اتسمت الدورة السادسة من فعاليات مهرجان الكتاب المستعمل بالشارقة، التي تقام تحت شعار كنز المعرفة، بالتجديد والابتكار، وشهدت فعالياتها تنويعاً جعلها مقصداً لكثير من الزوار، طوال أيام المهرجان. حشود كبيرة تبحث عن عناوين مختلفة، وصفوف أطول تحكي رحلة عناوين الكتب المستعملة ومحتوياتها من يد لأخرى ومن جيل للذي يليه، ليعيد المهرجان إعادة إنتاجها من جديد، ويبث الروح فيها بشكل يكسبها الاستمرار، ويضيف إلى قيمتها الكثير. ويؤسس المهرجان، الذي نظمته مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية لبعد اجتماعي إنساني لايقل ثراءً عما تحتويه الكتب المعروضة فيه، فريعه الذي بلغ نحو 383 ألف درهم خصص بأكمله لمصلحة الأشخاص من ذوي الإعاقة وتطوير البرامج والخدمات المقدمة لهم على أكثر من صعيد. أكثر من 300 ألف كتاب في مختلف المجالات والتخصصات والمواضيع، كانت تتوزع في أرجاء المهرجان لخمسة أيام لتجذب أكثر من 50 ألف زائر، قضوا ساعات مختلفة في تصفحها وشرائها، وفي البال ما يمكن أن يفعله عائد المهرجان للشرائح المستهدفة، دون إغفال للاستفادة التي تعود عليهم من الفعالية ذاتها، فاقتناء كتاب بالسعر الرمزي يمثل مكسباً كبيراً للمكتبة الشخصية للفرد، كما يسهم في المحافظة على تنمية وتنشيط القراءة في عامها، الذي تحتفي به جميع مؤسسات الدولة، تأكيداً لأهمية الكتاب ودوره الكبير في تكوين ثقافة الفرد والمجتمع على الرغم من ثورة التكنولوجيا التي نعيشها. ذوو الإعاقة الذين أقيم المهرجان لأجلهم كانوا حضوراً، بدءاً من الممشى المخصص لهم، مروراً بجميع منصات العرض التي أطلوا منها ليرسموا صورة أخرى للبذل والعطاء، وهي القيم التي عمل المهرجان على تكريسها، من خلال التطوع، فجميع من زار باحة المهرجان كان يتساءل عن الحركة التي لا تهدأ لفرق المتطوعين التي تجوب الساحة جيئة وذهاباً، ليرشد أفرادها زائراً إلى قسم يطلبه أو يجلبون مجموعة عناوين لسيد تقدم به العمر. كانت تلك التساؤلات مقرونة بأخرى تدور في خلد كثيرين ممن قضوا أياماً في الفعالية، فكيف تم تجميع كل هذه العناوين في هذا المحفل، ومن فرزها وصنفها؟ وهي التساؤلات التي تجيب عنها عبير عبيد الضباح، قائد فريق فخر الوطن التطوعي، الذين شاركوا في الفرز والتسعير قبل المعرض وتنظيم وبيع الكتب حتى طوى المهرجان أيامه. تقول الضباح: المهرجان يعني لنا الكثير لكونه يوفر فرصة ذهبية للعمل الطوعي، لذلك بادرنا منذ إعلان مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية عن فتح التبرعات للمهرجان، وتابعنا معهم عمليات الاستلام ثم شرعنا مباشرة في الفرز وساعدناهم في التجميع وكانت ملحمة كبرى، حتى خلقنا علاقة وطيدة مع الكتب وأضافت لنا التجربة التطوعية الكثير في عملنا، مشيرة إلى أن المهرجان وفر لهم فرصة للتعرف إلى العديد من العناوين والمهتمين الذين يمكن أن يخرجوا بأفكار مختلفة لدعم مشاريعهم التطوعية. في ذات الاتجاه يمضي محمد أحمد، من فريق قمة التطوعي، مشيراً إلى أنهم أسهموا في تذليل العقبات أمام الزوار وتسهيل وصولهم للكتب التي يريدونها، مبيناً أن الأيام تسرّبت بسرعة من بين أيديهم، وتمنى لو امتدت الأيام بالفعالية لكونها أسمهت في خلق أجواء جميلة في الشارقة، فضلاً عن كونها قيمة كبيرة للعمل التطوعي. أما أحمد أبو الخير، من فريق تكاتف التطوعي، فيبين أن مشاركتهم في فرز الكتب وتنظيم الفعالية واستقبال الزوار وإرشادهم وتسهيل مهمتهم، مشيراً إلى أن المهمة كانت صعبة في البداية إلا أنه ومع التجربة مضت الأمور بشكل جيد. كتب في التاريخ والجغرافيا، ومطبوعات قيمة في الفلسفة والعلوم الإنسانية نفدت طبعتها الأولى من الأسواق، بالإضافة لمؤلفات أخرى في ضروب معرفية مختلفة، حسب ما يؤكد عمر منعم، أحد الزوار، مشيراً إلى أن المهرجان مثل لهم فرصة طيبة، وأنه يشجع على القراءة ويرسل مجموعة من الرسائل التوعوية التي تتعدى ذوي الإعاقة، إلى الاهتمام الكبير الذي تبديه الشارقة بالكتاب المستعمل. يوافقه في الرأي صديقه نور الدين عبد المجيد، مضيفاً: انتظرنا المعرض لعامين كاملين، لما يمثله لهم من فرصة لاقتناء كتب متنوعة وعناوين مختلفة بأسعار زهيدة، فضلاً عن البعد الإنساني الكبير الذي ارتبط به المعرض، ويطالب عبد المجيد بتعميم التجربة لكونها تعيد الاعتبار للقراءة والمعرفة وتسهم في إعادة الروح للكتب كما تعم فائدتها جميع فئات المجتمع. ويرى محمد علي سالم الزحمي، من الفجيرة، أن المعرض عبارة عن كنز فتحته مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية للإماراتيين، مشيراً إلى أنه اقتنى مجموعة من الكتب بأسعار رمزية في مختلف ضروب المعرفة، مشيراً إلى أنه يعتمد على المعرض في دعم متحفه ومكتبته التراثية. ويضيف: المعرض أبرز دوراً شبابياً رائعاً، ويمكن أن يسهم في إنتاج جيل يعمل في التنظيم والإدارة والفرز، بكل براعة، مشيداً بالجهود الكبيرة التي بذلها المتطوعون، وهي ذات الإشادة التي دفع بها نواف العبيدلي، قائلاً: المعرض جميل ويحتوي على حزمة من الكتب في مجموعة من المعارف والعلوم المختلفة، كذلك هنالك توزيع ممتاز وتصنيف جيد، لكن أعتقد أنه من الأفضل الاستعانة بالفهرسة الإلكترونية حتى توفر جهود البحث على كثير من الزوار، أسوة بما يتم في معارض الكتاب المختلفة.
مشاركة :