صيف 2003، مونت كارلو، موناكو.. كانت هناك موجة من الحر تضرب نصف أوروبا وأفضل شيء يمكن القيام به هو البقاء في المنزل وهذا هو ما كان يفعله رافا ماركيز عقب التتويج بكأس فرنسا مع موناكو ولكن فجأة دق جرس الباب ليجد جورجى مينديش، مسرعا دائما كعادته. -- - رافا؟ هل لديك كل أشيائك في المنزل؟ احزم كل ما تقدر عليه. - لماذا؟ - لأننا سنذهب لبرشلونة. -- أصل الحكاية لا يمكن معرفة تفاصيل قصة مينديش ورئيس برشلونة السابق خوان لابورتا دون تناول هذه الحكاية والأفضل العودة لبدايتها، وذلك حينما فاز الأخير برئاسة النادي الكتالوني وتسلمه في وضع صعب اقتصاديا. كانت خزائن برشلونة شبه خاوية ولكنه في الوقت نفسه يجب عليه إبرام صفقات. كانت الأولوية بالنسبة للابورتا وتشيكي بيجرستاين ذراعه اليمنى تتمثل في التعاقد مع قلب دفاع. كل الأنظار اتجهت لآيالا لاعب فالنسيا، الذي انتخبته تقارير الإدارة الفنية لبرشلونة. لكن المشكلة أن الخفافيش كانوا لا يرغبون في التنازل عنه بأقل من 12 مليون يورو. في تلك اللحظة يبدأ مينديش اتصالاته مع برشلونة ويقابل لابورتا ليتعرف عليه ويعرض عليه مجموعة من اللاعبين الذين رأى أنهم قد يثيروا اهتمامه؟ يقول جورجى: أتممت الصفقات دون أن أكون ساعيا خلفها من الأساس، ولكن لا يمكن فعل كل شيء في يوم واحد. بل في كل يوم يمكنك أن تفعل كل شيء. شكل ذلك اللقاء فرصة للتعارف وجس النبض ثم عاد مينديش بعدها بأيام للقاء لابورتا مجددا وفي ذهنه اسم لاعب واحد هو رافائيل ماركيز، على الرغم من أن آيالا كان خيار النادي الكتالوني، فجورجى يؤمن بأنه حتى لو بدا مستحيلا، لا يوجد مستحيل في هذه الحياة. رافا ماركيز كان مسؤولو موناكو أخبروا مينديش بأن السعر الذي سيقبلونه لترك ماركيز يرحل هو 13 مليون يورو. كان مينديش يعلم هذا ويعلم أن ذلك المبلغ لا يتماشى مع احتياجات برسا ولكنه تعامل مع الأمر كما لو كان لا يعلم شيئا. التقى بلابورتا مجددا وسأله كم ستدفع مقابل ماركيز؟. يقول لابورتا: كنت أظن أنه سيقول سعرا ما. 13 مليون يورو مثلا لأنه كان لاعبا من موناكو، وليس أن يسألني كم ستدفع مقابل الحصول عليه؟ قلت له سأدفع خمسة ملايين، فسألني (أتمنحني كلمة شرف؟)، فأجبته (بكل تأكيد). لم يكن مينديش يحتاج لأكثر من هذا: تلك الكلمة، تلك القناة التي ساعدته لاحقا في تسيير الأمور. كان جورجى يعلم شيئا لا يدركه الكثيرون: جان لويس كامبورا كان سيترك رئاسة موناكو، أي أنه وبمعنى آخر فإن القرار بخصوص مستقبل ماركيز لم يكن بين يديه، فيما أن البرتغالي كان الوحيد الذي يعرف حينها أن بيير سفارفا سيصبح الرئيس الجديد. عقد البرتغالي اجتماعا مدته ست ساعات مع سفارفا وحصل منه في النهاية على وثيقة يتعهد فيها النادي ببيع ماركيز مقابل خمسة ملايين يورو. يقول مينديش حول الأمر: هل تظن أنني بعدها اتصلت ببرشلونة وأبلغتهم؟ بالطبع لا! مررت على رافا وطلبت منه تجهيز أمتعته للسفر هناك. الحقيقة أن لابورتا كان لا يصدق إمكانية جلب رافا ماركيز بخمسة ملايين يورو. كان هذا واضحا ويعلمه مينديش الذي فضل أن يضعه أمام الأمر الواقع بجلب اللاعب أمامه دون أي اتصالات هاتفية حتى لا يحدث أي منعطف، يدفع رئيس النادي الكتالوني للإخلال بكلمته. نحن هنا انطلق مينديش ورافا ووكيل اللاعب في المكسيك، إنريكي نييتو من مونت كارلو نحو برشلونة داخل شاحنة متهالكة بعض الشيء ولكنهم وصلوا وحينما كانوا أمام مكاتب النادي اتصل البرتغالي بلابورتا. -- جورجي مينديش: أنا أمام النادي ومعي رافا؟ لابورتا: رافا.. من؟ جورجي مينديش: المكسيكي الذي سألتك إذا ما كنت ستدفع خمسة ملايين يورو لضمه ووعدتني بهذا. -- كان الأمر أشبه بثورة داخل مكاتب النادي وفوضى وصراعات بين مؤيد ومعارض ولكن في النهاية وقع ماركيز. يقول لابورتا/ تخيل؟ وجدته يقف أمام النادي بماركيز. جورجى قادر على حل أي شيء. كنت أبرمت معه اتفاقا ولا يجب كسره. لم نكن نعرف بعض كثيرا حينها. هذه كانت البداية. رونالدينيو وكريستيانو كانت أهم صفقتين للابورتا ذلك العام هما ماركيز ورونالدينيو ولولا استبعاد ضم آيالا والنجاح في ضم المكسيكي، لما كان الساحر البرازيلي لعب في صفوف برسا بسبب الماديات. يقول رئيس برشلونة: كلفنا رونالدينيو 27.5 مليون يورو تم سدادهم على أربع سنوات. نجحنا في شراء رونالدينيو وماركيز لأننا دفعنا في ذلك العام سبعة في صفقة البرازيلي وخمسة في المكسيكي. بهذه الطريقة أصبح ماركيز أول صفقة لمينديش مع نادي برشلونة ولكن في ذلك الموسم كان هناك محادثات بخصوص عدد أخر من اللاعبين كما يقص لابورتا بنفسه حيث يضيف كان مينديش يتحدث معنا بخصوص عدد آخر من اللاعبين ولكن قلنا له إن بعد رونالدينيو لا يمكننا التعاقد مع أحد آخر. في الحقيقة لم يكن هناك نقود. كان النادي في حاجة لخطة استراتيجية لإدارة الوضع الاقتصادي جيدا على أن يتم إبرام صفقات أكثر في الموسم التالي، خاصة أن هذه كانت رغبة الإدارة الفنية. يكمل لابورتا كلام مينديش مثل العسل بين شفتيك، على سبيل المثال في مسألة كريستيانو رونالدو، كان يرغب في تسهيل الصفقة لنا، ولكننا قلنا له الحقيقة، أنه لا يمكننا إبرام المزيد من الصفقات. هل يمكن تخيل أن برشلونة اليوم كان يمكن ضم كريستيانو وميسي وأن السبب وراء عدم حدوث هذا الأمر كان اقتصاديا؟. ثقة متبادلة يتابع لابورتا حدثنا كثيرا عن ديكو وفي النهاية تعاقدنا معه حينما استطعنا. الحقيقة أنه حينما أصبح لدى مينديش أكثر من لاعب في برشلونة وكثرت المعاملات أصبحت الثقة بينه ولابورتا كاملة وتطورت علاقتهما كثيرا. يقول رئيس برشلونة كنا سعداء. كان يعرف كيف نعمل على الرغم من اختلاف طريقتنا عن باقي الأندية. كنا ندفع للوكلاء كل عام بصورة دورية لكي يظلوا نشطين معنا. كانت هذه الثقة سببا رئيسيا في الاتصالات التي جرت مع جوزيه مورينيو لخلافة ريكارد داخل النادي، فيما كان الخيار الآخر المطروح على الطاولة أمام رئيس برسا هو بيب جوارديولا. يقول لابورتا: من كانوا يريدون مورينيو اتصلوا بجورجى وأعطوه أملا، ولكن في النهاية وقع الاختيار على جوارديولا، بل أنني أخبرت مينديش قبلها بأن جلب مورينيو سيكون صعبا بسبب المعارضة الموجودة له داخل النادي. تلك الأيام التي كان فيها مينديش ضيفا دائما عند قيادات برسا أصبحت من الماضي، ولكن كرة القدم دائمة التغيير وربما تعود من جديد حيث يقول لابورتا: سيكون جورجى دائما مرحبا به في النادي، على الأقل من جانبي، لأنه ساهم في صناعة أفضل فريق برشلونة على مر التاريخ.
مشاركة :