80 في المئة إن لم يكن أكثر من العاملين في تسويق العقار في السعودية وافدون ووافدات قدموا لتنفيذ مهام أخرى ليست ذات علاقة بما يفعلون ليل نهار، وجل هؤلاء سائبون مع شديد الأسف، بحكم تستر الكفيل وغياب الرقابة، فإذا كنت من ذوي الحاجة إلى شراء عقار وساقتك الأقدار لتصفح الإنترنت والتجول في فضاءات مواقع التسويق بما في ذلك الصحف الرسمية المقروءة ستصدم حقاً بالواقع المرير لأحوال سوق العقار، بعد أن أضحت مرتعاً لأحلام الثراء السريع وتوارت عن جنباتها رقابة الرقيب وجهود محدثي التنظيم وعقوبات مطبقي القانون، وعندما تنقل تلك الملاحظات الخطيرة إلى مسامع أصحاب مكاتب العقار النظاميين تصطدم حيناً بعبارة «قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق» مثلما تتلقى عبارات أسًى مبلولة باليأس من صلاح الوضع، وكأن الواقع غير قابل للتصحيح على الإطلاق، على رغم محاولات واجتهادات وتجارب معرفتها فقط تدعو للتساؤل عن سر الإصرار على أن تظل الحال على ما هي عليه. لماذا لم تشهد مهنة تسويق العقار تطوراً يكفل للبائع والمشتري حقوقهما، على حد سواء، على اعتبار المسوق النظامي المرخص شركة كانت أو مؤسسه ذات مسؤولية كاملة عن كل ما يتعلق بالعقار عوضاً عن قبض ثمن سعي من دون سعي يمكن ذكره؟ لماذا يقتصر دور الوسيط على تسهيل لقاء البائع بالمشتري ويتم إغفال حفظ حقوقهما بتقديم أصول المستندات على سبيل المثال والتعهد بتعديل مسار الأخطاء إن ظهرت؟ ثم لماذا لا يتم دمج كل هؤلاء المسوقين والمسوقات بالمكاتب العقارية، بغض النظر عن جنسياتهم وأجناسهم طالما كنا متساهلين؛ ليعملوا من خلالها على تحديد المسؤولية لا غير؟ لماذا لا يربط كاتب العدل مسألة نقل ملكية العقار بوجود الطرف الثالث المكتب العقاري لتحميله مسؤولية صحة عقد البيع بكل بنوده؛ ليطمئن قلب المشتري وتزول الفوضى؟ لماذا لا تعمل الجهات ذات العلاقة بالحد من ظاهرة مسوقات الجوال من الوافدات على هذا النحو المخيف؟ فالحال تجاوزت الحد المقبول وباتت مهددة بانهيار أخلاقيات التسويق، في ظل عدم الدقة بالعروض وتظليل المشتري وإهدار وقته رغم أن استنساخ تنظيمات الدول المتقدمة في هذا المجال تحديداً أمر غير مكلف ألبتة، فإلزام البائع بالتعاقد الحصري مع مكاتب التسويق ولمدة معلومة من أهم عوامل القضاء على ظواهر عرض عقارات من دون علمهم فيما يؤدي إلى بخس الناس أشياءهم من دون تكليف أو معرفة مسبقة، فالكثيرون في خضم الفوضى التسويقية يتفاجأون بعرض عقاراتهم من دون علمهم، ولهذا ظهر من يعلن عن عدم الرغبة في البيع كفعل احترازي وقائي من ضرر مسوقي ومسوقات الجوال إلى أن تصحح أحوال السوق، وكثيرون فوجئوا بلوحات تسويقية وكتابات جدارية تعلو عقاراتهم، فاضطروا إلى محوها ولم يعثروا على مسؤول يمكن مقاضاته، فجوال المتهم مجهول، وإذا ما عاتبت صاحبه تلقيت إجابات متشابهة، جلها قيل لي إن العقار للبيع، وستتكرر هذه العبارة كلما سألت أحدهم في فضاءات مواقع التسويق المفتوحة. أدركوا سوق العقار بالتنظيم والتطبيق؛ لترشيد أوقات المحاكم، فجل القضايا عقارية تتعلق بحقوق المالك والمشتري، وقبيلة مسوقي القيل والقال. * كاتب سعودي. mfbbddsh@gmail.com
مشاركة :