كتب للأحساء اليوم : محمد السويعي تَعُدْ التطبيقات المبنية على الذكاء الاصطناعي التوليدي أو اللغوي (Generative AI)، والتي تتميز بإمكانية إنتاج محتوى متعدد الأشكال كالنصوص والصور ومقاطع الفيديو من خلال البيانات التي تم التدرب عليها، من الأدوات التي تشهد تطورًا سريعًا في عدة مجالات، بما في ذلك مجال التعليم. تُقدم تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل تشات جي بي تي، وجوجل بارد، وبينق من مايكروسوفت عددًا من الحلول التي تسهل وتعزز عملية التعليم، حيث تساعد هذه التطبيقات في تحسين وتبسيط العملية التعليمية. في الوقت ذاته، تبرز اهتمامات متزايدة من قبل المؤسسات التعليمية حول التأثيرات السلبية المحتملة على الاعتماد الكلي على هذه التطبيقات من قبل الطلاب. والسبب هو الخوف من أن تقلل هذه التطبيقات من مستوى الابتكار والإبداع لدى الطلاب، وكذلك ربما يساء استخدامها في إنجاز الواجبات المدرسية والبحوث الأكاديمية. على الرغم من ذلك، تظل هناك فوائد واسعة النطاق ومتعددة الأوجه لاستخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي في التعليم على سبيل المثال لا الحصر: يمكن لهذه التطبيقات مساعدة الطلاب على تعلم المحتوى الدراسي بفعالية عالية عبر تقديم الدروس والشروحات بطريقة تفاعلية وممتعة، مما يعزز التعلم. تتيح للطلاب تطوير مهارات التفكير والابتكار والتحليل عبر طرح الأسئلة المعقدة وتقديم الإجابات المستنيرة. تتيح للطلاب التعلم في أوقاتهم الخاصة وفقًا لمدى سرعتهم في الاستيعاب. توفر للطلاب الذين يواجهون صعوبة في التعلم إمكانية المراجعة الفورية لتحصيلهم العلمي؛ مما يمكنهم من تحسين أدائهم. تدعم الكادر التعليمي في إنشاء محتوى تعليمي مخصص لكل طالب بناءً على احتياجاته واهتماماته ومستوى فهمه؛ مما يعزز الفعالية والكفاءة في التعلم. توفر للكادر التعليمي أدوات لتقييم التحصيل العلمي للطلاب بدقة أكبر، وتحديد نقاط القوة والضعف بشكل أفضل. وبذلك يتسنى للمعلم تقديم الدعم اللازم للطلاب الذين يقلون عن أقرانهم في التحصيل العلمي. تدعم الكادر التعليمي في إنشاء وتوزيع المواد التعليمية عبر الإنترنت؛ مما يجعل التعليم متاحًا للطلاب الذين لا يمكنهم الوصول إلى التعليم التقليدي بسبب ظروفهم الخاصة. مع ذلك، ربما تكون وجهة نظر المؤسسات التعلمية منطقية، إذ هناك تحديات مرتبطة بالاعتماد الكلي على تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي في التعليم ومنها: الاعتماد الكلي على هذه التطبيقات قد يقلل من الابتكار والإبداع لدى الطلاب ويؤدي إلى انخفاض المهارات والقدرات المعرفية. استخدام هذه التطبيقات في إنجاز الواجبات وكتابة الأبحاث العلمية قد يؤدي إلى تقديم إجابات جاهزة؛ مما يقلل من الحاجة للتفكير. الاعتماد الكلي على هذه التطبيقات قد يقلل من التفاعل بين الطلاب والكادر التعليمي؛ مما يمكن أن يؤثر سلبًا على جودة التعليم. هذه التطبيقات قد تقدم مخرجات تفتقد إلى الدقة والموثوقية في المعلومة. من أجل تجنب هذه التحديات، يجب على المؤسسات التعلمية اتخاذ الخطوات التالية: توفير التدريب اللازم للكادر التعليمي حول كيفية استخدام هذه التطبيقات بفعالية وتقديم الدعم اللازم لهم في تطوير المحتوى التعليمي وتوصيل المعلومات للطلاب بطرق مبتكرة وفعالة. تثقيف الطلاب حول استخدام هذه التطبيقات بشكل مناسب وفعال، وتشجيعهم على استخدامها كأدوات مساعدة في التعلم، وليس بديلاً عن العمل الذهني والإبداع. سن اللوائح والأنظمة والسياسات التي تنظم استخدام هذه التطبيقات في التعليم؛ لضمان استخدامها كأدوات مساعدة وليس بديلاً عن الابتكار والإبداع. يجب على المدارس والمعاهد التعليمية مراقبة الأداء التحصيلي للطلاب بعناية؛ لضمان عدم الاعتماد الكلي على هذه التطبيقات في أداء الواجبات وكتابة الأبحاث العلمية.إذن نستطيع القول بأن تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي لديها القدرة على إحداث ثورة في العملية التعليمية بشكل إيجابي إذا استغلت بشكل إيجابي وإذا استطاعت المؤسسات التعليمية التغلب على التحديات الرئيسية التي تواجهها في التطبيق العملي لهذه التقنية وتم فهم كيفية تكامل هذه التطبيقات في تحقيق التحسن الجوهري للعملية التعليمية، وتثقيف الطلاب حول كيفية استخدامها بشكل أخلاقي ومناسب. وفي نهاية المطاف، يجب أن تكون هذه التطبيقات مكملة للمحتوى التعليمي، وليست بديلاً عنه. محمد السويعي مختص في إدارة تقنية المعلومات والأمن السيبراني ومهتم في أبحاث أنظمة الذكاء الاصطناعي
مشاركة :