
مشاركة :