وصفت السفيرة التركية لدى البلاد، طوبي نور سونمز، العلاقات بين بلادها والكويت بـ«المتميزة والنموذجية والتي تزداد قوة لاستنادها على أسس متينة»، لافتة إلى أن «القيادة والحكومة الكويتية قريبتان جداً منا، وتساعداننا كلما احتجنا»، مشيرة إلى أن «الشعب التركي يعتبر الكويتيين إخوانه وأخواته، والعكس صحيح». وفي حوار خصّت به «الجريدة»، قالت سونمز إن «الصداقة بين قادتنا كان لها تأثير كبير على علاقاتنا الثنائية، ما مهد الطريق لتعزيز تعاوننا بكل المجالات»، لافتة إلى أن «تركيا والكويت تدعمان أي جهود تعزز السلام والاستقرار الإقليميين». وإذ أكدت «الاستعداد لترتيب زيارات رفيعة المستوى قريباً بين الجانبين، إضافة لبعض الآليات الراسخة لتعزيز التعاون الاستراتيجي بين بلدينا»، أوضحت سونمز أن «تعاوننا مع الكويت بمجال صناعة الدفاع ينمو بسرعة، ونتطلع للمساهمة في الدفاع والأمن في دولة شقيقة مثل الكويت». وبينما وصفت الزلزال الذي ضرب بلادها في فبراير الماضي بأنه «الكارثة الطبيعية الأكثر تدميراً بتاريخنا الحديث»، اعتبرت أن «الكويت مدّت يدها الكريمة في وقت لم يكن له مثيل بالنسبة لنا، وفي نفس يوم الكارثة، وبناء على أمر مباشر من أمير الكويت سمو الشيخ نواف الأحمد تم إنشاء جسر أخوي»، مشدّدة على أن «الشعب التركي سيتذكر دائماً كرم الكويتيين»... وفيما يلي نصّ اللقاء: • تعود جذور العلاقة بين البلدين إلى عام 1969 أي أكثر من نصف قرن... كيف ترون مستقبل هذه العلاقة بين البلدين؟ - ستصل العلاقات الدبلوماسية بين تركيا والكويت إلى الذكرى الستين لتأسيسها في 2024، لذلك سنحتفل في العام المقبل بمرور 60 عاما من الصداقة مع فعاليات سعيدة. - إننا نفخر بوصف مستوى علاقاتنا مع الكويت بأنه «متميز»، لأن علاقاتنا الثنائية تستند على أسس متينة في كل جانب. الأساس الأول هو روابط الصداقة القوية بين بلدينا التي تتميز بالثقة المتبادلة والتعاطف والتشابه الثقافي، ويظل التفاعل بين الناس في صميم علاقاتنا مع الكويت، ويعتبر الشعب التركي الكويتيين إخوانهم وأخواتهم، والعكس صحيح، ولدى بلدينا تقليد من التفاهم والعاطفة المتبادلين. - بتوجيه من الرئيس رجب طيب اردوغان، وسمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد، وصلت علاقاتنا إلى مستوى «نموذجي» وتزداد قوة، وكان للصداقة بين قادتنا تأثير كبير على علاقاتنا الثنائية، ما مهد الطريق لتعزيز تعاوننا في مختلف المجالات. - عندما يتعلق الأمر بالقضايا الإقليمية، فإن تركيا والكويت تشتركان في رؤى متشابهة، إذ يدعم كلا البلدين أي جهود تهدف إلى تعزيز السلام والاستقرار الإقليميين، لذلك فإننا نولي أهمية للتشاور والحوار الوثيق والتعاون مع الكويت في القضايا الإقليمية والدولية أيضاً. وبصرف النظر عن ذلك، فإننا نتشارك علاقات تجارية واستثمارية عميقة وطويلة الأمد، كما أن التفاعل في مجالات السياحة والتعليم والصحة يعزز الصداقة بين بلدينا. ومع مثل هذه الأُسس القوية، نتطلع إلى المستقبل بطريقة متفائلة مع التركيز على تعاون أوثق، وعلاقات تجارية أعمق، والمزيد من الشراكة في كل مجال ممكن. تطوير العلاقات • كيف يمكنك من منصبك كسفيرة المساهمة في تطوير العلاقات التركية - الكويتية؟ - يشرفني أن أخدم بلدي كسفيرة في الكويت، البلد الودود والمضياف والشقيق، ولطالما كانت القيادة والحكومة الكويتية قريبة جداً منا، وعلى استعداد للمساعدة كلما احتجنا. وكما ذكرت سابقاً، فنحن نتمتع بعلاقات ممتازة، ومع ذلك، هناك بعض المجالات التي أسعى إلى تعميق التعاون فيها، مثل الصحة، والصناعة الدفاعية، والتعليم العالي، وغيرها. زيارات متبادلة • هل هناك أي خطط لعقد اجتماعات تعاون إستراتيجي أو زيارات متبادلة رفيعة المستوى بين البلدين؟ - هناك تصميم واستعداد لدى الجانبين لترتيب زيارات رفيعة المستوى في المستقبل القريب، والتي ستنتج زخماً كبيراً في المجالات ذات الاهتمام المشترك. إضافة إلى ذلك، لدينا بعض الآليات الراسخة لتعزيز التعاون الاستراتيجي بين بلدينا. وعلى سبيل المثال، لدينا إطار عمل اللجنة المشتركة للتعاون، حيث تم تبني قرارات وخطط مهمة تتعلق بالتعاون الثنائي في مختلف المجالات، وعقدت آخر لجنة مشتركة للتعاون في أنقرة عام 2021. لدينا أيضًا آلية «اللجنة التركية الكويتية المشتركة للتعاون» (JEC)، التي تركز على تحسين العلاقات التجارية والاستثمارية. ونحب أن نستضيف إخواننا الكويتيين في اجتماع اللجنة القادم في أنقرة عام 2024. الصناعات الدفاعية • ماذا عن اتفاقيات التعاون في مجال الصناعات الدفاعية بين تركيا والكويت؟ - الدفاع هو مجال تألق فيه الأتراك في السنوات الأخيرة بتقنيات متطورة ومثبتة في القتال وبأسعار معقولة. إن تعاوننا مع الكويت في مجال صناعة الدفاع ينمو بسرعة. واشترت الكويت أخيراً طائرات تركية من طراز «تي بي 2 بيرقدار» في صفقة موقعة مباشرة مع الحكومة التركية، وعندما يتعلق الأمر بالتقنيات الدفاعية، فنحن شريك موثوق، ونتطلع إلى المساهمة في الدفاع والأمن في دولة شقيقة مثل الكويت. حجم الاستثمارات • كيف تقيّمين حجم الاستثمارات بين البلدين؟ - بلغت استثمارات الكويت في تركيا 2 مليار دولار، وهناك 427 شركة في تركيا تمتلك أيضاً استثمارات كويتية بقيمة ملياري دولار. ويستثمر الكويتيون بشكل رئيسي في التمويل والتأمين والتطوير العقاري والأغذية والمشروبات وقطاع التجزئة. وإضافة إلى ذلك، تستثمر بعض الصناديق الكويتية وشركات الملكية الخاصة في الشركات التركية كمستثمرين ماليين. وعلى أساس فردي، يستثمر الكويتيون بشكل أساسي في القطاعات العقارية والزراعية، ويفضلون بشكل أساسي، اسطنبول وبورصة، ويالوفا، وكوساداسي. نلاحظ أن الاستثمارات الكويتية ناجحة، وأصبحت لاعبًا رئيسيًا في بعض القطاعات. في المقابل، هناك نحو 50 شركة تركية في الكويت تعمل بشكل رئيسي في قطاعات البناء والمنسوجات المنزلية والملابس والعطور والمجوهرات والخدمات. الشركات التركية على استعداد للدخول في شراكة مع الشركات الكويتية في مشاريع البناء القادمة. وكما هو معروف، فلدى الشركات التركية سجل رائع من العمل الجاد لتسليم المشاريع في الوقت المحدد بأكثر الطرق