أحيا ملايين المسلمين الشيعة حول العالم أمس، يوم عاشوراء، (العاشر من المحرم)، ذكرى مقتل الإمام الحسين، وشهد العراق والكويت وإيران ولبنان والهند وباكستان والبحرين والسعودية وسورية، ودول أخرى حول العالم فعاليات ضخمة لإحياء هذا اليوم. ففي العراق، توافد مئات آلاف الزوار من داخل البلاد وخارجها الى مدينة كربلاء حيث مرقد الإمام الحسين حفيد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، والتي تحمل زيارتها رمزية كبرى في هذه الذكرى. وفي محيط مرقدي الإمام الحسين وأخيه العباس في المدينة الواقعة وسط العراق، تجمّع مئات الآلاف، رجالاً ونساء وأطفالاً على السجادات الحمراء المحيطة بالمبنى ذي القبب الذهبية منذ ليلة الاثنين ـ الثلاثاء. وجلس بعض الزوار المتشحين بالسواد صباح أمس على الأرض داخل مرقد الإمام الحسين، وسالت دموعهم تأثراً بصوت القصائد الندبية المغنّاة التي تشيد بمآثره وتستذكر واقعة مقتله، فيما افترش آخرون الأرض في الخارج تحت الشمس الحارقة، وضرب آخرون على صدورهم تعبيراً عن الحزن. ونشرت السلطات العراقية عشرات الآلاف من القوات الأمنية في مختلف صنوفها في محيط الأضرحة والمراقد المقدسة والجوامع والحسينيات والشوارع لتأمين الحماية للزائرين والحشود المشاركة فى إحياء الذكرى. وقال رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني في خطاب متلفز، «إن إصلاح الإمام الحسين ترك فينا إلى يومنا هذا نبعاً من القيم العليا والذخيرة التي تُعينُ كلَّ متصدٍ للفساد وتسند كل ساعٍ لترسيخ العدالة الاجتماعية، وكلما اشتدت الفوضى وتسيّد خطاب التجهيل، عُدنا لمواقفِه لتمنحنا ضوءاً صافياً». وأضاف أن «الإمام الحسين نهض في وقت تدهورت فيهِ أوضاعُ الأمّة، وتعرّض فيه أصلُ الرسالة المحمدية إلى محاولة للتشويه، وتعرّض الناس للإخضاع بالسيف أو بالمال، واستبيحت الأموال العامة لصالح عصبة ظالمة». وتأتي ذكرى عاشوراء هذا العام على وقع حوادث شهدت تدنيس المصحف في السويد والدنمارك ودفعت العراق إلى طرد السفيرة السويدية، فيما قام العشرات من مناصري مقتدى الصدر في 20 الجاري بحرق السفارة السويدية احتجاجاً. واستنكر خطباء المنابر تدنيس المصحف. وامتلأت شوارع كربلاء كذلك بالمواكب الخدمية التي تقدّم الطعام والماء للزوار. ورغم الإجراءات، قضى 4 أشخاص ليل الجمعة ـ السبت جراء حريق وقع في سوق تجاري قرب ضريح الإمام الحسين في كربلاء، كما أعلن الدفاع المدني العراقي. وشهدت سورية هجوماً تبناه تنظيم داعش بعبوة ناسفة استهدف، الخميس، منطقة السيدة زينب في جنوب دمشق، أحد مواقع الزيارة الشيعية الرئيسية في سورية، وقُتل فيه 6 أشخاص على الأقل. وشهدت البحرين تجمعات لإحياء ذكرى عاشوراء بالعاصمة المنامة والقرى المختلفة، حيث قامت النساء المتطوعات بطهي الطعام بكميات كبيرة لتوزيعها في أنحاء البلاد، بحسب «رويترز». وفيما تشهد العلاقات السعودية ـ الإيرانية تحسناً، نشرت قناة الإخبارية الرسمية السعودية تقريرا عن استعداد مواطنين لإحياء موسم عاشوراء بمحافظة القطيف. وأشارت تقارير محلية إلى تنظيم أكثر من 2500 مأتم حسيني، مضيفة أن نحو 25 ألف متطوع شاركوا في خدمة المآتم. وقال مصطفى الموسى أحد خطباء المنبر لـ «الإخبارية»: «هناك حرية في إقامة المآتم الحسينية، سواء على مستوى الخطباء أو المعزين أو الحضور، والأمور جيدة جداً، ولا نعاني أي مشكلة في إقامة الشعائر». وأوضح فوزي السيف أحد خطباء المنبر: «تقوم الدولة بجهد كبير ومقدّر في مختلف المجالات بما في ذلك مكافحة المخدرات». وأضاف القاضي المساعد بدائرة الأوقاف والمواريث في القطيف صالح الملاحي: «تضافرت الجهود من الجهات والإدارات الحكومية المعنية لتنظيم موسم عاشوراء، فأسفر هذا التعامل عن هذا النجاح المتميز الذي نفخر به ونتطلع إلى المزيد من التميز والنجاح». وقالت «الإخبارية» إن المراسم جسدت «لوحة تعايش ديني عميقة بين رجال الأمن والمواطنين، وتعكس الحرية الدينية والتسامح الذي يحظى به الشيعة في المملكة». وفي لبنان، استغل الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصرالله، الذكرى لتحذير إسرائيل من «ارتكاب أي حماقة، لأن المقاومة لن تتهاون أو تتخلّى عن مسؤولياتها». وقال نصرالله إنّ «السويد والدنمارك وكل العالم يجب أن يفهم أنّنا أمة لا تتحمل الإساءة إلى مقدساتها»، داعياً الدول الإسلامية في الاجتماع المقبل لوزراء خارجيتهم إلى اتخاذ مواقف وإبلاغ «رسالة حاسمة وحازمة بأن الاعتداء مجدداً سيقابل بالمقاطعة الاقتصادية والسياسية». كما شنّ نصرالله هجوما هو الثاني خلال أيام على «المثليين»، معتبرا أنهم يشكلون «خطراً داهماً»، داعياً السلطات اللبنانية إلى التحرّك، ومتهما المنظمات غير الحكومية بالترويج لهم.
مشاركة :