واصلت قوات النظام السوري، أمس، خطة تصعيدها العسكري في مناطق واسعة في سوريا، رغم دخول اتفاق وقف الأعمال العدائية يومه الخامس، حيث شنت هجوما مفاجئا على ريف اللاذقية الشمالي، في محاولة للسيطرة على أكبر البلدات التي لا تزال خاضعة لسيطرة قوات المعارضة السورية، مما يتيح لها الإطلالة على مدينة جسر الشغور الاستراتيجية في ريف إدلب. ولم تمنع الهدنة قوات النظام من تحقيق تقدم عسكري في عدة مناطق في سوريا، لعل أبرزها ريف اللاذقية حيث يقول معارضون إن الهجمات في هذه المنطقة «تمثل خرقا واضحا لاتفاق وقف الأعمال العدائية، بالنظر إلى أن جميع الفصائل المقاتلة هي معتدلة». كما استغلت قوات النظام الهدنة لتحقيق تقدم آخر في الغوطة الشرقية لدمشق على جبهة المرج، وهي منطقة ملتبسة لجهة تداخل مواقع السيطرة فيها بين قوات «جبهة النصرة» المستثناة من اتفاق الهدنة، و«جيش الإسلام» الذي يلتزم بالهدنة، بحسب ما يقول مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط». ويؤكد عبد الرحمن أن مناطق التقدم الأخرى في ريف حلب الشرقي وريف حلب الجنوبي الشرقي على جبهة خناصر «يسيطر عليها تنظيم داعش». لكن معارك ريف اللاذقية تبدو خرقا واضحا للهدنة، وهي تمهيد لشن هجمات على جسر الشغور والتقدم نحو البلدة. وقال القيادي المعارض العميد أحمد رحال، لـ«الشرق الأوسط»، إن «أي عمل عسكري يستهدف مواقع الثوار أو محاولة، أو يكون محاولة للاستيلاء على مواقع جديدة، هو خرق للهدنة»، مشيرا إلى أن هجوم النظام على ريف اللاذقية «يندرج ضمن هذا الإطار». وأوضح أن الفصائل الموجودة في ريف اللاذقية هي «الفرقة الأولى الساحلية التي تنتشر في جبل الأكراد، واللواء العاشر والفرقة الثانية الساحلية اللذان ينتشران في جبل التركمان، وهي فصائل مدعومة من غرفة الموك في الأردن، يعني أنها مدعومة من الولايات المتحدة الأميركية، مما ينفي عنها شبهة الإرهاب». وحول وجود قوات تابعة لـ«جبهة النصرة» المستثناة من اتفاق الهدنة في المنطقة، قال رحال: «من أصل 8 آلاف مقاتل معارض يتبعون الجيش الحر موجودين في ريف اللاذقية، هناك 70 أو 80 مقاتلا فقط من جبهة النصرة، لا يشاركون في العمليات، وهم يرابطون في مواقعهم العسكرية الخاصة والخنادق الخاصة بهم»، مؤكدا «اننا لا نتوافق معهم فكريا وعقائديا». وقال مسؤول معارض والمرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس، إن قوات النظام السوري شنت هجوما على تل كباني الذي تسيطر عليه قوات المعارضة في شمال غربي سوريا، وكان مدعوما بغارات جوية روسية. ويطل التل على بلدة جسر الشغور التي تسيطر عليها قوات المعارضة في محافظة إدلب المجاورة وسهل الغاب الذي اعتبر تقدم المعارضة فيه العام الماضي بمثابة تهديد متزايد للنظام السوري. وقال فادي أحمد، المتحدث باسم «الفرقة الأولى الساحلية» التي تقاتل تحت راية الجيش السوري الحر، إن قوات النظام وقوات أخرى تحاول الإغارة على التل تحت غطاء جوي روسي كثيف ونيران المدفعية. وأشار إلى أن «المعارك مستمرة في مناطق حيوية يريدها النظام ولم تطبق فيها الهدنة من الأساس. هناك معارك وقصف». وأفاد المرصد السوري بسقوط صواريخ يعتقد أنها أرض – أرض على منطقة الزعينية عند أطراف جبل الأكراد قرب الحدود الإدارية مع محافظة إدلب ومناطق أخرى عند الحدود بين محافظتي إدلب ولواء إسكندرون، بينما استهدفت قوات النظام بعشرات القذائف الصاروخية أماكن في منطقة كبانة بجبل الأكراد في ريف اللاذقية الشمالي. وتوسع القصف ليشمل مناطق في بلدة بداما ومناطق أخرى بريف مدينة جسر الشغور بالريف الغربي لمدينة إدلب. وشمل القصف بلدة حربنفسه ومنطقة السرمانية بسهل الغاب في ريف حماه الشمالي الغربي، بينما جددت قوات النظام استهدافها بنيران الرشاشات الثقيلة لمناطق في مدينة تلبيسة بريف حمص الشمالي، كما قصفت مناطق في بلدة زمرين بريف درعا، كذلك في اليادودة. واندلعت اشتباكات بين الفصائل الإسلامية والمقاتلة من جانب، وقوات النظام والمسلحين الموالين لها من جانب آخر، في محيط منطقة رسم عميش بريف حلب الجنوبي، في حين تواصلت المعارك بعدة محاور بالريف الشرقي، بين تنظيم داعش من طرف، وقوات النظام والمسلحين الموالين لها من طرف آخر، حيث كانت قوات النظام قد سيطرت قبل ساعات على قرية فاح بالريف الشرقي. كما تحدث ناشطون عن معارك بين قوات النظام وتنظيم داعش في ريف محافظة السويداء في جنوب البلاد. في غضون ذلك، قتل 18 عنصرا من فصيل «جبهة ثوار سوريا» المعارض بينهم أربعة قادة، جراء تفجير سيارة مفخخة استهدفت مقرا للفصيل في قرية العشة في الريف الجنوبي لمحافظة القنيطرة القريبة من الحدود مع الجولان المحتل في جنوب سوريا. ويعد فصيل «جبهة ثوار سوريا»، وفق عبد الرحمن، من بين الفصائل الأكثر نفوذا في محافظة القنيطرة إلى جانب جبهة النصرة، وهو يتلقى دعما من دول غربية وعربية، خصوصا الأردن المجاور. وأسهم فصيل «جبهة ثوار سوريا» إلى جانب مجموعات أخرى في طرد تنظيم داعش من محافظة القنيطرة منذ أكثر من عام. وقال مصدر من المعارضة إن الهجوم نفذه على الأرجح إسلاميون متشددون. وقال صهيب الرحيل المتحدث باسم ألوية الفرقان التي تعمل في المنطقة، إن الهجوم نفذته على الأرجح «خلايا نائمة تابعة لـ(داعش)» في إشارة لتنظيم داعش.
مشاركة :