كفاءة وبجودة عالية ومطابقة للمواصفات المطلوبة، كما ان شركاتنا على استعداد للقيام بمشاريع جديدة والتعاون مع الحكومة الكويتية في أي مشروع. إضافة إلى ذلك، نواصل العمل الجاد لتحسين وتنويع علاقاتنا التجارية لتشمل قطاعات ذات قيمة مضافة عالية. الكويت لديها رؤية طموحة (رؤية 2035) لتنويع اقتصادها والتحوّل إلى مركز مالي وتجاري إقليميًا ودوليًا، وبالتالي تصبح أكثر جاذبية للمستثمرين. ونعتقد أن الكويت، بقيادتها الحكيمة وقدرتها المالية ورأس المال البشري، لديها ما يكفي لتحقيق هذه الأهداف. وتركيا كدولة صناعية صديقة، ولديها عقود من الخبرة في تنفيذ مشاريع تنموية ضخمة، يمكنها الشراكة مع الكويت في هذه العملية. إصلاح القوى العاملة • الكويتيون حريصون على الاستثمار في تركيا... ما الإطار القانوني الذي يحمي استثماراتهم هناك؟ - كثيرا ما أعطت الحكومة التركية الأولوية لإصلاح القوى العاملة المؤهلة والإنتاج المبتكر والنمو المستدام والبيئة المستدامة والتعاون الدولي من أجل التنمية، وبدأت عملية إصلاح شاملة في أوائل العقد الأول من القرن الحالي وتستمر حتى اليوم، بهدف ضمان مناخ استثماري آمن وسليم، ونتيجة للتحسينات الأخيرة في لوائح الأعمال، حققت تركيا زيادة ملحوظة في تصنيفات البنك الدولي لسهولة ممارسة الأعمال، حيث قفزت إلى المرتبة 33 من بين 190 دولة تم قياسها. وبصرف النظر عن ذلك، فإن تشريعات الاستثمار التركية بسيطة وتتوافق مع المعايير الدولية مع تقديم معاملة متساوية لجميع المستثمرين، وتشمل الأجزاء الأساسية لتشريع الاستثمار العام قانون تشجيع الاستثمار والعمالة رقم 5084، وقانون الاستثمار الأجنبي المباشر رقم 4875، ولائحة تنفيذ قانون الاستثمار الأجنبي المباشر، ومعاهدات الاستثمار الثنائية والمتعددة الطرف، وقوانين مختلفة واللوائح الفرعية ذات الصلة بشأن تشجيع الاستثمارات القطاعية. تضامن كويتي • كيف قرأت رد الفعل الكويتي الشعبي والحكومي في الأيام الأولى للزلازل التي ضربت بعض مناطق تركيا في فبراير؟ - أعرب عن امتناني للقيادة الكويتية والمواطنين والمقيمين على التضامن الذي أبدوه في أعقاب كارثة 6 فبراير، والتي تعتبر الكارثة الطبيعية الأكثر تدميراً في تاريخنا الحديث. لقد فقدنا أكثر من 50 ألف مواطن، وأصيب عدد أكبر بكثير، وتضرر ما يصل إلى 230 ألف مبنى. لقد حزنا على خسائرنا مع إخواننا وأخواتنا الكويتيين، لكن الكويت مدّت يدها الكريمة في وقت لم يكن له مثيل بالنسبة لنا. وابتداءً من صباح 6 فبراير، لم تهدر الكويت أي وقت، وأصبحت واحدة من أولى الدول التي تتفاعل مع هذه الكارثة، وأعطت القيادة الكويتية تعليمات للجهات الحكومية بعدم ادخار أي جهد في إرسال المساعدات ومتابعة الحملة الإغاثية. وفي نفس يوم الكارثة، وبناء على أمر مباشر من أمير الكويت سمو الشيخ نواف الأحمد، تم إنشاء «جسر جوي» إنساني أو «جسر إخواني» كما أسميناه، بين الكويت وتركيا، لتسهيل نقل المساعدات العاجلة وفرق الاستجابة الطبية إلى المناطق المتضررة. وفي اليوم التالي، كان فريق البحث والإنقاذ وفريق الطوارئ الطبي الذي نسميه «الأبطال» في الطريق. وعبر «الجسر الجوي»، أقلعت عشرات طائرات الشحن محمّلة بمئات الأطنان من المواد الضرورية. وفي 9 فبراير، تعهد مجلس الوزراء الكويتي بتقديم 15 مليون دولار لمساعدة المتضررين، إضافة إلى ذلك، وفي حملة لجمع التبرعات مباشرة بعنوان «الكويت بجانبك»، تبرّع المواطنون والشركات والمقيمون في الكويت بنحو 70 مليون دولار لتركيا وسورية. وكان ولي العهد سمو الشيخ مشعل الأحمد من أوائل القادة الذين اتصلوا بالرئيس رجب طيب اردوغان. كما أن وزير الخارجية الشيخ سالم العبدالله، ووزيرة الشؤون الاجتماعية السابقة مي البغلي، كانا على اتصال مباشر معي منذ اليوم الأول، حيث قدما دعمهما ونسقوا المساعدة. وكانت الجمعيات الخيرية الكويتية في طليعة الاستجابة لما بعد الكارثة، بالتعاون مع المنظمات غير الحكومية التركية. وسيتذكر الشعب التركي دائمًا كرم إخوانه وأخواته الكويتيين وإيثارهم، لأننا خلال هذه الأزمة شعرنا فعلاً أن الكويت «إلى جانبنا». أبطال «الانقاذ الكويتي» • وصفت فريق البحث والإنقاذ الكويتي الذي شارك في أعمال البحث بـ «الأبطال» واستقبلتيهم شخصيًا بعد عودتهم من تركيا... لماذا؟ - كانوا من أوائل فرق الإنقاذ الأجنبية التي وصلت إلى منطقة الزلزال. لقد عملوا من دون عناء ليلاً ونهارًا في ظل ظروف صعبة لمدة 10 أيام، أولاً في غازي عنتاب ثم في كهرمان مرعش، ما ساهم بشكل كبير في أعمال الإنقاذ. وأتيحت لي الفرصة للتحدث مع أعضاء فريق الإنقاذ الكويتي عند عودتهم، حيث استقبلناهم مع النائب الأول لرئيس الوزراء وزير الداخلية الشيخ طلال الخالد، وبدوا فخورين وصامدين، وقالوا إنهم مستعدون كلما دعت الحاجة. إن الميداليات التي قدمها رئيسنا اردوغان إلى الفريق في 25 أبريل، اعتراف رفيع المستوى بتضحياتهم وتعبيراً عن امتناننا. من جانبنا، أتيحت لنا أيضا فرصة شكر أبطالنا خلال غبقة رمضانية أقمناها على شرفهم في السفارة في 8 أبريل. وكان قائد فريق البحث والإنقاذ الكويتي العقيد أيمن المفرح ضيفنا المميز، وقدمت له درعًا تقديرية لمساعدة فريقه بعد الزلزال مباشرة. لن ننسى أبدا تضحيات أبطال الكويت خلال هذه الأزمة. تأثير دبلوماسي للمرأة في الكويت والمنطقة قالت السفيرة التركية: «عندما وصلت إلى الكويت للمرة الأولى في شهر يونيو، تأثرت حقًا بمدى نشاط المرأة الكويتية في هذا البلد الصديق». وأضافت: «شهدت هنا مجتمعاً نسائياً مرحباً وملهماً، سواء في الدوائر المحلية أو الدبلوماسية ، سواء كسفيرات أو زوجات سفراء، ممن يتوقون إلى تعزيز بصمة المرأة في المجال الدبلوماسي». وتابعت: «لطالما تم استبعاد النساء من عالم الدبلوماسية، لكنّ هناك تغييرا ملحوظا في الطريق، وأجد الكويت مشجعة في هذا الصدد، ويسعدني أن ألاحظ أن عددنا لا يتزايد فحسب، بل إن تأثيرنا يتزايد أيضا في كل من الكويت والمنطقة على حد سواء». وأعربت سونمز عن امتنانها للقيادة الكويتية، وعلى رأسها صاحبا السمو الأمير وولي العهد، «على إسهامهما في تحسين وتعزيز مكانة المرأة في كل مجالات المجتمع الكويتي».
مشاركة :