كنا نعتقد أن ظاهرة تسيب العمالة وتزايد أعداد المخالفين أصبحت فعلا ماضيا قبل أن يثبت العكس، بل قبل أن نستيقظ من جديد على مشاهد لا تليق بالمرحلة مسرحها بوابات محال السباكة والكهرباء والدهان وقطع غيار السيارات وبعض أنشطة خدمات الصيانة، حيث تتكدس عمالة ليست مهنية لتمارس التشوه البصري مضاف إليه مخرجات سيئة بعيدة عن مفاهيم الصيانة، والأدهى والأمر أن تصافح أعيننا عمالة سائبة أمام مركز الفحص الدوري للسيارات تتخطف المارة وتدعي تسهيل مهمة زائريه! المؤسف أن المشهد يتكرر رغم المكافحة المؤقتة، ما يعني أهمية تعزيز هيبة النظام في نفوس المستهترين، خاصة أصحاب المحال الداعمين لهذا السلوك بدافع تسويقي، ولن يتحقق الحل برقابة تتوارى تحت سطوة نشاطها تلك الممارسات لتعود من جديد، ولهذا فالحسم يقتضي إيجاد مراكز تخصصية داخل المدن وفي أطرافها، وفق مواصفات تضمن السلامة والنظافة والرقابة الذاتية مهامها احتواء مؤسسات الأنشطة آنفة الذكر دون سواها مع الضرب بيد من حديد على المستعينين بتلك العمالة من المواطنين والمقيمين وحمايتهم من شرور أعمالهم على اعتبار أن هذا الفعل جزء من آفة التستر التي بدأت تنقرض بالحزم لتنبت بأشكال مختلفة وتترعرع تحت جناح العاطفة ذلك أن الاستسلام لمشاهد عمالة سائبة غير مدربة محمية من أبناء الجلدة تدعي زورا إصلاح السيارات وسط الشوارع الرئيسة والفرعية للمدن أمر غير مقبول، خاصة وقد آذى أبصارنا مشهد الزيوت المسكوبة على قارعة الطرق بشكل عشوائي مقزز ومؤلم لا يليق بمظاهر وملامح نتائج رؤية عظيمة بدأنا نقطف ثمارها بعد أن بلغنا مزهوين بالفخر تخوم جودة الحياة الهدف المتحقق والمرسوم، الظاهرة تتفاقم وتزداد إيلاما ومعالجتها بالمسكنات لا يحقق التطلعات ذلك أن الترخيص على سبيل المثال لمحال قطع غيار السيارات وزينتها ومركز الفحص الدوري بجدة تحديدا في مواجهة مدخل ومخرج المطار ومحطة القطار أمر غير مفهوم رغم إمكانية توزيع تلك الخدمات ضمن أسوار لمراكز حضارية متعددة تحمل طابعا معماريا موحدا، وتطبق مواصفات واشتراطات صارمة لتخدم الجميع، وهو الأمر المتاح، ولا أعتقد أن هناك ما يعوق الإقبال لتلبية تلك الحاجة من باب الرفق بشوارعنا وحدائقنا من عبث العابثين والمتعاطفين بمبرر مقولة "قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق"، وجلهم مستفيدون رغم أنهم لا يقبلون مدفوعين بالإيمان بالمقولة نفسها التغاضي عن مروجي المخدرات، فالممارستان ضمن قوائم المخالفات المنهي عنها رغم اختلاف حجم الضرر، ولهذا جاز لنا القول "لا والله، بل قطع الأرزاق ولا قطع الأعناق".
مشاركة :