إعداد: شوق الحربي عرفت المجتمعات والحضارات البشرية الألعاب منذ الأزل، واستخدمتها كوسيلة للترفيه والتعليم، وتطورت هذه الألعاب بتطور المجتمعات لتتحوّل من ألعابٍ بدائية على الألواح والأوراق، إلى ثورةٍ تكنلوجية متقدمة، تنوّعت معها هذه الألعاب وتعددت وسائل استخدامها وباتت واحدةً من أبرز وأهم الصناعات في عصرنا الحالي. وتعود بداية تاريخ الألعاب الإلكترونية إلى عام 1958، عندما قام العالم الأمريكي ويليام هيغينبوثام بتطوير لعبة "تيك تاك تو" الشهيرة، ومنذ ذلك الحين، شهدت صناعة الألعاب الإلكترونية تطوراً كبيراً. وكانت لعبة "سبيس وار" التي أطلقتها "أنالوج كومبيوترز" في عام 1962 م هي البداية الحقيقية لصعود عالم الألعاب، حيث ولّدت هذه اللعبة البسيطة، المرتكزة في فكرتها وجولاتها التنافسية على بيئة تخيلية لعالم الفضاء، فكانت إشارة البدء لانطلاق صناعة أكبر للألعاب الإلكترونية وتحديداً في عام 1977 م ، بإنتاج جهاز " الأتاري" الذي حقق انتشاراً واسعاً على المستوى الدولي. وواصلت الألعاب الإلكترونية تقدمها ببطء خلال السبعينيات ثم الثمانينيات، فظهرت ألعاب أخرى أكثر تطوراً، منها "سوبر ماريو" و "دونكي كونغ" و "سونيك" و "بونج" و "ليجسي أوف كاين" و "اليكس كيد" و "ستريت فايتر" و "درايفر" و "فاينل فانتاسي" و "كول أوف ديوتي" وغيرها الكثير. وعبر متحف تاريخ ألعاب الفيديو، استعادت منطقة مطوري الألعاب أجواء الماضي الجميل، وأعادت زوارها في موسم الجيمرز لهذا العام، في رحلة مشوقة وممتعة عبر الزمن، إذ سُلطت أضواؤها على التطور الهائل الذي مرَّت به الألعاب خلال الخمسين عاماً الماضية، مُنذ بدايتها إلى التقدم الهائل التي تشهدها اليوم، حيث بدأت في السبعينيات بأجهزة مثل "أتاري" و"كومودور 64" مع الرسومات والقصص البسيطة، وتطورت بعد ذلك لتصبح ألعاباً احترافية بصناعة ضخمة في التسعينيات والألفية الجديدة. واحتوى المتحف على أهم أجهزة الألعاب الإلكترونية في التاريخ، بدءًا من الجيل الأول وحتى أحدث أجهزة الجيل الثامن، ويتيح المتحف للجميع تجربة العديد من الألعاب الكلاسيكية على أجهزتها الأصلية، ما يعيد الكثير من الذكريات والانطباعات التي رافقت تجربة اللعب على تلك الأجهزة للجيل الذي عاصرها، فضلاً عن تمكّين الجيل الحالي من العودة إلى حقبٍ زمنية قريبة وبعيدة المدى، في تجربة تفاعلية تثقيفية وترفيهية؛ ليكتشفوا عبرها تطور الرسومات والصوت وخيارات التحكم من الأزرار البسيطة إلى الأجهزة الحديثة التي تعتمد على الحركة واللمس. ويتيح المتحف كذلك تجربة العديد من الألعاب التي عُرفت في كل مرحلة، بدءًا من الألعاب الكلاسيكية مثل "سبيس إنفيدرز" و "آسترويدز" اللتين صدرتا مع أجهزة الجيل الأول، إلى ألعاب أكثر حداثة. وعبر عرض متسلسل في سياقه الزمني يطلع الزائر على مجموعة من أجهزة الألعاب منها جهاز "ماجنافوكس أوديسي" الذي أطلق عام 1972 م، ويحتوى على 12 لعبة فقط، وأيضًا جهاز الجيل الثاني " شانيل إف " المنتج عام 1976 م الذي يعد العلامة الفارقة في صناعة الألعاب كونه أول جهاز مركزي استعمل شريط كاتردج بدلاً من التخزين. وتضّمن المتحف العديد من الأجهزة الأخرى، مثل "نينتندو – كمبيوتر العائلة" التي يعود تاريخ بدايتها عام 1983 م ، و" كمبيوتر صخر - إم إس إكس" ، و " سيجا جينيسيس" المنتجة سنة 1985 م ، مروراً بجهاز "نيو-قيو"، الذي تداول عام 1990 م وعُرف بمواصفاته العالية من حيث خوض تجربة "آركيد" حقيقية لا سيما وأنه من أوائل الأجهزة التي قدمت رسوماً ثلاثية الأبعاد. وفي رحلة شيقة يصل الزائر إلى مخرجات الجيل السادس في 1998 م من خلال جهاز "دريم كاست " كأول جهاز منزلي يقدم اللعب الجماعي عبر الشبكة. ومع بداية الألفية الثانية، شهدت الألعاب الإلكترونية تطورًا كبيرًا حيث انتقلت إلى استخدام رسومات ثلاثية الأبعاد وبرمجيات متقدمة وتعدد في نوعية الألعاب تصدرتها أجهزة "بلاي ستيشن" و"إكس بوكس"، و "ويل" ، و" سويتش"، وواكبت في أجيالها المتلاحقة عمليات تحسين للمعالجات والرسوميات بشكل كبير، وصولاً إلى حقبة نعيشها تعتمد على ثورة تقنية هائلة تتجه معها صناعة الألعاب إلى الواقع الافتراضي والمعزز. ويتزامن موسم الجيمرز هذا العام مع إطلاق الأجهزة الجديدة من شركتي "سوني" و "مايكروسوفت"، وبهذه الطريقة، يجسد متحف تاريخ الألعاب الإلكترونية بطريقة عملية كيف تطورت الألعاب على مر السنين، وكيف أصبحت أكثر قدرة على توفير تجربة واقعية ومميزة للجيمرز. ويستمر موسم الجيمرز: أرض الأبطال، حتى نهاية شهر أغسطس، ما يتيح الفرصة أمام آلاف الزوار للاستمتاع بتجربة فريدة ومعلومات قيمة عبر تاريخ الألعاب الإلكترونية، إذ تهدف منطقة مطوري الألعاب لنقل المعرفة ونمو قطاع الرياضات والألعاب الإلكترونية؛ وذلك عن طريق التعمق في عالم تطوير الألعاب عن طريق التجارب المختلفة.
مشاركة :